«النقض»: التقارير الطبية تصلح كدليل مؤيد لأقوال الشهود

كتب: عبدالعال فتحي

أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم ٣١٥٣٦ لسنة ٨٥ قضائية ـ الدوائر الجنائية – جلسة ٢٠١٦/٠٦/٠٤، من المقرر أن التقارير الطبية وإن كانت لا تدل بذاتها على نسبة إحداث الإصابات إلى المتهمين ، إلا أنها تصلح كدليل مؤيد لأقوال الشهود في هذا الخصوص ، فلا يعيب الحكم إستناده إليها ، و من ثم فإن مجادلة الطاعنين في أن المحكمة لم تأخذ بما تضمنه تقرير المستشفى أو أنها عولت على تقرير الصفة التشريحية في نسبة إحداث إصابات المجنى عليها إليهما لا يكون لها محل .

الحكم

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً : –
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر فى القانون .
وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم إحداث عاهة مستديمة والضرب البسيط وإحراز أداة دون مسوغ ، قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أنه عول على أقوال المجنى عليهم والشهود رغم عدم صحتها وتناقضها ورد على دفاعه المثُار فى هذا الصدد بما لا يصلح رداً ، وعول على تحريات الشرطة رغم قصورها وتناقضها مع أقوال الشهود ورد على الدفع بعدم جديتها بما لا يسوغ ،
واستند فى نسبة إحداث إصابات المجنى عليهم إلى الطاعن على ما تضمنه تقرير الطب الشرعى رغم أنه لا يصلح دليلاً ولم يورد مضمونه ، كما رد على الدفع بالتناقض بين الدليلين القولى والفنى بما لا يسوغه ولم يعن برفع التناقض بينهما ، ورد على دفاعه بشيوع الإتهام وكيديته وتلفيقه ، ومن أن إصابة الطاعن بعجز بساقه تعوقه عن الحركة وتمنعه من الإعتداء
بما لا يسوغ ، والتفت الحكم عن المستندات المقدمة منه ودلالتها على نفى الإتهام عنه ،
وأخيراً لم تعن المحكمة بتمحيص الدعوى ولم تُلم بعناصرها عن بصر وبصيرة ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى
إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال المجنى عليهم وشهود الإثبات وما ثبت من تقرير الطب الشرعى .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتُقدره التقدير الذى تطمئن إليه
ومتى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يُفيد أنها أطرحت جميع الإعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض كل من الشهود وتضاربهم أو تناقض رواياتهم فى بعض تفاصيلها – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم أو يقدح فى سلامته ما دام أنه قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ولم يبُد تلك التفصيلات على نحو يركن إليه فى تكوين عقيدته ومن ثم يضحى منعى الطاعن فى هذا الصدد على غير سند .
لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض للدفع بعدم جدية التحريات بقوله ” وحيث أنه عن قالة الدفاع بعدم جدية تحريات الشرطة فهو غير سديد ذلك أن تقدير جدية التحريات من عدمه أمر موكول لسلطة التحقيق تحت إشراف ورقابة محكمة الموضوع والمحكمة تطمئن لصدق وجدية تحريات شاهد الإثبات الأخير وما شهد به بتحقيقات النيابة العامة من صحة قيام المتهم وآخرون بضرب المجنى عليهم وإحداث إصاباتهم وموافقة ذلك لظروف الدعوى وملابساتها وترفض معه المحكمة هذا الدفع للمتهم ” .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات هو من المسائل الموضوعية التى تخضع لإشراف محكمة الموضوع وأن للمحكمة أن تعول فى تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ،
وكانت المحكمة قد أبدت اطمئنانها إلى تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من أدلة أساسية
في الدعوى فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير أدلة الدعوى ولا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر
أن التقارير الطبية وإن كانت لا تدل بذاتها على نسبة إحداث الإصابات إلى المتهمين
إلا أنها تصلح كدليل مؤيد لأقوال الشهود فى هذا الخصوص فلا يعيب الحكم إستناده إليها
ومن ثم فإن مجادلة الطاعن فى أن المحكمة عولت على تقرير الطب الشرعى فى نسبة إحداث إصابات المجنى عليهم إليه لا يكون لها محل .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه
قد حصل التقرير الطبى الشرعى فى قوله ” وقد ثبت من التقرير الطبى الشرعى المبدئى والنهائى إصابة المجنى عليه الأول إصابة رضية بالرأس والساعد الأيمن ويحتاج لعلاج أكثر من عشرين يوماً وإصابة المجنى عليه الثانى بإصابة رضية بالرأس تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة هى فقد جزء من عظمة الجمجمة وحدوث تربنة بالرأس وإصابة رضية بالعضد الأيمن تحتاج لعلاج أكثر من عشرين يوم وإصابة المجنى عليه الثالث بإصابة رضية بالرأس أدت لحدوث تربنة وفقد جزء من عظمة الجمجمة وتخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة “.
فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بعدم إيراده مضمون التقرير الطبى الشرعى لا يكون له محل لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه .
لما كان ذلك ، وكان لا يلزم أن تُطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بتناقض الدليل القولى مع الدليل الفنى وأطرحه بقوله ” وحيث أنه عن قالة الدفاع بتناقض الدليل القولى مع الدليل الفنى فهو غير سديد ذلك أن المجنى عليهم قرروا بقيام المتهم وآخر بضرب المجنى عليهما الثانى والثالث كلاً بعصا على رأسه كما ضربا المجنى عليه الأول وجاء تقرير الطب الشرعى مؤيداً لذلك ولا يوجد ثمة تناقض بين ما شهد به المجنى عليهم وما أثبته تقرير الطب الشرعى من إصابات بهم وترفض معه المحكمة هذا الدفاع للمتهم ” . وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً فى إطراح دفاع الطاعن سالف الذكر فإن النعى عليه فى هذا الصدد يكون فى غير محله .
لما كان ذلك ، وكان الدفع بشيوع الإتهام وتلفيقه وكيديته من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم بل يكفى
أن يكون الرد مستفاداً من الأدلة التى عولت عليها المحكمة بما يُفيد إطراحها جميع الإعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بتعقب المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى فى كل جزئية يُثيرها واطمئنانها إلى الأدلة التى عولت عليها يدل على إطراحها لجميع الإعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها لها ، فلا يقدح فى سلامة الحكم إلتفاته عن الرد على ما أثاره الطاعن من أن إصابته بعجز بساقه تعوقه عن الحركة وتمنعه من الإعتداء ومن ثم يضحى منعاه فى هذا الشأن
في غير محله .
لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يكشف عن المستندات التى ينعى على المحكمة قعودها عن الرد عليها حتى يتضح مدى أهميتها فى الدعوى وهل تحوى دفاعاً جوهرياً مما يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه أم أنه من قبيل الدفاع الموضوعى الذى يكفى القضاء بالإدانة أخذاً بأدلة الثبوت رداً عليه بل ساق قوله فى هذا الصدد مرسلاً مجهلاً فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولاً . هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن الأدلة فى المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفى ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح فى العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التى اطمأنت إليها من باقى الأدلة القائمة فى الدعوى .
لما كان ذلك ، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه تُنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى وأحاطت بالإتهام المسند إلى الطاعن ودانته بالأدلة السائغة التى أخذت بها وهى على بينة من أمرها فإن مجادلتها فى ذلك بدعوى الفساد فى الاستدلال ينطوى على منازعة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
فلهــذه الأسبــاب
حكمت المحكمة : – بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه .
أمين الســـر رئيس الدائـــرة

 

زر الذهاب إلى الأعلى