المخاطر الحدودية والوجودية وتأثيرها على الأمن القومي
بقلم: محمود عنتر المحامي
إن الحدود المصرية مع دول الجوار تشهد العديد من التطورات التي تحمل معها الكثير من المخاطر والتحديات التي تهدد الأمن القومي المصري، علماً بأن خطورة تهديدات دول الجوار تتمثل في أنها تتداخل مع مصادر تهديدات أخرى دولية معقدة تضغط على الأمن القومي المصري في الفترة الأخيرة بصورة غير مسبوقة، وهناك ترابط بين التهديدات والمخاطر التي تأتي على مصر من دوائر جوارها وأهمها بكل تأكيد ليبيا التي تشهد تدهور مستمر مع تزايد مظاهر عدم الاستقرار وافتقاد الأمن وكذلك غزة والسودان، بما يوحي أن هناك نوعاً من التماثل والتنسيق بين القوي التي تقف وراء هذه المخاطر في تلك الدوائر للرغبة في السيطرة على الثروة النفطية الليبية.
ولم تكن حدودنا الغربية أبداً بهذا المستوى من التهديد الخطير للأمن القومي المصري، وعندما نشبت الاحتجاجات الليبية ضد حكم القذافي، في فبراير 2011، كانت مصر منشغله بمجريات الأمور الداخلية على نحو لا يمكن أن يتيح الفرصة لمتابعة الأحداث في ليبيا، وتوقع ما يمكن أن تصل إليه المستجدات من خطورة على أمن مصر ومصالحها ، ووقت إذ تمثلت أبرز تلك التهديدات للأمن القومي المصري في:
1- الاتصال المتبادل بين الجماعات الارهابيه المسلحة عبر السلاح والتدريب للعمليات الإرهابية وإيواء الارهابيين، لاسيما مع انضمام جنسيات متعددة للجماعات الجهادية .
2- المساهمة في نمو ظاهرة الجريمة المنظمة (تهريب السلاح والمخدرات، وغيرها) على جانبي الحدود المصرية الليبية، لاسيما أنها تشكل قاعدة اقتصادية وتمويلية للتيارات الارهابيه .
3- الإضرار بالمصالح الاقتصادية (استهداف العمالة المصرية، والاستثمارات، والخطف والتعذيب وغيرها) بين مصر وليبيا.
4- مسرح عمليات عسكريه واشتباكات عنيفة بين الجيش الوطني من جهة بقيادة المشير خليفة حفتر، وميليشيات تابعة لحكومة طرابلس بقيادة السراج مدعومة بمرتزقة سوريين أرسلتهم تركيا مؤخراً من جهة أخرى .
ومنذ تلك الفتره الحرجه وحتي يومنا هذا وأمام التدخل العسكري التركي في ليبيا، تتمسك مصر بموقفها الثابت من الأزمة الليبية، داعية إلى حل سياسي ليبي بالأساس، تضطلع فيه دول الجوار بمسؤولياتها لمنع الدول الراغبة في اقتناص مصالحها على حساب مقدرات الشعب الليبي وأمنه وسيادته وسلامة جيرانه. وهو الأمر الذي لا يمكن تحقيقه في ظل مواصلة أردوغان، بدعم قطري مؤكد، إرسال الإرهابيين والسلاح والخبراء.
ومنذ أيام قليله أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي اثناء تفقده للاصطفاف الخاص بالقوات المسلحة فى المنطقة الغربية العسكرية فى “سيدى برانى” بمحافظة مرسى مطروح ،ان السياسة الخارجية لمصر لم تتعود على التدخل في الشؤون الداخلية للدول وان عقيدة الجيش المصري وثوابته عدم الاعتداء على الآخرين وان أى تدخل مصرى فى ليبيا يهدف لتأمين الحدود وحقن دماء الشعب الليبى .
وبالمقابل وعلى صعيد المجتمع الليبى نجد ان مجلس القبائل الليبيه أشاد بموقف مصر الحالي تجاه ليبيا وأهلها وأنه امتداد للموقف المشترك بينهم في الدفاع عن الأوطان ضد أطماع الغزاة والمستعمرين على مدى التاريخ مما جعل أواصر العلاقات الثقافية والعلمية والاجتماعية والقبلية ذات بُعد مميّز بين البلدين حفظ الله ليبيا من الغزاة والمرتزقة والإرهابيين وألهم أهلها الرشد والصلح والسلم ورزقها الأمان والعافية والطمأنينة والسلام.
وللحديث بقيه في المقال القادم عن المخاطر الوجوديه وتأثيرها علي الامن القومي المصري.