المحاماة ليست للجميع
كتب: عبدالله رجب عفيفي
رسالة إليك عزيزي حديث التخرج، إذا كنت شخص يحب الروتين، وعلى استعداد التوجه صباح كل يوم لجهاز قراءة البصمة لإثبات حضورك، ثم مساء لإثبات انصراف، مقابل راتب ثابت أخر كل شهر، لسداد التزاماتك المادية، فعند تخرجك من كلية الحقوق، لا تتوجه لنقابة المحامين، لكي تمتهن مهنة المحاماة، لأنها وبمنتهى البساطة ليست مهنة لها راتب، ولكنها رساله عظيمة ومرهقة في نفس الوقت.
ولذلك أسموها مهنة الحياة كما أطلقوا على المقابل المادي لها بالأتعاب، فإن كانت طبيعتك تعشق الاستقرار فلا مجال لك للعمل بأي مهنه مليئة بالإثاره الإجتماعية، فما بالك بالمحاماة فهي مهنة مليئة بالمنعطفات، والمنحنيات الخطيرة، قد تكون سبباً رئيسياً في تحديد مصير الشخص الذي تتولى قيادة أمره، فبيديك وحدك تحريره من قيده، أو قيد حريته، وعليك تحمل التبعات إما خيراً، أو لاقدر الله.
فكل يوم تعيش حياة جديدة في هذه المهنه و مكان جديد تطأه قدماك و اشخاص جديده تتعرف عليها ، فهى ليس لها مواعيد من الممكن أن تكون في بيتك الساعة العاشرة صباحا، ومن الممكن أن تكون في قسم الشرطة الساعة الرابعه فجراً.
فخوضك لهذه الرسالة تجعلك دائما تناقش، وتتسائل وتتحرى وتجيب، وتعرف أن لكل مشكلة أكثر من حل، وبجهدك تستطيع الخروج من هذا المفرق، لإيجاد الحل الأمثل لكي تجازي الجزاء الأمثل، ليكون من جنس عملك.
فهي مهنة أشبه بالمغامرة، تبدأ تلك المغامرة بمجرد فتحك ملف القضية الجديدة، وتقرر قبولها، وتنتهي بحكم المحكمة، قد يقصر وقت هذه المغامرة، أو يطول، ويعتمد هذا كله على وعيك وادراكك، وحبك لما تصنعه من عمل.
صدقني يا عزيزي أنا لا أقول لك شعارات زائفة ، فابحث جيدا عن مهنة يوجد بها المعنى الشامل للانسانية، أي تستطيع من خلالها أن تحارب الشر، وتقمع الظلم وتنصر الخير، وتحقق العدل، وكل ذلك بحرية كاملة، دون ضغط من أحد وبطريقة قانونية، فلن تجد سوي المحاماة.
ولكن هناك جانب آخر يجب ان تعرفه، عن المحاماة، فالمحاماة لن تعطيك مقابل مادي في أول الطريق، لأنها تعطي فقط من يعطيها أولاً صبراً، وجهداً وتضعك تحت الإختبار سنوات.
وهذه السنوات قد تكون أنت عزيزي القارئ بحاجة إليها خاصة وأنت في مقتبل العمر ، فإن كنت تهوى المغامرة والمصابرة والمخاطره والبحث واستجلاء، وجه فأهلا بك في عالم المحاماة، مهنة الحياة، مهنة العظماء فقط.