المبادئ الْعَامَّة لِلْقانون وَالْقَاعِدَة القضائية
بقلم: الأستاذ/ زكريا فام رياض
نتحدث اليوم عن المبادئ العامة للقانون باعتبارها من المصادر الإجرائية في القرار الإداري، إلا أنه يجب أن نلاحظ أن هناك فرقا بين المبادئ العامة للقانون وبين القاعدة القضائية، فدور القاضي بالنسبة للمبادي العامة للقانون هو كشفها وتأكيد وجودها وإعلان إلزاميتها بحيث يتعين على الإدارة احترامها وعدم الخروج عليها.
بينما القاعدة القضائية ينشئها القاضي وذلك ببحثه عن إرادة المشرع ويستخلصها من مجموعة القواعد الإدارية التي تصيغها القوانين واللوائح.
ويختلف المبدأ القانوني العام عن القاعدة القضائية من نواح ثلاثة، هي أن المبدأ القانوني العام ( عام ) حيث يطبق على عدد غير محدد من المراكز في حين أن القاعدة القضائية خاصة لأن الأصل أن قوتها كما هو الشأن في الأحكام الصادرة بتقريرها من حيث نسبيتها حتى ولو أتخذت سابقة وعمم تطبيقها في المنازعات المماثلة لأن تعميم التطبيق لا يغير طبيعتها باعتبارها تقررت في خصوصية مركز قانوني معين.
بينما المبدأ العام دائم وأكثر استقرارا من القاعدة القضائية غير المستقر، وعليه فإن المبدأ العام مثالي وسام لأنه تعبير عن حاجيات عليا في حين أن القاعدة القضائية عملية ومحدودة.
(د . مُحَمَّد عُصْفُور ، مَذَاهِب الْمَحْكَمَة الإدَارِيَّة الْعُلْيَا فِي الرَّقَّابَة وَالتَّفْسِير وَالْإِبْدَاع ، 1957 ، ص 369 ، وَمَا بَعْدَهَا ).
وقد يلجأ القاضي لاستنباط هذه المبادئ من إعلانات الحقوق ومقدمات الدساتير ، وإذا كان أساس المبادئ العامة للقانون هو استنباط إرادة المشرع والجماعة فإن هذه الإرادة ترتبط كل الارتباط بالظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية السائدة.
وقد أثبت القضاء الإداري قدرته على الكشف عن هذه المبادئ في القانون الإداري بصفة عامة وفى مجال الإجراءات الإدارية غير القضائية بصفة خاص، فلقد قررت المحكمة الإدارية العليا في معرض تقريرها لمبدأ الحيدة:
” أن ثمة قاعدة مستقرة في الضمير تمليها العدالة المثلى ولا تحتاج إلى نص يقررها ، وهى أن من يجلس مجلس القضاء يجب ألا يكون قد كتب أو استمع أو تكلم ، حتى تصفو نفسه من كل ما يمكن أن يستشف منه رأيه فى المتهم ، بما يكشف لهذا الأخير مصيره مقدما بين يديه فيزعزع ثقته فيه أو يقضى على اطمئنانه إليه “.
(مَجْمُوعِة المبادئ الَّتِي قَرَرَتْهَا الْمَحْكَمَة الإدَارِيَّة الْعُلْيَا ، السَّنَةِ الْأُولَى ، الْقَضِيَّة رُقِم 108 لِسَنَة 2 ق ، ص 613 ).
وقررت محكمة القضاء الإداري في مجال مبدأ احترام حقوق الدفاع أنه ” من المسلم به كأصل غير قابل لأي جدل أن لكل إنسان الحق في المطالبة بحقه والدفاع عنه والتقاضي بشأنه وهذا الحق مستمد من المبادئ العليا منذ وجدت “.
(مَجْمُوعِه مَجْلِس الدَّوْلَة لِأَحْكَامِ الْقَضَاءِ الإداري ، السَّنَةِ الْخَامِسَةِ ، الْقَضِيَّة رُقِم 588 لِسَنَة 4 القضائية ، ص 1068).
فهذه المبادئ التي اكتشفها القضاء الإداري في مجال الإجراءات في القرار الإداري يتعين على الإدارة أن تلتزم بها عند إصدارها لقرارتها الإدارية حتى ولو لم يوجد نص يقرر ذلك باعتبار أن أساس مصدرها ليس النص وإنما المبادئ العامة للقانون.