«النقض»: استطراق الأرض المملوكة للأفراد ليس من شأنه وحده تخصيصها للمنفعة العامة.. وتحدد المدة اللازمة لكسب ملكيتها بالتقادم

كتب/ عبدالعال فتحي

قال محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم ٩٨٧٦ لسنة ٩٠ قضائية ـ الدوائر المدنية – جلسة ٢٠٢١/٠٦/٢١،  إن استطراق الأرض المملوكة للأفراد ليس من شأنه وحده تخصيصها للمنفعة العامة إلا أن استمرار هذا الاستطراق المدة اللازمة لكسب ملكيتها بالتقادم الطويـل يترتب عليه كسب الدولة لملكيتها بالتقادم وتخصيصها للمنفعة العامة بمجرد اكتمال هذه المدة.

الحكم

باسم الشعب

محكمة النقض

دائرة الاثنين مدني د

الطعن رقم ٩٨٧٦ لسنة ٩٠ قضائية

جلسة الاثنين الموافق ٢١ من يونيو سنة ٢٠٢١

ــــــــــــــــــــــــــ

برئاسة السيد القاضي / مجدي مصطفى نائب رئيس المحكمة

وعضوية السادة القضاة / وائل رفاعي،عصام توفيق، رفعت هيبة

و ياسر فتح الله العُكازي” نواب رئيس المحكمة “

ــــــــــــــــــــــــــ

(١) الملكية ” التعويض عن نزع الملكية: تقدير التعويض عن نزع الملكية”.

عدم جواز حرمان أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون. م ٣٤ دستور و م ٨٠٥ مدني.

(٣،٢) استيلاء” استيلاء الحكومة على العقارات”. تنظيم” اعتماد خطوط التنظيم”. ملكية ” القيود الواردة على حق الملكية: نزع الملكية للمنفعة العامة”. نزع ملكية” قرار نزع الملكية: الاستيلاء على الأجزاء الداخلة في خط التنظيم”.

(٢) صدور قرار باعتماد خطوط التنظيم. مؤداه. بقاؤه منتجًا لآثاره القانونية بالنسبة للقيود المفروضة على حق المالك. للمحاكم ولاية الفصـل في استحقاق التعويض عن اعتماد خطوط التنظيم. عدم اعتباره تقريرًا للمنفعة العامة في مفهوم ق ٥٧٧ لسنة ١٩٥٤ ومن بعده ق ١٠ لسنة ١٩٩١. م ١٣ ق ٦٥٦ لسنة ١٩٥٤، م ١٢ ق ٤٥ لسنة ١٩٦٢، م١٣ ق ١٠٦ لسنة ١٩٧٦، م ١٢ ق ١١٩ لسنة ٢٠٠٨.

(٣) قرارات اعتماد خطوط التنظيم. فرضها قيودًا على الملكية الخاصة. علة ذلك. لا صلة لها بقوانين نزع الملكية ولا يترتب عليها بمجردها خروج الأجزاء الداخلة في تلك الخطوط عن ملك صاحبها. مؤداه. استمراره مالكًا لها لحين اتخاذ إجراءات نزع الملكية أو الاستيلاء الفعلي عليها.

(٥،٤) اختصاص ” الاختصاص الولائي “.

(٤) اختصاص محاكم مجلس الدولة بالفصل في طلبات التعويض. مناطه. رفعها بصفة أصلية أو تبعية عن قرار إداري مما نص عليه في البنود التسعة الأول من م ١٠ ق ٤٧ لسنة ١٩٧٢ أو تعلق المنازعة بتصرف قانوني تعبر به جهة الإدارة عن إرادتها كسلطة عامة بوسيلة من وسائل القانون العام. المادتان ١٥، ١٧ ق٤٦ لسنة ١٩٧٢.

(٥) ثبوت إصدار الطاعن الأول بصفته قرارًا باعتماد تعديـل خطوط التنظيم بمحافظة بنى سويف والتي من بينها الشوارع موضوع النزاع المضمومة للتنظيم لتصبح شوارع عامة ضمن كتلة سكنية ولم يصدر بشأنها أي قرارات استيلاء أو نزع ملكية ولم يتم تعويض المطعون ضدهم عنها. مؤداه. دعواهم بطلب التعويض عن تلك الأراضي. انعقاد الاختصاص بنظرها للمحاكم المدنية. التزام الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر وقضاؤه برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيـًّا بنظرها. صحيح. النعي عليه في ذلك الخصوص. على غير أساس.

(٦) دعوي” إجراءات نظر الدعوي: الدفاع في الدعوي: الدفاع الذي تلتزم المحكمة بالرد عليه”. دفوع” الدفاع الذي تلتزم المحكمة بالرد عليه “.

الطلب أو وجه الدفاع الجازم الذي يترتب عليه تغيير وجه الرأي في الدعوى. التزام محكمة الموضوع بالإجابة عليه في أسباب الحكم.

(٧) تقسيم” وصف التقسيم: حكم المرافق العامة بالأراضي المقسمة “.

الشوارع والطرق والميادين والمنتزهات. إلحاقها بالمنافع العامة بدون مقابل. شرطه. دخولها في التقاسيم أو أجزائها التي تمت بالمخالفة لأحكام ق ٥٢ لسنة ١٩٤٠. مؤداه. إلحاقها بالمنافع العامة بغير مقابل وفق نص م ٣ من ق ١٣٥ لسنة ١٩٨١ في شأن الأبنية والأعمال التي تمت بالمخالفة لأحكام قانون تقسيم الأراضي المعدة للبناء.

(٩،٨) أموال” الأموال العامة للدولة”. تقادم” التقادم المكسب للملكية”. ملكية” أسباب كسب الملكية: الحيازة المكسبة للملكية”.

(٨) استطراق الأراضي المملوكة للأفراد. عدم كفايته وحده لتخصيصها للمنفعة العامة. لازمه. استمراره المدة اللازمة لكسب ملكيتها بالتقادم. أثره. تخصيصها للمنفعة العامة.

(٩) تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بتملكه أرض التداعي بوضع اليد المكسب للملكية وباستطراقها كطريق عام واستمراره المدة اللازمة لكسب الملكية دون منازعة من المطعون ضدهم ومن ثم سقوط حقهم في المطالبة بالتعويض بالتقادم الطويل. دفاع جوهري. التفات الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع وعدم بحثه وتحقيقه. قصور.

ــــــــــــــــــــــــــ

١- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن النص في المادة ٣٤ من الدستور والمادة ٨٠٥ من القانون المدني على عدم جواز أن يُحرَمَ أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون. (١)

٢- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن الظاهر من التنظيم الخاص بأحكام القرارات الصادرة باعتماد خطوط التنظيم وفقًا لما قررته التشريعات الخاصة بتنظيم البناء التي أوردت القيود المبينة في المادة ١٣ من القانون رقم ٦٥٦ لسنة ١٩٥٤ في شأن تنظيم البناء والمادة ١٢ من القانون ٤٥ لسنة ١٩٦٢ والمادة ١٣ من القانون ١٠٦ لسنة ١٩٧٦ في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء والمادة ١٢ من قانون البناء الحالي رقم ١١٩ لسنة ٢٠٠٨، مما مؤداه أنه متى صدر قرار باعتماد خطوط التنظيم، فإنه يبقى منتجًا لآثاره القانونية بالنسبة للقيود المفروضة على حق المالك وقد أبقـى المشرع للمحاكم ولاية الفصـل في استحقاق التعويض عن اعتماد خطوط التنظيم والذي لا يعد بمثابة تقرير للمنفعة العامة في مفهوم القانون ٥٧٧ لسنة ١٩٥٤، ومن بعده القانون ١٠ لسنة ١٩٩١. (٢)

٣- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن القرارات التي تصدر باعتماد خطوط التنظيم بالتطبيق لأحكام قوانين تنظيم المباني، وإن كانت تضع قيودًا على الملكية الخاصة، إذ يحظر على أصحاب الشأن – من وقت صدورها – إجراء أعمال البناء أو التعلية في الأجزاء البارزة عن تلك الخطوط مقابـل منحهم تعويضًا عادلًا عما قد يصيبهم من ضرر من جراء هذا الحظر، إلا أنها قرارات منبتة الصلة بقوانين نزع الملكية، ومن ثم فإن التحدي بنص المادة الثانية عشر من القانون رقم ١٠ لسنة ١٩٩٠ بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة – المقابلة للمادة العاشـرة من القانون رقم ٥٧٧ لسنة ١٩٥٤ – فيما جرى به من أن ” إذا لم تودع النماذج أو القرار الوزاري – بنزع الملكية – طبقًا للإجراءات المنصوص عليها في المادة السابقة خلال سنتين من تاريخ نشر قرار المنفعة العامة في الجريدة الرسمية، عُدَّ القرار كأن لم يكن بالنسبة للعقارات التي لم تودع النماذج أو القرار الخاص بها ” محله أن تكون جهة الإدارة قد نزعت ملكية العقار، وذلك لأن صدور قرار باعتماد خط التنظيم لا يترتب عليه بمجرده خروج الأجزاء الداخلة فيه عن ملك صاحبها، وإنما يظل مالكًا لها إلى أن تنزع ملكيتها بطريق مباشر – باتخاذ إجراءات نزع الملكية – أو بطريق غير مباشر بالاستيلاء الفعلي عليها دون اتخاذ هذه الإجراءات. (٣)

٤- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن مؤدى نص المادتين ١٥، ١٧ من قانون السلطة القضائية رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٢ والمادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٢ أن المناط في اختصاص محاكم مجلس الدولة بالفصـل في طلبات التعويض هو رفعها بصفة أصلية أو تبعية عن قرار إداري ممَّا نص عليه في البنود التسعة الأُوَّل من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة سالف البيان أو تعلق المنازعة بتصرف قانوني تعبر به جهة الإدارة عن إرادتها كسلطة عامة بوسيلة من وسائـل القانون العام. (٤)

٥- إذ كان البين من الأوراق وتقرير الخبرة في الدعوى أن الطاعن بصفته قد أصدر القرار رقم ٥٣٤ لسنة ٢٠٠٢ باعتماد تعديـل خطوط التنظيم بمحافظة بني سويف، والتي من بينها الشوارع موضوع النزاع، والتي تم الاستيلاء عليها وضمها للتنظيم لتصبح شوارع عامة ضمن كتلة سكنية، ولم يصدر بشأنها أية قرارات استيلاء أو نزع ملكية، ولم يتم تعويض المطعون ضدهم عنها، ومن ثم تكون دعواهم بطلب التعويض عن تلك الأراضي والتي يدعون ملكيتها دون الطاعن ينعقد الاختصاص بنظرها للمحاكم المدنية صاحبة الولاية في نظر المنازعات المدنية والتجارية دون غيرها، وإذ التزم الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيـًّا بنظر الدعوى، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.

٦- المقـرر – في قضاء محكمة النقض – أن كـل طلب أو وجه دفاع يدلى به لدى محكمة الموضوع ويطلب إليها بطريق الجزم أن تفصل فيه ويكون الفصـل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تغيير وجه الرأي في الدعوى، يجب على محكمة الموضوع أن تجيب عليه في أسباب الحكم. (٦)

٧- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن النص في المادة الثالثة من القانون رقم ١٣٥ لسنة ١٩٨١ في شأن الأبنية والأعمال التي تمت بالمخالفة لأحكام قانون تقسيم الأراضي المعدة للبناء على أن ” يُلحق بالمنافع العامة دون مقابـل الشوارع والطرق والميادين والمنتزهات التي تحددت على الطبيعة في التقاسيم أو أجزاء التقاسيم التي تمت بالمخالفة لأحكام القانون رقم ٥٢ لسنة ١٩٤٠ ” يدل على أنه يشترط في الشوارع والطرق والميادين والمنتزهات التي تلحق بالمنافع العامة دون مقابـل أن تكون في التقاسيم أو أجزاء التقاسيم التي تمت بالمخالفة لأحكام القانون رقم ٥٢ لسنة ١٩٤٠. (٧)

٨- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن استطراق الأرض المملوكة للأفراد ليس من شأنه وحده تخصيصها للمنفعة العامة إلا أن استمرار هذا الاستطراق المدة اللازمة لكسب ملكيتها بالتقادم الطويـل يترتب عليه كسب الدولة لملكيتها بالتقادم وتخصيصها للمنفعة العامة بمجرد اكتمال هذه المدة. (٨)

٩- إذ كان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الاستئناف بمذكرة دفاعه المؤرخة ٢٧/٢/٢٠٢٠ بتملك الدولة أرض التداعي بوضع اليد المكسب للملكية وباستطراقها كطريق عام بموجب قرار المحافظ رقم ٣٨٩ لسنة ١٩٨٨ المنشور بالجريدة الرسمية في ٥/١/١٩٨٩، واستمر ذلك الاستطراق المدة اللازمة لكسب الملكية دون منازعة من المطعون ضدهم، ومن ثم سقوط حقهم في المطالبة بالتعويض بالتقادم بمضيّ خمس عشرة سنة، وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع، ولم يُعنَ ببحثه وتحقيقه، حال أنه دفاع جوهري – إن صح – أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون معيبًا بالقصور المبطل، بما يوجب نقضه. (٩)

ــــــــــــــــــــــــــ

الـــــمــــحـكمــة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / وائل رفاعي ” نائب رئيس المحكمة”، والمرافعة، وبعد المداولة.

حيثُ إنَّ الطعنَ استوفى أوضاعَهُ الشَّكليِّةَ.

وحيثُ إنَّ الوقائعَ – على ما يبينُ مِّنَ الحكمِ المطعونِ فيهِ وسائرِ الأوراقِ – تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعن بصفته الدعوى رقم ٩٤ لسنة ٢٠١٨ مدني بني سويف الابتدائية، بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي له التعويض المناسب عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به، وذلك على سندٍ من أن الطاعن بصفته قام بالاستيلاء على جزء من الأرض المملوكة له بالميراث ووضع اليد بالتقادم الطويل دون اتباع إجراءات نزع الملكية، وأن التعويض المنصرف له لا يتناسب وثمن متر الأرض الحقيقي ولم يقدر له تعويضًا عن مقابل عدم الانتفاع، ومن ثم فقد أقام الدعوى بالطلبات سالفة البيان. ندبت محكمة أول درجة خبيرًا، وبعد أن أودع تقريره، تدخل المطعون ضدهم من الثاني حتى الأخير في الدعوى بطلب الحكم بإلزام الطاعن بأن يؤدي لهم التعويض المناسب عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بهم، وبتاريخ ٣٠/١١/٢٠١٩ حكمت المحكمة في الدعوى الأصلية والتدخل بإلزام الطاعن بصفته بالمبلغ المقضي به. استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم ١٤٤٧ لسنة ٥٧ ق بني سويف، وقضت بتاريخ ٢٤/٣/٢٠٢٠ بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عُرض الطعنُ على هذه المحكمة، في غرفة المشورة، وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

وحيثُ إنَّ الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالوجه الأول والخامس من السبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وذلك بتصديه للفصـل في موضوع الدعوى الذي يدور حول مطالبة المطعون ضدهم بتعويضٍ عن الأضرار التي لحقت بهم جراء الاستيلاء على أراضيهم من الطاعن، رغم عدم اختصاص محكمة الموضوع بالنظر فيه؛ لكونه مؤسسًا على القرار رقم ٥٣٤ لسنة ٢٠٠٢، بما ينعقد معه الاختصاص بنظره لمحاكم مجلس الدولة، وهو ما يعيب الحكم، ويستوجب نقضـه.

وحيثُ إنَّ هذا النعيَّ في غير محله، ذلك من المقرر أن النص في المادة ٣٤ من الدستور والمادة ٨٠٥ من القانون المدني على عدم جواز أن يُحرَمَ أحدٌ من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون. وكان الظاهر من التنظيم الخاص بأحكام القرارات الصادرة باعتماد خطوط التنظيم وفقًا لما قررته التشريعات الخاصة بتنظيم البناء التي أوردت القيود المبينة في المادة ١٣ من القانون رقم ٦٥٦ لسنة ١٩٥٤ في شأن تنظيم البناء والمادة ١٢ من القانون ٤٥ لسنة ١٩٦٢ والمادة ١٣ من القانون ١٠٦ لسنة ١٩٧٦ في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء والمادة ١٢ من قانون البناء الحالي رقم ١١٩ لسنة ٢٠٠٨، مما مؤداه أنه متى صدر قرار باعتماد خطوط التنظيم، فإنه يبقى منتجًا لآثاره القانونية بالنسبة للقيود المفروضة على حق المالك وقد أبقـى المشرع للمحاكم ولاية الفصـل في استحقاق التعويض عن اعتماد خطوط التنظيم والذي لا يعد بمثابة تقرير للمنفعة العامة في مفهوم القانون ٥٧٧ لسنة ١٩٥٤، ومن بعده القانون ١٠ لسنة ١٩٩١، وأن القرارات التي تصدر باعتماد خطوط التنظيم بالتطبيق لأحكام قوانين تنظيم المباني، وإن كانت تضع قيودًا على الملكية الخاصة، إذ يحظر على أصحاب الشأن – من وقت صدورها – إجراء أعمال البناء أو التعلية في الأجزاء البارزة عن تلك الخطوط مقابـل منحهم تعويضًا عادلًا عما قد يصيبهم من ضرر من جراء هذا الحظر، إلا أنها قرارات منبتة الصلة بقوانين نزع الملكية، ومن ثم فإن التحدي بنص المادة الثانية عشر من القانون رقم ١٠ لسنة ١٩٩٠ بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة – المقابلة للمادة العاشـرة من القانون رقم ٥٧٧ لسنة ١٩٥٤ – فيما جرى به من أن ” إذا لم تودع النماذج أو القرار الوزاري – بنزع الملكية – طبقًا للإجراءات المنصوص عليها في المادة السابقة خلال سنتين من تاريخ نشر قرار المنفعة العامة في الجريدة الرسمية، عُدَّ القرار كأن لم يكن بالنسبة للعقارات التي لم تودع النماذج أو القرار الخاص بها ” محله أن تكون جهة الإدارة قد نزعت ملكية العقار، وذلك لأن صدور قرار باعتماد خط التنظيم لا يترتب عليه بمجرده خروج الأجزاء الداخلة فيه عن ملك صاحبها، وإنما يظل مالكًا لها إلى أن تنزع ملكيتها بطريق مباشر – باتخاذ إجراءات نزع الملكية – أو بطريق غير مباشر بالاستيلاء الفعلي عليها دون اتخاذ هذه الإجراءات. وأن مؤدى نص المادتين ١٥، ١٧ من قانون السلطة القضائية رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٢ والمادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٢ أن المناط في اختصاص محاكم مجلس الدولة بالفصـل في طلبات التعويض هو رفعها بصفة أصلية أو تبعية عن قرار إداري ممَّا نص عليه في البنود التسعة الأُوَّل من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة سالف البيان أو تعلق المنازعة بتصرف قانوني تعبر به جهة الإدارة عن إرادتها كسلطة عامة بوسيلة من وسائـل القانون العام. لمَّا كان ذلك، وكان البين من الأوراق وتقرير الخبرة في الدعوى أن الطاعن بصفته قد أصدر القرار رقم ٥٣٤ لسنة ٢٠٠٢ باعتماد تعديـل خطوط التنظيم بمحافظة بنى سويف، والتي من بينها الشوارع موضوع النزاع، والتي تم الاستيلاء عليها وضمها للتنظيم لتصبح شوارع عامة ضمن كتلة سكنية، ولم يصدر بشأنها أية قرارات استيلاء أو نزع ملكية، ولم يتم تعويض المطعون ضدهم عنها، ومن ثم تكون دعواهم بطلب التعويض عن تلك الأراضي والتي يدعون ملكيتها دون الطاعن ينعقد الاختصاص بنظرها للمحاكم المدنية صاحبة الولاية في نظر المنازعات المدنية والتجارية دون غيرها، وإذ التزم الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيـًّا بنظر الدعوى، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.

وحيثُ إنَّ مما ينعاه الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن الدولة تملكت أرض التداعي بوضع اليد المكسب للملكية واستطراقها كطريق عام بموجب قرار المحافظ رقم ٣٨٩ لسنة ١٩٨٨ المنشور بالجريدة الرسمية في ٥/١/١٩٨٩، وبسقوط حق المطعون ضدهم في المطالبة بالتعويض بالتقادم بمضيِّ خمس عشرة سنة، إلَّا أن الحكم المطعون فيه لم يُعنَ ببحث هذا الدفاع وتحقيقه والرد عليه، حال أنه دفاع جوهري من شأنه – إن صح – أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، مما يعيبه، ويستوجب نقضه.

وحيثُ إنَّ هذا النعيَّ في محله، ذلك أن المقـرر – في قضاء هذه المحكمة – أن كـل طلب أو وجه دفاع يدلى به لدى محكمة الموضوع ويطلب إليها بطريق الجزم أن تفصل فيه ويكون الفصـل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تغيير وجه الرأي في الدعوى، يجب على محكمة الموضوع أن تجيب عليه في أسباب الحكم. لمَّا كان ذلك، وكان النص في المادة الثالثة من القانون رقم ١٣٥ لسنة ١٩٨١ في شأن الأبنية والأعمال التي تمت بالمخالفة لأحكام قانون تقسيم الأراضي المعدة للبناء على أن ” يُلحق بالمنافع العامة دون مقابـل الشوارع والطرق والميادين والمنتزهات التي تحددت على الطبيعة في التقاسيم أو أجزاء التقاسيم التي تمت بالمخالفة لأحكام القانون رقم ٥٢ لسنة ١٩٤٠ ” يدل على أنه يشترط في الشوارع والطرق والميادين والمنتزهات التي تلحق بالمنافع العامة دون مقابـل أن تكون في التقاسيم أو أجزاء التقاسيم التي تمت بالمخالفة لأحكام القانون رقم ٥٢ لسنة ١٩٤٠، وأن استطراق الأرض المملوكة للأفراد ليس من شأنه وحده تخصيصها للمنفعة العامة إلا أن استمرار هذا الاستطراق المدة اللازمة لكسب ملكيتها بالتقادم الطويـل يترتب عليه كسب الدولة لملكيتها بالتقادم وتخصيصها للمنفعة العامة بمجرد اكتمال هذه المدة. لمَّا كان ذلك، وكان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الاستئناف بمذكرة دفاعه المؤرخة ٢٧/٢/٢٠٢٠ بتملك الدولة أرض التداعي بوضع اليد المكسب للملكية وباستطراقها كطريق عام بموجب قرار المحافظ رقم ٣٨٩ لسنة ١٩٨٨ المنشور بالجريدة الرسمية في ٥/١/١٩٨٩، واستمر ذلك الاستطراق المدة اللازمة لكسب الملكية دون منازعة من المطعون ضدهم، ومن ثم سقوط حقهم في المطالبة بالتعويض بالتقادم بمضيّ خمس عشرة سنة، وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع، ولم يُعنَ ببحثه وتحقيقه، حال أنه دفاع جوهري – إن صح – أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون معيبًا بالقصور المبطل، بما يوجب نقضه، دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.

لـــــــــــــــــذلك

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف بني سويف وألزمت المطعون ضدهم المصروفات.

عبدالعال فتحي

صحفي بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين؛ عمل في العديد من إصدارات الصحف والمواقع المصرية، عمل بالملف السياسي لأكثر من عامين، عمل كمندوب صحفي لدى وزارتي النقل والصحة، عمل بمدينة الإنتاج الإعلامي كمعد للبرامج التلفزيونية.
زر الذهاب إلى الأعلى