المحامي الأنيق

كتب: شحات خلف الله 

من الأدوات التي يجب أن تتوفر لديك لتكون مُحام رسول كما ذكرت في المقال السابق ويشار لك بالبنان عليك بالاهتمام بالمظهر العام، وكما يقال: العين دوما تعشق البدايات فإن كان المحام مهندما أنيقا في مظهرة محافظاً على وقاره في نوعية الملابس، وتسريحة الرأس، بكل تأكيد سيلاقي القبول في النفس لدى الموكل، ولدى الهيئة القضائية التي سيقف أمامها طالبا حق موكله إذ من غير المقبول أن نري محامي يرتدي تيشرت عليه رسوم مثلا ويحضر للدفاع عن موكل!

لا أقول ارتدى أفخم الملابس وأرقاها فالإمكانيات تتفاوت لكن قد تكون ملابس بسيطة لكنها تحمل وقار وهيبة لصاحبها ونتذكر القصة الشهيرة في إرثنا الثقافي عندما كان العالم الجليل أبى حنيفة النعمان يجلس مع تلامذته في المسجد وكان يمد رجليه بسبب آلام في الركبة قد أصابته وكان قد استأذن طلابه أن يمد رجليه لأجل ذلك العذر.

وبينما هو يعطي الدرس مادّاً قدميه إلى الأمام إذ جاء إلى المجلس رجل عليه أمارات الوقار والحشمة فقد كان يلبس ملابس بيضاء نظيفة ذو لحية كثة عظيمة فجلس بين تلامذة الإمام فما كان من أبي حنيفة إلا أن عقص رجليه إلى الخلف ثم طواهما وتربع تربع الأديب الجليل أمام ذلك الشيخ الوقور.

وقد كان يعطي درساً عن دخول وقت صلاة الفجر وكان التلامذة يكتبون ما يقوله الإمام وكان الشيخ الوقور أو ضيف الحلقة يراقبهم وينظر إليهم من طرف خفي فقال لأبي حنيفة دون سابق استئذان: يا أبا حنيفة إني سائلك فأجبني. فشعر أبو حنيفة أنه أمام مسؤول رباني ذو علم واسع واطلاع عظيم فقال له: تفضل فقال الرجل: أجبني أن كنت عالما يُتَّكل عليه في الفتوى، متى يفطر الصائم؟ ظن أبا حنيفة أن السؤال فيه مكيدة معينة أو نكتة عميقة لا يدركها علم أبي حنيفة فأجابه على حذر: يفطر إذا غربت الشمس فقال الرجل بعد إجابة أبي حنيفة ووجهه ينطق بالجدِّ والحزم والعجلة وكأنه وجد على أبي حنيفة حجة بالغة وممسكاً محرجاً: وإذا لم تغرب شمس ذلك اليوم يا أبا حنيفة فمتى يُفطر الصائم وبعد أن تكشّف الأمر وظهر ما في الصدور.

وبان ما وراء اللباس الوقور قال أبو حنيفة قولته المشهورة التي ذهبت مثلاً وقد كُتِبَتْ في طيات مجلدات السِّيَر بماء الذهب : آن لأبي حنيفة أن يمد رجليه فالشاهد من تلك القصة هنا ان المظاهر وحدها لا تكفى أيضا فالعقل والثقافة تغطي على الشكل الخارجي حتى لو كان صاحبها يرتدي ملابس بسيطة لذا كن حذرا في تلك الجزئية ولا تجعل ثيابك أغلى ما لديك وافخم من جوهرك وسنتناول في عناصر لاحقة بعض الأدوات المتعلقة بالثقافة والدراسة والتعلم الدائم فكلنا طلاب علم حتى تقوم الساعة والعلم يتطور بصورة واضحة وجليه ولا يحيد عنها إلا غافل.

زر الذهاب إلى الأعلى