«النقض»: أهلية التقاضي في الخصوم شرطًا لصحة المطالبة القضائية سواء كانوا أشخاصًا طبيعية أو اعتبارية

أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 3555 لسنة 74 القضائية، أن توافر أهلية التقاضي في الخصوم يعد شرطًا لصحة المطالبة القضائية سواء كانوا أشخاصًا طبيعية أو اعتبارية، فإذا رفعت الدعوى من أو ضد شخص متوفي، أو شخص زالت شخصيته قبل رفعها؛ فإن الخصومة لا تنعقد أصلاً، ولا تنتج أثرًا، ولا يصححها إجراء لاحق وتكون معدومة منذ بدئها.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعنين الثلاثة الأول ومورث باقي الطاعنين وآخرين أقاموا الدعوى رقم ….. لسنة 2003 مدني بور سعيد الابتدائية على المطعون ضدهم بصفاتهم بطلب الحكم ببراءة ذمتهم من المبالغ قيمة أعمال الترميمات التي أجرت بالوحدات السكنية الخاصة بهم لظهور عيوب جسيمة بها منذ استلامها ترجع إلى عدم مراعاة الأصول الفنية في إنشائها مما ينفي مسئوليتهم عن المبالغ المطالب بها، ومن ثم أقاموا الدعوى وحكمت المحكمة بالطلبات، فاستأنف المطعون ضدهم بصفاتهم هذا الحكم بالاستئناف رقم ….. لسنة 44 ق أمام محكمة استئناف الإسماعيلية – مأمورية بور سعيد – التي قضت بتاريخ 9/ 3/ 2004 بإلغاء الحكم المستأنف وبسقوط الحق في الدعوى بالتقادم الثلاثي، فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي الطاعنون بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه البطلان لأن الخصومة لم تنعقد أمام محكمة الاستئناف بالنسبة لمورث الطاعنين من الرابعة للأخيرة لوفاته بتاريخ 19/ 3/ 2003 قبل رفع الاستئناف من المطعون ضدهم مما يبطل الحكم المطعون فيه.

وحيث إن توافر أهلية التقاضي في الخصوم يعد شرطًا لصحة المطالبة القضائية سواء كانوا أشخاصًا طبيعية أو اعتبارية, فإذا رفعت الدعوى من أو ضد شخص متوفى أو شخص زالت شخصيته قبل رفعها فإن الخصومة لا تنعقد أصلاً ولا تنتج أثرًا ولا يصححها إجراء لاحق وتكون معدومة منذ بدئها, ويجوز لكل ذي مصلحة أن يتمسك بهذا الانعدام وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها لتعلقه بالنظام العام. لما كان ذلك، وكان الطاعنون قد تمسكوا بانعدام الخصومة أمام محكمة الاستئناف بالنسبة لمورث الطاعنين من الرابعة وحتى الأخيرة لوفاته بتاريخ 19/ 3/ 2003 قبل رفع الاستئناف إلا أنه كان البين من الأوراق أن وفاة المورث المذكور سابقة على إيداع صحيفة افتتاح الدعوى أمام محكمة أول درجة في 5/ 4/ 2003 فإن الخصومة بالنسبة له تكون قد ولدت منعدمة وينسحب هذا الانعدام على كافة الإجراءات اللاحقة بما فيها الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه ولا يعتبر القضاء بانعدام الحكم الصادر من محكمة أول درجة لصالح ذلك المورث إضرارًا بورثته الطاعنين بطعنهم، ذلك بأن انعدام الخصومة منذ بدئها على النحو سالف البيان بمجرد الحكم الصادر فيها بالنسبة للمورث من أحد أركانه الأساسية بحيث يفقد صفته كحكم ويكون منعدمًا منذ صدوره ليس له وجود قانوني فهو والعدم سواء فلا يكتسب أية حصانة ولا يستنفذ به القاضي ولايته ولا يجوز حجية الأمر المقضي لأن المعدوم لا يمكن رأب صدعه وليس في حاجة إلى ما يعدمه، ومن ثم يجب على المحكمة أن تقضي بانعدام ذلك الحكم عند الاحتجاج به، وإذ كان ما ينعاه الطاعنون من بطلان الحكم المطعون فيه لانعدام الخصومة أمام محكمة الاستئناف بالنسبة لمورث الطاعنين من الرابعة للأخيرة ينطوي على الاحتجاج بالحكم الصادر من محكمة أول درجة بما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بانعدام الحكم الابتدائي بالنسبة لهذا المورث.

وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنون الثلاثة الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ اعتبر دعواهم ببراءة ذمتهم من تكاليف العقار الكائن به الوحدات السكنية التي يشغلونها دعوى رجوع على المقاول والمهندس المعماري بضمان عيوب البناء ورتق على ذلك سقوط دعواهم بالتقادم المنصوص عليه في المادتين 651، 654 من القانون المدني، في حين أنهم أسسوا دعواهم على مسئولية المطعون ضدهم من تكاليف إصلاح عيوب عقار النزاع لاستلامهم إياه رغم عدم إتباع الأصول الفنية في إنشائه وظهور عيوب جسيمة قرر استلامه دون الرجوع بالضمان على المقاول المسئول فلا تسقط دعواهم إلا بمضي خمس عشرة سنة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأنه لما كان النص في المادة 374 من القانون المدني على أن “يتقادم الالتزام بانقضاء خمس عشرة سنة فيما عدا الحالات التي ورد عنها نص خاص في القانون، وفيما عدا الاستثناءات التالية ……” يدل على أن الأصل في تقادم الالتزام أيًا كان مصدره بانقضاء خمس عشرة سنة، ولا يجوز الخروج على هذا الأصل وتطبيق مدة مغايرة سواء كانت أطول أو أقصر إلا بنص خاص في القانون، يقضي بذلك وهذا النص يعتبر استثناء يجب عدم التوسع في تفسيره وقصر حكمه على الحالات التي تضمنها دون غيرها, ويجب على المحكمة متى دفع أمامها بالتقادم أن تبحث من تلقاء نفسها شرائطها القانونية ومنها المدة وفقًا للتكييف القانوني الصحيح للالتزام. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعنين قد أقاموا دعواهم بطلب الحكم ببراءة ذمتهم من تكاليف ترميم وإصلاح عقار النزاع المطالب بها تأسيسًا على مسئولية المطعون ضدهم عن هذه التكاليف لخطئهم باستلام النزاع رغم عدم إتباع الأصول الفنية في تشييده وظهور عيوب جسيمة به فور استلامه دون الرجوع على المقاول المسئول وإلزامه بإصلاحها وفقًا للثابت من تقرير الخبير المنتدب ومن ثم تخضع تلك الدعوى للقواعد العامة في التقادم فلا تسقط إلا بمضي خمس عشرة سنة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر دعوى الطاعنين دعوى رجوع على المقاول بضمان عيوب البناء يسري بشأنها مدة التقادم المنصوص عليها في المادتين 651، 654 من القانون المدني فإنه يكون قد غير أساس الدعوى وأخطأ في تكييفها وخرج على وقائعها بواقع جديد من عنده مما يعيبه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.

زر الذهاب إلى الأعلى