المقصود بقاعدة العقد قانون العاقدين وما يترتب عليها وفقًا لـ «النقض»

 قالت محكمة النقض في أثناء نظرها الطعن رقم 1117 لسنة 73 القضائية، أن مؤدى نص المادتين 147، 148 من القانون المدني أن العقد قانون العاقدين ونصوصه هي المرجع في تبيان نطاق التعاقد، بالنسبة للأشخاص والموضوع، وتحديد شروطه والحقوق الناشئة عنه والالتزامات المتولدة منه، ولا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه على وجه التخصيص والإفراد، وإنما يضاف إليه ما يعتبر من مستلزماته وفقًا للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام.

 

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده الأول – في الطعنين – أقام الدعوى رقم….. لسنة 2000 إسكندرية الابتدائية على الطاعنين بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ….. جنيه على سند من أنه بتاريخ 6/ 7/ 1997 أبرم وزير الصحة مع شركة…. عقد تكافل جماعي مختلط برقم 191 لصالح العاملين في وزارة الصحة والجهات التابعة لها تعهدت بموجبه الشركة بدفع مبلغ مقداره أجر شهرين عن كل سنة من تاريخ الاشتراك في التكافل حتى بلوغ سن المعاش بحد أدنى أجر خمسين شهرًا وإذ سدد الطاعن الأقساط المستحقة في مواعيدها حتى بلوغه السن القانونية للتقاعد في 1/ 12/ 1999 فيستحق مبلغ التأمين المطالب به.

 

ومحكمة أول درجة حكمت برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده الأول – في الطعنين – هذا الحكم بالاستئناف… لسنة 58 ق الإسكندرية وبتاريخ 25/ 12/ 2002 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبالطلبات. طعنت وزارة الصحة في هذا الحكم بالطعن… لسنة 73 ق وشركة التأمين بالطعن…. لسنة 73 ق وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعُرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظرهما وفيها التزمت النيابة رأيها.

وحيث إن الطعن… لسنة 73 ق أقيم على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب ذلك أنها تمسكت في دفاعها بأن نصوص عقد التأمين الجماعي المبرم بينها ووزارة الصحة واضحة الدلالة على أن مديريات الصحة بالمحافظات والهيئات والمؤسسات التابعة لها لا تعتبر طرفًا في ذلك العقد إلا بعد استكمال إجراءات الانضمام إليه وهى إبداء المديرية أو الهيئة الرغبة في الانضمام بطلب يقدم إلى الشركة الطاعنة مرفق به كشوف بأسماء العاملين راغبى الاشتراك وبياناتهم ورواتبهم مع سداد القسط الأول من أقساط التأمين.

 

وبأن مديرية الصحة بالإسكندرية التي يعمل بها المطعون ضده الأول لم تتخذ هذه الإجراءات حتى بلوغه سن المعاش في 1/ 12/ 1999 فلا يستفيد من عقد التأمين المذكور، إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل بحث هذا الدفاع وقضى بأحقية المطعون ضده الأول في مبلغ التأمين لمجرد أن مديرية الصحة بالإسكندرية قامت باستقطاع جزء من راتبه رغم أن هذا الإجراء لا يرتب أى أثر قبل الطاعنة مما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن مؤدى نص المادتين 147، 148 من القانون المدني أن العقد قانون العاقدين ونصوصه هي المرجع في تبيان نطاق التعاقد – بالنسبة للأشخاص والموضوع – وتحديد شروطه والحقوق الناشئة عنه والالتزامات المتولدة منه، ولا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه على وجه التخصيص والإفراد وإنما يضاف إليه ما يعتبر من مستلزماته وفقًا للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام.

لما كان ذلك، وكان الثابت من عقد التكافل الجماعي المختلط رقم 191المؤرخ 1/ 7/ 1997 أنه أورد في ديباجته أنه حرر بين الشركة الطاعنة ووزارة الصحة والسكان وكذلك مديريات الصحة بالمحافظات والهيئات والمؤسسات التابعة لها التي ترغب في الانضمام لهذا العقد وهى العبارات ذاتها التي نص عليها في البند الثاني من المادة الثانية في تعريف المتعاقد، كما نصت المادة الخامسة منه على أن “المشمولين بهذا التأمين: – يسرى التكافل بهذا العقد على جميع العاملين الدائمين الحاليين المرسل بياناتهم في بدء التعاقد والذين تمت عليهم الدراسة لتحديد نسبة الخصم من المرتب وكذلك من يلتحق بخدمة المتعاقد في المستقبل ويحق لجميع العاملين بوزارة الصحة والسكان وكذلك مديريات الصحة بالمحافظات والهيئات والمؤسسات التابعة لها التي ترغب في الانضمام لهذا العقد الاشتراك في النظام خلال ستة أشهر من تاريخ التوقيع على العقد”.

 

كما تضمنت المادة الثامنة قواعد حساب أقساط التأمين ومواعيد استحقاقها وأن سريان التأمين معلق على سداد الأقساط وكان البين من هذه النصوص أن مديريات الصحة بالمحافظات والهيئات والمؤسسات التابعة لها لا تعتبر أي منها طرفًا في هذا العقد ولا ينصرف أثره إليها إلا إذا أفصحت عن رغبتها في الانضمام إليه وكانت طبيعة الالتزامات الناشئة عن عقد التأمين الجماعي تفرض تحديد عدد المستفيدين الذين يشملهم التأمين ومرتباتهم وكافة البيانات المتعلقة بهم مثل طبيعة الأعمال المنوطة بهم وأعمارهم باعتبارها الأساس في حساب النسبة التي تستقطع من مرتباتهم وأقساط التأمين ومبلغ التأمين المستحق للمستفيد فإن انضمام أىٍ من الوحدات السابقة لا ينتج أثره ويصبح نافذًا إلا بعد تقديم هذه البيانات إلى شركة التأمين.

لما كان ما تقدم، وإذ خلت أوراق الدعوى ومستنداتها من ثمة دليل على أن مديرية الصحة بالإسكندرية التي يعمل بها المطعون ضده طلبت الانضمام إلى عقد التأمين الجماعي موضوع التداعي واتخذت الإجراءات اللازمة لسريانه ونفاذه حتى تاريخ بلوغه سن الإحالة إلى التقاعد في 1/ 12/ 1999 فإنها لا تعتبر طرفًا في عقد التأمين الجماعي ولا يستفيد منه المطعون ضده الأول، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بأحقيته في مبلغ التأمين المطالب به لمجرد اقتطاع المديرية المذكورة جزءًا من راتبه رغم أن هذا الإجراء لا يرتب أى أثر قبل الطاعنة فإنه يكون قد خالف نصوص العقد وأخطأ في تطبيقها مما يجعله مشوبًا بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.

وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وحكمت بتأييد الحكم المستأنف فيما انتهى إليه من رفض الدعوى.

وحيث إن المحكمة انتهت إلى عدم استحقاق المطعون ضده الأول لمبلغ التأمين فإنه يترتب على ذلك نقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزام الطاعنين في الطعن…. لسنة 73 ق بالمبلغ المطالب به بالتضامن مع شركة التأمين دون حاجة لبحث أسباب هذا الطعن.

 

لجنة الفكر القانوني بنقابة المحامين تعقد حلقة نقاشية حول تعديلات قانون المحاماة

زر الذهاب إلى الأعلى