«النقض»: الإزعاج لا يقتصر على السب والقذف بل يتسع لكل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المواطن
أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم ۱۷۰۳٦ لسنة ۹۱ قضائية، أن الإزعاج وفقاً لنص المادة ٧٦ من القانون ۱۰ لسنة ۲۰۰۳ بإصدار قانون تنظيم الاتصالات لا يقتصر على السب والقذف لأن المشرع قد عالجها بالمادة ٣٠٨ مكرراً بل يتسع لكل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المواطن.
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
وحيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر قانوناً.
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ أدانه بجرائم تعمد إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات، والسب ، والقذف، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والاخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه سائله عن الجرائم المسندة إليه رغم انتفاء أركانها في حقه ومنازعته في توافر ركن العلانية، واستند إلى تحريات الشرطة رغم عدم جديتها -لشواهد عددها- ورد على دفاعه في هذا الخصوص بما لا يسوغ ، والتفت عن دفاعه القائم على نفي الاتهام وأن الرسائل المرسلة للمجنى عليهما مرسله من قبل شخص آخر بواسطة هاتفه اضراراً به ، ولم يرد على الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية لتحريكها بعد الميعاد بالمادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية بما لا يفنده ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي أدان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك ، وكان ركن العلانية ليس من أركان جريمة إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات، وكان من المقرر أن الإزعاج وفقاً لنص المادة ٧٦ من القانون ۱۰ لسنة ۲۰۰۳ بإصدار قانون تنظيم الاتصالات لا يقتصر على السب والقذف لأن المشرع قد عالجها بالمادة ٣٠٨ مكرراً بل يتسع لكل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المواطن.
وكان البين من مطالعة مدونات الحكم المطعون فيه أن محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى قيام الطاعن باستخدام حساب على موقع التواصل الاجتماعي – الواتس آب – المتصل بهاتفه في إرسال الرسائل التي تضمنتها عبارات تنطوي على سب المجني عليهما ومضايقتهما وهي عبارات شائنة وألفاظ تخدش الاعتبار وتم توجيهها عبر -الواتس آب – وقصد من توجيهها خدش اعتبار المجني عليهما وهذه العبارات الشائنة بذاتها تزعج أي إنسان ويضيق بها صدر أي شخص.
وإذ تعمد الطاعن إتيان ذلك الفعل واتجهت إرادته إلى إزعاج المجني عليهما مما أرسله من تلك العبارات الجارحة، الأمر الذي يتحقق به أركان جريمة تعمد الازعاج بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات موضوع الدعوى ويضحى ما ينعاه الطاعن في هذا المنحى غير مقبول.
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أعمل في حق الطاعن المادة ٣٢ من قانون العقوبات وأوقع عليه العقوبة المقررة لجريمة إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات – التي أثبتها في حقه – بحسبانها الجريمة ذات العقوبة الأشد ، فإنه لا يجديه ما يثيره في صدد جريمتي السب والقذف ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير مقبول.
لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت – في نطاق سلطتها التقديرية – إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة، واطمأنت كذلك إلى تحريات الشرطة كدليل مؤيد لأقوال الشهود، وكانت الأدلة التي تساند إليها الحكم من شأنها مجتمعة أن تحقق ما رتب عليها من استدلال على صحة مقارفة الطاعن للجرائم التي دين بها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في شأن الأدلة والقول بعدم جدية التحريات وامكانية استخدام الهاتف من قبل آخر والتفات الحكم عن هذا الدفاع ، يتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع، ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
لما كان ذلك ، وكانت جريمة تعمد إزعاج ومضايقة الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات والمعاقب عليها بالمادة ٧٦ من القانون ۱۰ لسنة ۲۰۰۳ بشأن تنظيم الاتصالات المسندة إلى الطاعن – ليست من الجرائم التي يتوقف على تحريك الدعوى الجنائية فيها على الشكوى المنصوص عليها في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية، ولا يتوقف قبولها على التقديم بتلك الشكوى في الميعاد الوارد بها ولو كانت مرتبطة بجريمة قذف أو سب ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .
لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع مصادرة الكفالة وإلزام الطاعن بالمصروفات المدنية.
فلهــذه الأسبــاب
حكمت المحكمة:- بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه ومصادرة الكفالة وإلزام الطاعن بالمصاريف المدنية .