الكمامة وحزام الأمان
بقلم: أشرف الزهوي المحامي
عندما يضع المشرع القانون فإنه يعبر بذلك عن حماية المجتمع وأمنه، وغالبا ما يكون القانون معبرا عن إرادة ورغبة الأغلبية، ويتم صياغة النصوص بشكل دقيق وواضح ويكون الجزاء عادلا ومناسبا، بعض القوانين النادرة لا تجد القناعة لدى بعض المخاطبين بها، فيسعون إلى الإفلات من تطبيقه أو التصنع بالالتزام به لمجرد الهروب من العقاب.
ومن أمثلة تلك القوانين، ارتداء حزام الأمان عند قيادة السيارة في بعض الدول النامية، وأغلب المشاهد في بلدي عند تطبيق هذا القانون تبدو طريفة ومضحكة، وشر البلية ما يضحك، فسائقي الشاحنات وسيارات الأجرة لا يلتزمون بربط الحزام إلا عند المرور من اللجان المرورية التي تراجع عملا تطبيق قانون المرور وأغلب أحزمة الأمان في سياراتهم لا تعمل فهي مجرد شكل فقط.
وكان من المؤسف أن يستخدم بعض سائقي الحافلات والميكروباص الكمامة المخصصة لحماية المواطن من انتشار الوباء السائد حاليا بذات الطريقة التي يستخدمون بها حزام الأمان. فالكمامة تستخدم من السائق حال الاقتراب من اللجنة المرورية ويحذر الركاب أيضا للبس الكمامة. ولا يقلل ذلك ابدا من المنضبطين والملتزمين بتطبيق القانون، في ضوء ما سبق يجب أن نرتقي دائما بدرجة التوعية والإقناع بقيمة القانون في تحقيق الأمن والسلامة لأفراد المجتمع لدى المخاطبين بالقانون، وأن يدرك المتفلتين من تطبيقه أنه لم يوضع لتقييد حريتهم أو التعنت في استخدامه.
وتظل العلامة الفارقة بين الدول المتقدمة والدول النامية؛ مدى امتثال الشعب لنصوص القانون وتطبيقه عن اقتناع بدون رقابة أو تفتيش من الجهات المعنية بالتطبيق.
وقد تكون بعض القوانين غير مرضية لدى بعض الأفراد داخل المجتمع مثل قوانين تجريف الأرض الزراعية والبناء عليها والبناء بدون ترخيص.. إلخ، ولكن يبقى القانون سياجا وحصنا للأغلبية من مخالفات البناء وإهدار الثروة الزراعية وما إلى ذلك.
وعلى المؤسسات الإعلامية والتعليمية والثقافية بل والصحية والرياضية دورا مهما في توضيح قيمة القانون وأهميته وعلى المؤسسات الاجتماعية والنفسية أن تخاطب الجانب النفسي والوجداني لدى المخاطبين بالقانون ليتحول القانون من أداة عقابية لا يخشاه المواطنين إلا للإفلات من العقاب إلى قانون ناعم لا عبرة فيه لعقوبة ما، إنما لقيمته وأهميته وفوائده لدى الكافة.