المنشود من شهادة الشهود
بقلم الأستاذ/ أشرف الزهوي
الأصل أن طلب إحالة الدعوى للتحقيق ليس حقًا للخصوم يتحتم إجابتهم إليه في كل حالة، بل هو متروك لمحكمة الموضوع، فلها أن ترفض الإجابة إليه بما لها من سلطة التقدير، متي رأت أنه لا حاجة بها إليه، أو أنه غير مجد بالنظر لظروف الدعوى، ولكن إذا لم يكن بأوراق الدعوى الأدلة الكافية، وكان الخصم يعول في دفاعه الجوهرى على إجراء التحقيق فعلى المحكمة أن تستجيب.
ويمكن حصر شروط رفض المحكمة للخصوم بطلب إحالة الدعوى للتحقيق في الآتي، أولًا أن ترى بما لها من سلطة تقديرية أنه لا حاجة بها إلى إجراء هذا التحقيق، ثانيًا أن يكون إحالة الدعوى للتحقيق غير مجد بالنظر إلى ظروف الدعوى، وما هو ثابت فيها من الأدلة والوقائع التي تكفي لتكوين عقيدتها.
من أهم النصائح التي يجب أن نعمل بها من أجل التناضل في القضايا المدنية، ضرورة إبداء الطلبات الاحتياطية ولا نعول فقط على الطلبات الأصلية، وقد يتصور أو يظن البعض أن الطلبات الاحتياطية يجب أن تكون على ذات النهج للطلبات الأصلية؛ بمعنى أنه لو انتهى الخصم إلى أن المحكمة التي تنظر الدعوى غير مختصة نوعيًا، فإن ذلك لا يمنع من بحث الناحية الموضوعية، وتفنيد ما جاء بصحيفة الدعوى تحت ما يسمى لالطلبات الاحتياطية.
وإذا كانت أدلة الدعوى غير كافية، فيجب اللجوء إلى الطلبات الاحتياطية أن الطلب الاحتياطي بإحالة الدعوى للتحقيق، أو ندب خبير سوف يضمن استجابة المحكمة حال أعوز المدعي الدليل في دعواه.
إذا ما أغفلت المحكمة الطلب الاحتياطي في شأن الدفاع الجوهري فسوف يتم تدارك ذلك الحكم في مرحلة الاستئناف.
ومن الطرائف في هذا الأمر، هو ذلك الزميل المحامي الذي كان يحرص على وضع سلسلة من الطلبات الاحتياطية المهمة، التي يجب أن ترد عليها المحكمة عند إصدار حكمها فينتهي إلى أصليا ثم احتياطيا، ثم علي سبيل الاحتياط الكلي، وأخيرا على سبيل الاحتياط النهائي، فيخرج حكم المحكمة ليحمل باقة من الأسباب، والحيثيات التي تتصدي للطلبات، والدفوع بالأسانيد والمواد القانونية، وأحكام النقض الرائعة، فتصقل عقل القارئ وتشحذ الأذهان بالمبادئ القانونية الراسخة.
الأحكام القضائية الباتة هي عنوان الحقيقة التي تمثل الحق والعدل، وإذا احالت المحكمة الدعوى للتحقيق فعلى الخصم الذي يقع على عاتقه الإثبات أن يولي إهتمام كبير بإثبات حقه من خلال سماع الشهود، وأن يعلم جيدًا أصول واعتبارات سماع المحكمة للشهود، وأن الشاهد يجب أن يرى بعينه، ويسمع باذنه، ولا يستقى معلوماته نقلا عن الآخرين.
كما ينبغي على الخصوم في أثناء مرحلة التحقيق أن يطلعوا على حكم التحقيق للوقوف على ما تهدف إليه المحكمة من إحالة الدعوى للتحقيق، وأن يقف الشهود على ما تريده المحكمة من معلومات من خلال شهاداتهم، وعلى المحامي أثناء إجراء التحقيق، أن يكون متابعًا لأقوال الشهود، وأن يوجه في نهاية سؤال كل شاهد الأسئلة التي يرى أن تقود إلى إظهار الحقائق التي غابت عن بصر المحكمة أثناء تداول الدعوي.