«النقض»: أسباب الإخلاء المنصوص عليها في قوانين الإيجارات الاستثنائية من الأمور المتعلقة بالنظام العام
قالت محكمة النقض في أثناء نظرها الطعن رقم 295 لسنة 73 القضائية، أن أسباب الإخلاء المنصوص عليها في قوانين الإيجارات الاستثنائية – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – من الأمور المتعلقة بالنظام العام، ومن ثم يتعين على محكمة الموضوع ومن تلقاء نفسها أن تبحث سبب الإخلاء أساس الدعوى وتتحقق من توافره، وألا تقضى بالإخلاء إذا لم يتحقق سببه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى رقم….. لسنة 2001 إيجارات الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الشقة محل التداعي وتسليمها له.
وقال بيانًا لها إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 30/ 1/ 1989 استأجر الطاعن الشقة محل التداعي لقاء أجرة شهرية سبعين جنيهًا وقد امتنع عن سداد الأجرة عن المدة من أول مارس حتى نهاية إبريل لعام 2001 بإجمالي مبلغ 140 جنية وأنه سبق وأن تأخر في سداد الأجرة وأقام عليه الدعوى رقم…. لسنة 1998 إيجارات الجيزة الابتدائية وقضى فيها بالإخلاء لعدم سداد الأجرة. وقد توقاه بالسداد في الاستئناف رقم….. لسنة 116 قضائية القاهرة.
والذى قضى فيه بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى للسداد. فأقام الدعوى.
حكمت المحكمة بالطلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم…. لسنة 119 قضائية القاهرة.
وبتاريخ 14/ 1/ 2001 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عُرض الطعن على المحكمة – في غرفة مشورة – حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وفى بيان ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأنه دائن للمطعون ضده بموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم….. لسنة 1996 مدني مركز الجيزة واستئنافها رقم…. لسنة 1997 مدنى مستأنف الجيزة الذى قضى بتاريخ 15/ 12/ 1997 بإلزام المطعون ضده بأن يؤدى له مبلغ 1260 جنيه قيمة كمبيالات. وقدم لمحكمة الاستئناف صورة رسمية من هذا الحكم وما يفيد توقيع الحجز تحت يد النفس لما له من مبالغ في ذمة المطعون ضده نفاذًا لهذا الحكم. إلا أن الحكم المطعون فيه خلص إلى تأييد الحكم الابتدائى بالإخلاء استنادًا إلى أن الطاعن لم يطلب إجراء المقاصة القضائية أمام محكمة أول درجة مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأن أسباب الإخلاء المنصوص عليها في قوانين الإيجارات الاستثنائية – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – من الأمور المتعلقة بالنظام العام، ومن ثم يتعين على محكمة الموضوع ومن تلقاء نفسها أن تبحث سبب الإخلاء أساس الدعوى وتتحقق من توافره، وألا تقضى بالإخلاء إذا لم يتحقق سببه، وأن النص في الفقرة الثالثة من المادة 18/ ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 على أن (فإذا تكرر امتناع المستأجر أو تأخره في الوفاء بالأجرة المستحقة دون مبررات تقدرها المحكمة حكم عليه بالإخلاء أو الطرد بحسب الأحوال) يدل على أن المقصود بالتكرار أن يكون المستأجر قد مرد على عدم الوفاء بالأجرة في مواقيتها المرة تلو الأخرى.
ومن ثم فلا يستفيد في الدعوى اللاحقة بالتيسير الذى خوله المشرع للمستأجر بتوقى الحكم بالإخلاء إذا قام بسداد الأجرة قبل قفل باب المرافعة إلا إذا قدم لمحكمة الموضوع مبررات مقبولة لتأخره في سداد الأجرة في المرة الأخيرة التى على أساسها رفعت دعوى الإخلاء للتكرار.
وأن تقدير المبرر لذلك الامتناع أو التأخير وقبوله هو من مسائل الواقع التى تستقل بها محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
قوانين الإيجارات
وتعتبر الأعذار التى يبديها المستأجر من أوجه الدفاع الجوهرية التى يتوقف عليها الفصل في الدعوى باعتبارها المدار الذى ينبغى أن تقبل أو تطرح المبررات في خصوصها فإذا قبلت المحكمة عذر المستأجر اعتبر مبررًا للتأخير في سداد الأجرة فلا يحكم بالإخلاء للتكرار، وإذا رفضت المحكمة العذر انتفى المبرر في التأخير ووجب الحكم بالإخلاء للتكرار رغم سداد المستأجر الأجرة مما يتطلب في هذه الحالة أن تبين محكمة الموضوع الدليل الذى اقتنعت به للحكم برفض قبول المبرر وإلا جاء حكمها مجهل الأسباب وعاب قضاءها القصور في التسبيب، .
كما أن المقاصة قانونية كانت أم قضائية هى انقضاء الالتزام بما يعادل الوفاء وهو حق مقرر للمدين في أن يتمسك بانقضاء الالتزام المستحق عليه لدائنه دون تنفيذه عينًا نظير انقضاء ما هو مستحق له قبل هذا الدائن وهو وجود التزامين متقابلين متماثلين في المحل ولو كان لكل منهما سبب مغاير لسبب الالتزام المقابل، فإذا توافرت شروط المقاصة القانونية بأن كان الالتزام المقابل مستحق الأداء وليس محلاً للمنازعة في الوجود أو المقدار وتمسك بها من له مصلحة فيها أحدثت أثرها بقوة القانون ووجب على القاضى الحكم بها وكان للمدين أن يتمسك بها باعتبارها دفعًا موضوعيًا ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف.
قوانين الإيجارات
إذ ليس من شأن هذا الدفاع أن يغير من موضوع الدعوى المطروحة، أما إذا تخلف أحد شروط المقاصة القانونية بأن كان وجود الالتزام المقابل أو مقداره محل منازعة فيجب على المتمسك بالمقاصة أن يطلبها في صورة دعوى أصلية أو فرعية أمام محكمة أول درجة طبقًا لأحكام المادة 123 من قانون المرافعات لأنها تتضمن تقرير وجود حق له يطلب المدين الحكم له بثبوته مغايرًا لحق الدائن رافع الدعوى وهو ما يغير من نطاق الدعوى الأصلية بطرح دعوى جديدة ومن ثم لا يجوز طلب المقاصة القضائية لأول مرة أمام محكمة الاستئناف لما في ذلك من إخلال بمبدأ التقاضى على درجتين.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة النقض أن تعطى الوقائع الثابتة بالحكم المطعون فيه تكييفها القانونى الصحيح ما دامت لا تعتمد فيه على غير ما حصلته محكمة الموضوع منها، وكان البين من الأوراق أن الطاعن واجه دعوى المطعون ضده بطلب إخلائه من شقة النزاع لتكرار تأخره في الوفاء بالأجرة عن شهرى مارس وإبريل سنة 2001 وجملتها 140 جنيه.
وبما أن الطاعن تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأنه دائن للمطعون ضده بما يزيد على دين الأجرة المطالب به بموجب الحكم الذى استصدره في الدعوى رقم… لسنة 1996 مدنى مركز الجيزة واستئنافها رقم…. لسنة 1997 مدنى مستأنف الجيزة الذى قضى بتاريخ 15/ 12/ 1997 بإلزام المطعون ضده بأن يؤدى له 1260 جنيه (ألف ومائتان وستون جنيهًا) قيمة كمبيالات.
فإن محكمة الاستئناف بذلك تكون إزاء دفاع من جانب الطاعن بطلب إجراء المقاصة القانونية من الديون الواجبة الأداء المتبادلة بينه وبين المطعون ضده خلافًا لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من تكييف خاطئ لهذه المقاصة التى يصفها بأنها مقاصة قضائية ورتب على ذلك عدم وقوعها لعدم طلبها ابتداء أمام محكمة أول درجة وتأييد الحكم الابتدائى بالإخلاء، مما حجبه عن الفصل في هذا الدفاع الجوهرى على الوجه الصحيح قبل الفصل في طلب الإخلاء لتكرار التأخير في سداد الأجرة مما يشوبه بالقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.