المحكمة الدستورية: لا تفرقة بين المواطنين على أساس الدين في قضايا الزنا
كتب: أشرف زهران
أصدرت المحكمة الدستورية العليا، برئاسة المستشار سعيد مرعي عمرو، ٣ أحكام، أمس السبت، أولها عدم دستورية ما تضمنه عَجُز نص المادة 276 من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، من قصر الدليل الذي يُقبل ويكون حجة على المتهم في جريمة الزنا على حالة وجوده في منزل مسلم وعدم التمييز بين المواطنين.
كما قضت المحكمة بأحقية العاملين بالثروة السمكية في رصيد إجازاتهم، وعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 59 من لائحة نظام العاملين بالهيئة العامة، وفي الحكم الثالث قضت المحكمة بمنح العاملين غير المؤهلين حساب مدة خبرتهم العملية.
وأوضح بيان، أنه في الحكم الأول قضت المحكمة في الدعوى رقم 248 لسنة 30 قضائية «دستورية»، بعدم دستورية ما تضمنه عجز نص المادة 276 من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، من قصر الدليل الذي يُقبل ويكون حجة على المتهم في جريمة الزنا على حالة وجوده في منزل مسلم.
وكانت هذه المادة تنص على أن «الأدلة التي تُقبل وتكون حجة على المتهم بالزنا هي القبض عليه حين تلبسه بالفعل أو اعترافه أو وجود مكاتيب أو أوراق أخرى مكتوبة منه أو وجوده في منزل مسلم في المحل المخصص للحريم».
وقال المستشار الدكتور حمدان فهمى، رئيس المكتب الفني، أن المحكمة استندت في ذلك إلى أن النص المطعون عليه قد شرع حقًا إجرائيًّا لسلطة الاتهام، وللمحكمة الجنائية، في تحرى أركان جريمة شريك الزوجة الزانية، وإقامة الدليل عليه وفقًا للقواعد العامة، متى وجُدِ في منزل مسلم، بما مؤداه- بدلالة مفهوم المخالفة- أن يكون ارتكابه الإثم في منزل غير المسلم غير منتج في إقامة الدليل على ارتكاب الجريمة عينها، إذ يشكل صدر هذه المادة حائلا إجرائيًّا يحول دون إدانته بالمساهمة في هذه الجريمة، وكان من شأن هذه التفرقة أن يضفى النص المطعون فيه على مسكن المسلم حماية ينكرها على مسكن غير المسلم، ويقر لصاحب المسكن المسلم بحرمة لا يسلم بها لمسكن غيره.
وكان تمييز منزل المسلم عن منزل غير المسلم، في هذه الحالة، هو تمييز قائم على أساس الدين، دون مبرر موضوعي لهذه المفارقة. وكان الدستور قد حظر على نحو جازم كافة صور التمييز بين المواطنين، وخص من بينها التمييز بسبب الدين، أو العقيدة، لما لهذه الصورة أو تلك من أهمية عظمى تمثل إحدى القيم الجوهرية التي تؤمن بها المجتمعات المتحضرة، وأن النص في هذه الجزئية يخالف أحكام المواد 4، 53، 97 من الدستور.
وفي الحكم الثاني قضت المحكمة، بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 59 من لائحة نظام العاملين بالهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية الصادرة بقرار مجلس إدارتها رقم 174 لسنة 1984، فيما تضمنه من وضع حد أقصى للمقابل النقدي لرصيد الإجازات الاعتيادية التي لم يستنفدها العامل حتى انتهاء خدمته، لا يجاوز أجر ثلاثة أشهر، متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد راجعًا إلى أسباب اقتضتها مصلحة العمل.
وقال المستشار الدكتور حمدان حسن فهمي، رئيس المكتب الفني للمحكمة، أنها استندت في ذلك إلى أنه كلما كان فوات الإجازة راجعًا إلى جهة العمل، أو لأسباب اقتضتها ظروف أدائه دون أن يكون لإرادة العامل دخل فيها، كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عنها.
كما قضت المحكمة بأحقية العاملين غير المؤهلين في حساب مدة خبرتهم العملية، وعدم دستورية عبارة «وإلا سقط حقه نهائيًّا في حساب هذه المدة» الواردة في الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قرار وزير شؤون مجلس الوزراء ووزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 5548 لسنة 1983 بشأن قواعد حساب مدد الخبرة العملية عند التعيين للعاملين غير المؤهلين، المضافة بقراره رقم 33 لسنة 1985 ببعض الأحكام الخاصة بحساب مدد الخبرة العملية عند التعيين للعاملين غير المؤهلين.
وكانت هذه الفقرة تنص على أن «وعلى من يعين أو يعاد تعيينه من العاملين غير المؤهلين اعتبارًا من تاريخ العمل بهذا القرار أن يذكر مدة خبرته السابقة في الاستمارة الخاصة بذلك عند تقديم مسوغات تعيينه وذلك دون حاجة إلى تنبيه وإلا سقط حقه نهائيًّا في حساب هذه المدة».
وقال المستشار الدكتور حمدان حسن فهمي، رئيس المكتب الفني للمحكمة، أن المحكمة استندت في ذلك إلى أن النص المطعون فيه يخالف ما أوجبه نص الفقرة الثانية من المادة 27 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة – بعد استبداله بالقانون رقم 115 لسنة 1983 – من حساب مدة الخبرة العملية التي تزيد على مدة الخبرة المطلوب توافرها لشغل الوظيفة وفق الشروط والضوابط الواردة في النص سالف البيان، والتي خلت من تحديد ميعاد لسقوط الحق في حساب هذه المدة، الأمر الذي يكون معه النص المحال مجاوزًا حدود التفويض الصادر من المشرع بشأن وضع القواعد المنظمة لكيفية حساب مدة الخبرة العملية السابقة على التعيين للعاملين غير المؤهلين، بما يضحي معه هذا النص مخالفًا لحكم المادة 144 من دستور 1971.