المحكمة الدستورية ومحكمة النقض بين التأييد والرفض
بقلم: الأستاذ/ محمد عبد السميع
قواعد النظام العام يجب تحديدها بالقياس على نصوص الدستور، فنصت المادة ٢٩ من قانون المحكمة الدستورية ((إذا ترأى لإحدى المحاكم أثناء نظر إحدى الدعاوى..)) وقد جاء لفظ محاكم مطلقا مما يبيح الطعن بعدم الدستورية ولو لأول مرة أمام محكمة النقض الأمر الذي رفضته النقض بحجة أنه دفع غير متعلق بالنظام العام والذي قالت فيه الدستورية أنه من الدفوع التي لا يخالطها واقع حريا قبوله ولو لأول مرة أمام النقض.
س: من أين جاء الخلاف؟
جاء هذا الخلاف بمناسبه شرح الفقه لنص المادة ٢٩ من قانون المحكمة الدستورية والذي أورد أول لفظ “إحدى المحاكم” وأيد الفقه أن هذا اللفظ يشمل جميع المحاكم على اختلاف درجتها وأنواعها مدنيه جنائية عسكرية شرعية قضاء إداري وأمن دولة بما فيهم النقض حتى ولو كان الدفع بعدم الدستورية يثار لأول مره أمامها الأمر الذي رفضته النقض بحجة أنه دفع لا يجوز إثارته لأول مره أمامها.
الطعن رقم ١٥٢٩ لسنة ٦٢جلسة ٦يناير ١٩٩٤م
لكن هذا الرفض قد عارضته الدستورية من خلال أحكامها قائله إن أعراضها عن بحثه على ضوء ظاهر الأمر فيه بمقولة إن رقابتها منحصرة في مسائل القانون وحدها مؤداه أن يكون مرجعها في هذه الرقابة إلى النصوص التشريعية المعمول بها عند الفصل في الطعن المعروض عليها وان هذا الدفع أمامها بعدم دستورية القوانين من مسائل القانون التي يدخل فيها في ولاية محكمة النقض التي عهد إليها المشرع بمراقبة صحة تطبيقه على الوقائع التي خلص إليها الحكم المطعون فيه.
دستورية عليا القضية رقم ١٠٢ لسنة ١٢ قضائية دستورية جلسة ١٩ يونيو ١٩٩٣ أحكام الدستورية العليا الجزء الخامس المجلد الثاني ص ٣٤٣ القاعدة رقم ٢٩.
ويؤيد الفقه حكمة الدستورية سالف الذكر لأن النقض تعد من قبيل المحاكم المذكورة في نص المادة ٢٩ وأنها يجب عليها أن تقبل الدفع بعدم الدستورية لما في عدم قبوله مخالفه تشريعية أناط بها القانون تلك المحكمة تحقيقه وعدم الإبقاء على أي نص مخالف للدستور لأن قواعد النظام العام كلها يجب تحديدها بالقياس على نصوص الدستور.
لكن نشير إلى الحكم الاستثنائي لمحكمة النقض والتي صرحت فيه بالطعن بعدم الدستورية وهي حالة متعلقة بطلبات رجال القضاء وخلاصة الحكم أن مجلس تأديب القضاة عزل المدعي من وظيفته القضائية إعمالا للمواد ٩٩ و١٠٧ و١٠٨من القرار بقانون ٤٦ لسنة ١٩٧٢م بشأن السلطة القضائية فطعن على قرار عزله أمام الدائرة المدنية فصرحت له وارتأت جدية الدفع وطلبت هيئة قضايا الدولة بعدم قبول في خصوص موارد من طعن بعدم الدستورية بمقولة إن محكمة الموضوع لم تصرح للمدعي بالطعن عليها وان نعيه بعدم الدستورية لا يعدو أن يكون اختصاما عن طريق الدعوى الأصلية التي لا يجوز قبولها أمام هذه المحكمة وقد رفضت المحكمة الدستورية الدفع لأن المدعي قد دفع أمام محكمة الموضوع بعدم دستورية القرار بقانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٢ م بأكمله.
دستوريا عليا القضية رقم ٣١ لسنة ١٠ق جلسة ٧ ديسمبر ١٩٩١م الجزء الخامس المجلد الأول ص ٥٧ القاعدة رقم ١٢.
فهل صرحت له في تلك الحالة الاستثنائية برفع الدعوى لأنها تعد في هذه الحالة محكمة موضوع وليست محكمة نقض؟؟