«النقض»: التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه

أكدت مححكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 2131 لسنة 90 قضائية، أن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان تقدير الأدلة هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها، وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها ولها تجزئة الدليل المقدم لها وأن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما لا تثق فيه من تلك الأقوال إذ مرجع الأمر في هذا الشأن إلى اقتناعها هي وحدها وليس ما يمنعها بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في أقوال شاهد الإثبات وأدلة الإدانة ما يقنعها باقتراف الطاعن جريمتي استعراض القوة والتلويح بالعنف.

المحكمـــة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :

من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.

ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي استعراض القوة والتلويح بالعنف والإتلاف العمد لمال منقول مملوك للغير، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب، والفساد في الاستدلال، وانطوى على الإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه لم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمتين اللتين دانه بهما ومضمون مؤدى الأدلة التي عول عليها في الإدانة، وتناقض الحكم في أسبابه إذ عول في إدانة الطاعن على الأدلة القائمة في الدعوى قبله ثم عاد وأهدرها حين قضى ببراءته عن تهمتي الخطف وإحراز سلاح ناري بغير ترخيص مما ينبئ عن اضطراب صورة الواقعة في ذهن المحكمة.

وعدم الإلمام الكافي بها، كما عول في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات رغم كذب أقوالهم وتناقضها وعلى تحريات الشرطة مع أنها جاءت ترديداً لأقوال شهود الإثبات وأن مجريها لم يشهد الواقعة ولم يفصح عن مصدر تحرياته ورد الحكم على الدفع بعدم جديتها بما لا يكفي ولم تفصح المحكمة عن سبب اطمئنانها إلى أدلة الإثبات، كما أن المحكمة عدلت وصف التهمة دون لفت نظر الدفاع إلى هذا التعديل، وأخيراً فقد التفت الحكم عما أبداه دفاع الطاعن من دفاع ودفوع جوهرية بجلسة المحاكمة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي استعراض القوة والتلويح بالعنف والإتلاف العمد اللتين دان الطاعن بهما، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، مورداً في بيان جلي واف – خلافاً لما يزعمه الطاعن بأسباب طعنه – وبما يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة، واستقرت في وجدانها، وجاء استعراض المحكمة لتلك الواقعة، وهذه الأدلة على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة.

ومتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، وتتوافر به جميع الأركان القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان تقدير الأدلة هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها.

وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها ولها تجزئة الدليل المقدم لها وأن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما لا تثق فيه من تلك الأقوال إذ مرجع الأمر في هذا الشأن إلى اقتناعها هي وحدها وليس ما يمنعها بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في أقوال شاهد الإثبات وأدلة الإدانة ما يقنعها باقتراف الطاعن جريمتي استعراض القوة والتلويح بالعنف، والإتلاف العمدي، ولا ترى في هذه الأدلة ما يقنعها بارتكابه جريمتي الخطف وإحراز سلاح ناري غير مششخن بدون ترخيص والتي قضت المحكمة بتبرئته منهما، ولا يعتبر هذا الذي تناهى إليه الحكم افتئاتاً منه على الدليل أو ما يقوم به التناقض في التسبيب، وكان الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة الطاعن من تهمتي الخطف وإحراز سلاح ناري بغير ترخيص المسندتين إليه استناداً إلى تشككه في إسناد الاتهام إلى الطاعن.

وهو ما لا يعيبه بالنسبة لما قضى به في جريمتي استعراض القوة والإتلاف العمدي التي أثبت وقوعهما من الطاعن وأقام الأدلة السائغة على ثبوتهما في حقه، وما يكفي لحمل الحكم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب وكان من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.

وأن لها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى مادامت قد اطمأنت إليها كما أن التناقض بين أقوال الشهود – على فرض حصوله – لا يعيب الحكم مادام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشهود وصحة تصويرهم للواقعة وحصلت أقوالهم بما لا تناقض فيه، كما أن المحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم.

وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة على بساط البحث بالجلسة ودارت حولها المرافعة وهي وقائع الخطف وإحراز سلاح ناري غير مششخن بغير ترخيص واستعراض القوة والإتلاف العمدي، هي بذاتها التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به، وكان مرد التعديل هو عدم قيام دليل على توافر جريمتي الخطف وإحراز سلاح ناري واستبعادهما من القيد والوصف للعقوبة دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عنصر جديد، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد. هذا فضلاً عن أنه لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بشأن جريمتي الخطف وإحراز سلاح ناري غير مششخن بدون ترخيص مادامت العقوبة المقضي بها عليه تدخل في حدود عقوبة جريمة استعراض القوة والتلويح بها.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً وحدداً وكان الطاعن لم يبين ماهية دفوع الطاعن الجوهرية والتي التفت الحكم المطعون فيه عن الرد عليها بل أرسل القول ارسالاً مما لا يكون معه مراقبة ما إذا كان الحكم قد تناوله بالرد أو لم يتناوله وهل كان دفاعاً جوهرياً مما يجب على المحكمة أن تجيبه أو ترد عليه أو هو من قبل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم في الأصل رداً بل الرد عليه مستفاد من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله.

لما كان ذلك، وكان إغفال الحكم المطعون فيه توقيع عقوبة وضع المحكوم عليهم جميعاً تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المحكوم بها على كل منهم، مما يؤذن بتصحيحه وفقاً للقانون والقضاء بوضع كل محكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية للعقوبة المقضي بها عليه إلا أنه لا يجوز تصحيحه حتى لا يضار الطاعن بطعنه، هذا فضلاً، عن أنه ومن المقرر وفق نص المادة 375 مكرر من قانون العقوبات تنص على مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد واردة في نص أخر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من قام بنفسه أو بواسطة الغير باستعراض القوة أو التلويح بالعنف أو التهديد بأيهما أو استخدامه ضد المجني عليه أو مع زوجه أو أحد أصوله أو فروعه.

وذلك بقصد ترويعه أو التخويف بإلحاق أذى مادي أو معنوي به أو الإضرار بممتلكاته أو سلب ماله أو الحصول على منفعة منه أو التأثير في إرادته لفرض السطوة عليه أو إرغامه على القيام بعمل أو حمله على الامتناع عنه أو لتعطيل تنفيذ القوانين أو التشريعات أو مقاومة السلطات أو منع تنفيذ الأحكام، أو الأوامر أو الإجراءات القضائية واجبة التنفيذ أو تكدير الأمن أو السكينة العامة، متى كان من شأن ذلك الفعل أو التهديد إلقاء الرعب في نفس المجني عليه أو تكدير أمنه أو طمأنينته أو تعريض حياته أو سلامته للخطر أو إلحاق الضرر بشيء من ممتلكاته أو مصالحة أو المساس بحريته الشخصية أو شرفه أو اعتباره.

وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات إذا وقع الفعل من شخصين فأكثر ، والمنطبقة على واقعة الدعوى موضوع الطعن الماثل وهي العقوبة المقررة للجريمة الأشد طبقاً لنص المادة 32 من قانون العقوبات، ولما كانت المادة 116 مكرر من القانون رقم 12 لسنة 1996 بإصدار قانون الطفل المضافة بالقانون رقم 126 لسنة 2008 تنص على أنه يزاد بمقدار المثل الحد الأدنى للعقوبة المقرر لأي جريمة إذا وقعت من بالغ على طفل أو إذا ارتكبها أحد والديه أو من له الولاية أو الوصاية عليه أو المسئول عن ملاحظته وتربيته.

أو ممن له سلطة عليه أو كان خادماً عند من تقدم ذكرهم وكان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وهي عقوبة تقل عن الحد الأدنى المقرر قانوناً مما ينطوي على الخطأ في تطبيق القانون بيد أنه لا سبيل إلى تصحيحه مادام أن النيابة العامة لم تطعن في الحكم حتى لا يضار الطاعن بطعنه طبقاً للمادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.

أمين الســـر رئيس محكمة النقض

abdo

صحفي بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين؛ عمل في العديد من إصدارات الصحف والمواقع المصرية، عمل بالملف السياسي لأكثر من عامين، عمل كمندوب صحفي لدى وزارتي النقل والصحة، عمل بمدينة الإنتاج الإعلامي كمعد للبرامج التلفزيونية.
زر الذهاب إلى الأعلى