«النقض»: الإفصاح عن المصدر في نية القتل «واجب».. والحيثيات تؤكد: التحريات ليست كلها صحيحة…. والواقعة الواحدة يختلف الناس في تفسيرها

كتب: عبدالعال فتحي

أصدرت الدائرة الجنائية – السبت «ج» – بمحكمة النقض، حكماً في الطعن المقيد برقم 25951 لسنة 85 القضائية، برئاسة المستشار مصطفى محمد أحمد، وعضوية المستشارين محمد جمال الشربيني، وكمال صقر، ومفتاح سليم، وبحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض محمد عزت، وأمانة سر رجب حسين.

طالبت فيه: «بضرورة وجوب الإفصاح عن المصدر، حيث إن التحريات ليست كلها صحيحة، وليست كلها لها سند من الأوراق، وأن كل ما يشاع عن الناس لا يصادف الحقيقة والصدق، فالواقعة الواحدة يختلف الناس في رؤاهم وتفسيرهم لها، ووجوبية أن يبين مجرى التحريات لاستظهار نية القتل عن مصدر التحريات وأن يتحقق القاضي منه بنفسه ليبسط سيطرته ويتحقق منها كدليل».

الوقائع.. قضية قتل

اتهمت النيابة العامة الطاعن في القضية رقم 16810 لسنة 2010 جنايات مركز المحلة الكبرى، بأنه في يوم 4 من أبريل 2010 بدائرة مركز المحلة – محافظة الغربية – قتل المجنى عليه عمداَ مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم على قتله وأعد لهذا الغرض سلاحاَ نارياَ غير مششخن “فرد خرطوش” وذخائر وسلاح أبيض وتوجه إلى المكان الذى أيقن سلفاَ وجوده فيه وما إن دنا منه حتى أطلق عليه عياراَ نارياَ صوب بطنه قاصداَ من ذلك قتله، فأحدث به إثابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية، والتي أودت بحياته.

المحكمة تقضى على المتهم بالإعدام

والمحكمة قررت بجلسة 19 مارس لسنة 2012 بإجماع الآراء بإحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة المفتي لاستطلاع الرأي فيما أسند للمتهم، وحددت جلسة يوم الثالث من شهر مايو لسنة 2012 للنطق بالحكم، وبعد ورود تقرير دار الإفتاء الذى انتهى فيه فضيلة المفتي إلى أنه إذا ما أقيمت هذه الدعوى بالطرق المعتبرة قانوناَ قبل المتهم، وقضت عليه المحكمة بمعاقبة الطاعن بالإعدام شنقاَ بما أسند إليه، فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض، وقضت محكمة النقض بقبول عرض النيابة العامة للقضية، وبقبول طعن المحكوم عليه شكلاَ وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.

بداية الواقعة.. شاب يصيب الأخر بضربه في وجهه

المحكمة فى حيثيات الحكم قالت أن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى فى قوله: “أنه على إثر خلافات سابقة ومشاجرة بين المتهم والمجنى عليه لسبق تعدى الأخير على الأول فى مشاجرة أزره فيها أبناء عمومته منذ قرابة العام وكان نتيجتها أن تعدى المجنى عليه على المتهم وأحدث به إصابة فى وجهه تركت علامة وأثراَ به كانت سبباَ لاستمرار المجنى عليه رمقه الدائم له باستخفاف واستهزاء، فأصبح بين أهالى قريته أضحوكة ومحل استهزاء، فامتلأت نفسه غيظاَ من المجنى عليه، فبيت النية وعقد العزم وصمم على الانتقام منه وقتله لإطفاء ناره وبعد تفكير هادئ وبعد أن هدأت النفس واستقرت الفكرة اعد لذلك سلاحاَ نارياَ، وقام بتنفيذ غرضه.

المحكمة تؤكد: التحريات ليست كلها صحيحة وليست كلها سند من الأوراق

ووفقا لـ”المحكمة” فى حيثيات الحكم من المقرر أن التحريات ليست كلها صحيحة وليست كلها سند من الأوراق وليس كل ما يشاع عن الناس يصادف الحقيقة والصدق، فالواقعة الواحدة يختلف الناس فى تفسيرها وفى رؤاهم عنها أيما اختلاف، وكان من المقرر أنه: “وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول فى تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاَ أساسياَ على ثبوت الجريمة، وكانت شهادة ضابط المباحث بأن تحرياته أسفرت عن توافر نية القتل لدى المحكوم عليه لم يبين بها مصدر تحرياته تلك لمعرفة ما إذا كان من شأنها أن تؤدى إلى صحة ما انتهى إليه من عدمه، فإنها بهذه المثابة لا تعدو أن تكون مجرد رأى لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب إلى أن يعرف مصدره ويتحدد كنهه ويتحقق الفاضي منه بنفسه حتى يستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ويقدر قيمته من حيث صحته أو فساده وإنتاجه فى الدعوى أو عدم إنتاجه.

النقض تلغى حكم الإعدام وتقضى بحبس المتهم 15 سنة لعدم توافر نية القتل

ولما كان ذلك الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون، لما كان ذلك – فإن هذه المحكمة – محكمة النقض – تنتهى من كل ذلك إلى أن ما ارتكبه المحكوم عليه لا يعدو أن يشكل جريمة الضرب مع سبق الإصرار والذى لم يقصد منه القتل ولكنه أفضى إلى الموت المؤثمة بنص المادة 236/1،2 من قانون العقوبات بدلاَ من جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المفضي بعقوبتها على المحكوم عليه فضلاَ عن جريمتي السلاح المسندتين له، فتقضى المحكمة بمعاقبة المحكوم عليه بالسجن المشدد لمدة 15 سنة عن جريمة الضرب مع سبق الإصرار المفضي إلى الموت بوصفها الجريمة الأشد بدلاَ من العقوبة المقضي بها عليه.

زر الذهاب إلى الأعلى