المحاماة بين المطرقة والسندان
بقلم: أ. الحسيني العسقلاني
في حقبة زمنية كانت المحاماة من المهن ذات الطابع الخاص من يمتهنها لابد أن يتسم بحسن الهيئة وقوة الشخصية والثقافة العامة والقانونية لابعد الحدود، كونه يتعامل مع كل أطياف المجتمع في مال مملوك لهم أو حرياتهم وحقوقهم.
وبعد أن كانت المهنة تحمل كل معاني القوة والهيبة ويحصنها قانون المحاماة قبل التعديلات الكثيره التي أضعفت منه وإصابته بالعوار
فجاءة أصبحت مهنة سهلة المنال، ومن الممكن لأي شخص العمل بها كونه لا يجد فرصة أخرى بعد أن قدم في الهيئات والجهات والشركات ورفض أو عزل او استقال بلا أي ضوابط أو قيود من داخلنا.
ومن هنا بدأت المأساة الحقيقة حتى أصبح المحامي لا يعرف حقوقه أولا التي ضاعت بين مصالح شخصية كل ما فيها يعمل لصالح نفسه ومريديه فقط وأصبح المحامي علة المحك بين كافه الطوائف والجهات المتعامل معها، الجميع تخلى عنه وحصاناته أصبحت حبر على ورق دون تنفيذ وأصبح هو من يسعى إلى كسب قوته من المواطن دون تدريب أو تمويل أو معاش مجدي أو تامين صحي أو أي ضمانات لمجهوده الغير ملموس كونه يقدم جهد وفكر وخبره وليس سلعة، وأصبح أداة في يد موكله من السهل أن يغبنه في أتعابه ويسيء سمعته للتهرب من ما تبقي عليه.
وأصبحت سمعة المهنة في تردي يوما بعد الآخر لكثرة مشتغليها وقلة الفرص والسعي وراء الكسب السريع والجهل بالقانون العبث بالمستندات والعلاقات وعلو شيوخ المهنه على شبابها.
ومع كل هذا إذا استطاع المحامي أن يغتصب مال أو يمتنع عن تنفيذ القانون أو تلاعب بالحق دون أن يترك أثر يدينه أصبح نجمه ساطع والجميع يسعى وراءه، ويسبح في فلكه
إلى أن وصل بنا الحال أن أصبحنا أداه لكل من يريد الوصول لمقعد سياسي بالتوغل من خلالنا أو جعلنا وسيلة أو أداة لاستكمال مشهد هش قد فصل فيه قبل نظره.
أتمنى أن أرى النقابة تحاسب مجالسها وأعضائها من الداخل وتعارض وتحارب من يقلص أو يعارض حقوقهم الأصيلة من الغير، وأن تمد المحامي بكل الأدوات التي تساعده في جلب الحق وسمو الرسالة.
أتمنى أن يستكمل معهد المحاماه دوره من أجل خلق جيل واع مدرب، أتمنى أن أرى تشريعا جديدا لقانون المحاماة يحصن المحامي ويردعه إذا خالفه من الداخل.
أتمنى أن أرى المحامي علم على كل منبر بالعلم والخلق، أتمنى أن صوت المحامي لا يذهب إلا لمن يثق أنه يمثله بعيدا عن المصالح، أتمنى أن أرى خدمات الربط الإلكتروني بين مكتب المحامي والمحاكم والنقابة بفرعيتها.
أتمنى أن أرى خريج التعليم المفتوح الحاصل على دبلوم له حظ داخل مكاتب المحاماة كعمله كوكيل محام بحد أدنى من الأجور وعقد موحد، أتمنى أن أرى الجهات الحكوميه توفر شباك للتعامل مع المحامين، أتمنى أن تعمل نقابه المحامين على توفير محامي النقض المتفرغين في العمل داخل المحاكم ومساعدة المحامين الشباب.
أتمنى تعديل قانون الإجراءات الجنائية والمرافعات بما يتماشى مع العصر الحديث لسرعة الفصل في القضايا.
أتمنى تفعيل عقود أتعاب موحدة الشروط حتى لا يخسف قلة من المحامين مجهود الكافة ويسهل محاسبة المحامي إذا قصر والموكل إذا أخل.
أتمنى أن أرى نقابة تعظم من مواردها بإنشاء شركة مساهمة تعمل على خدمة المجتمع حقوقيا، وتعيين محامين بداخلها، وكذا إنشاء صناديق تكافل للمحامين.
أتمنى أن أرى ضوابط موحدة وآليات عمل ثابتة وعقود موحدة مع كل المتعاملين على أي أنشطة خدمية للمحامين سواء أندية أو غرف النقابات للحد من التلاعب والإهدار.
أتمنى أن أرى المحاماة كما هي رسالة سامية غير منقوصة أو مشروطة أو يشوبها العوار.