«النقض»: الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم

أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 2121 لسنة 91 قضائية، أن الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم مادام قد وصف الفعل وبين واقعة الدعوى موضوع الإدانة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها ، فإن خطأ الحكم بتخصيص المادة 38 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بفقرتها الأولى فقط دون إضافة الفقرة الثانية أيضاً لا يعيبه ، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع في أسباب الحكم المطعون فيه وذلك بإضافة الفقرة الثانية من المادة 38 المذكورة عملاً بنص المادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.

المحكمـــة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :

حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.

حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر الهيروين المخدر بغير قصد من القصود المسماة وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، ومخالفة الثابت بالأوراق ، ذلك أنه لم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً تتحقق به أركان الجريمة التي دانه بها والظروف والملابسات التي وقعت فيها ولم يورد مؤدى ومضمون الأدلة التي استند إليها في الإدانة ، وأطرح برد غير سائغ دفوعه ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية لشواهد عددها.

وبطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما بدلالة التلاحق الزمني في الإجراءات ، وعول في الإدانة على أقوال ضابطي الواقعة رغم عدم صلاحيتها للإدانة وعدم معقولية تصويرهما للواقعة ، والتفت برد غير سائغ عن دفوعه بانتفاء صلة الطاعن بالمضبوطات ودس المخدر عليه والاختلاف بين الأصناف والعقاقير المضبوطة ، كما خلص الحكم إلى توافر القصد المجرد في حقه دون أن يدلل على ذلك تدليلاً كافياً ، ولم يعرض للمستندات المقدمة منه وأقوال شهود النفي التي تنفي الاتهام عنه وخالف الثابت بالأوراق ، وقضت المحكمة في الدعوى دون تمكينه من المرافعة أو إبداء دفوعه بمحضر الجلسة ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستقاة مما قرره ضابطي الواقعة ومن تقرير المعامل الكيماوية. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون قد أوجب على كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأن يورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها ، ولم يرسم القانون شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة.

لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز مخدر بغير قصد من القصود المسماة المسندة إلى الطاعن ، وأورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة كما سلف بيانه فإنه ينحسر عن الحكم قالة القصور في التسبيب ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره – كما هو الشأن في الدعوى المطروحة – فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.

لما كان ذلك ، وكان الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناءً على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة وأن الضبط كان بناءً على إذن النيابة العامة بالتفتيش فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع بغير معقب ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ولما كانت المحكمة قد أطمأنت إلى أقوال ضابطي الواقعة وصحة تصويرهما للواقعة فإن منازعة الطاعن في القوة التدليلية لشهادة الضابطين على النحو الذي أثاره في أسباب طعنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.

لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بانتفاء صلته بالمضبوطات ودس المخدر عليه والاختلاف بين الأصناف والعقاقير المضبوطة ومن ثم فلا يجوز النعي عليها إغفالها الرد على دفاع لم يثر أمامها ، هذا فضلاً عن أنها من أوجه الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم مادام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.

لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى ثبوت إحراز الطاعن للمخدر المضبوط بركنيه المادي والمعنوي ثم نفى توافر قصد الإتجار في حقه واعتبره مجرد محرز للمخدر وعاقبه بموجب المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 التي لا تستلزم قصداً خاصاً من الإحراز بل تتوافر أركانها بتحقيق الفعل المادي والقصد الجنائي العام وهو علم المحرز بماهية الجوهر علماً مجرداً من أي قصد من القصود الخاصة المنصوص عليها في القانون فإن في ذلك ما يكفي لحمل قضائه بالإدانة على الوجه الذي انتهى إليه ويضحي ما يثيره الطاعن بوجه طعنه غير قويم.

لما كان ذلك ، وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعيه وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى.

كما أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي مادامت لا تثق بما شهدوا به ، دون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم أو الرد عليها رداً صريحاً ، إذ أنه من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحةً على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.

لما كان ذلك ، وكان قضاء محكمة النقض قد استقر على أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً وكان الطاعن لم يفصح بأسباب طعنه عن أوجه مخالفة الحكم المطعون فيه للثابت بالأوراق فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.

لما كان ذلك ، وكان لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً، إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته بالمحضر كما عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل إقفال باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم أن يقدم الدليل على ذلك وأن يسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم ، وكان البين من جلسات المرافعة أنها جاءت خلواً مما يدعيه المحكوم عليه من مصادرة حقه في الدفاع بل أن الثابت أن المحكمة مكنت المدافع عنه من الترافع في الدعوى وإبداء دفاعه كاملاً بما لا يوفر الإخلال بحق الدفاع ، ويكون هذا الزعم غير قويم. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم مادام قد وصف الفعل وبين واقعة الدعوى موضوع الإدانة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها.

فإن خطأ الحكم بتخصيص المادة 38 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بفقرتها الأولى فقط دون إضافة الفقرة الثانية أيضاً لا يعيبه ، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع في أسباب الحكم المطعون فيه وذلك بإضافة الفقرة الثانية من المادة 38 المذكورة عملاً بنص المادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959. ولما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.

أمين الســـر رئيس محكمة النقض

abdo

صحفي بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين؛ عمل في العديد من إصدارات الصحف والمواقع المصرية، عمل بالملف السياسي لأكثر من عامين، عمل كمندوب صحفي لدى وزارتي النقل والصحة، عمل بمدينة الإنتاج الإعلامي كمعد للبرامج التلفزيونية.
زر الذهاب إلى الأعلى