“القضاء الإداري”: جواز إلغاء التوكيل الرسمي الشامل بالإرادة المنفردة.. وتؤكد: امتناع الشهر العقاري عن إلغائه يعد قرارا إداريا يجوز الطعن عليه

كتب: أشرف زهران

أقرت الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة مبدأ قضائيا مفاده جواز إلغاء التوكيل الرسمي الشامل بالإرادة المنفردة، وأن امتناع الشهر العقاري عن إلغائه يعد قرارا إداريا يجوز الطعن عليه، وأنه يجب أن تكون عبارات التوكيل صريحة بعدم جواز إلغائه إلا بموافقة الوكيل.

وقضت الدائرة برئاسة المستشار فتحي توفيق، نائب رئيس مجلس الدولة ، وعضوية كل من إبراهيم عبد الغني وحامد محمود المورالي نائبا رئيس مجلس الدولة في الدعوى رقم 18462 لسنة 72، المقامة بطلب الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبي بامتناع مصلحة الشهر العقاري – الإدارة العامة للتوثيق – عن إلغاء التوكيل العام  الصادر من المدعي للمدعي عليها الأولي، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات بقبول الدعوي شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار السلبي بامتناع مصلحة الشهر العقاري – الإدارة العامة للتوثيق – عن إلغاء التوكيل العام الصادر من المدعي للمدعي عليها الأولي، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصـروفات وأتعاب المحاماة.

جاء الحكم تأسيسا على أن الوكالة عقد يلتزم بمقتضاه الوكيل أن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل، وهي في الأصل من عقود التراضي التي تتم بمجرد أن يتبادل طرف التعبير عن إرادتين متطابقتين ما لم يكن التصرف القانوني محل الوكالة شكلياً، والوكالة قد تكون عامة، وهي لا تصلح إلا لمزاولة الوكيل أعمال الإدارة فقط نيابة عن الموكل، وقد تكون خاصة وهذه لا بد من توافرها لقيام الوكيل بأعمال التصرف شريطة أن تتضمن تحديد أنواع التصرفات التي يجوز للوكيل مباشرتها ومحل هذه التصرفات إذا كان التصرف من قبيل التبرع، وأن الأصل أن الوكالة تنتهي بإتمام العمل محل الوكالة أو انقضاء أجلها أو وفاة أحد طرفيها، غير أن هذا الأصل ليس من النظام العام فيجوز لطرفيها الاتفاق على ما يخالفه كاستمرارها حتى مع وفاة الموكل، ففي هذه الحالة لا تنتهي الوكالة بموت الموكل بل يلتزم بها ورثته في حدود التركة، وكذلك الأمر إذا كانت الوكالة لمصلحة الوكيل أو الغير أو إذا كان من طبيعتها ألا تبدأ إلا عند وفاة الموكل كالتوكيل في سداد دين من التركة أو نشر مذكرات، وبالنظر إلي أن الأصل في الوكالة أنها تصدر لصالح الموكل فقد قيل بعدم جواز عزل الوكيل إذا كانت الوكالة لصالحة أو لصالح الغير إلا برضاء من كانت الوكالة في صالحه، وفي هذه الحالة فإن عزل الوكيل لا يكون صحيحاً ولا يجوز عزله بل تبقى وكالته قائمة بالرغم من عزله وينصرف أثر تصرفه إلي الموكل.

ومن حيث إنه في مجال تفسير عقود الوكالة التي تتضمن حقوقا للوكيل أو الغير، فإنه إما تكون الوكالة صريحة بأن تورد عبارات بعدم جواز إلغاء التوكيل إلا بحضور الطرفين أو في حضور الوكيل أو عدم إلغائها نهائيا أو باستمرارها حتى بعد وفاة الموكل لتعلقها بحقوق التركة، ولا تثور مشكلة في هذا الخصوص لوضوح عبارات التوكيل، أما التوكيل الذي لا يتضمن هذه العبارات ويكتفي بحق الموكل في البيع لنفسه وللغير فإنه من ثم يتعين الوقوف علي الإرادة الحقيقية لأطراف العقد، ففي العقود الخاصة التي تتضمن تصرفات محددة كبيع أو التصرف في عقار أو منقول معين بالذات بأي من التصرفات الناقلة للملكية لا تثور ثمة مشكلة كذلك وهو ما ذهبت إليه محكمة النقض في الطعن رقم ١٢٧٧ لسنة ٧١ قضائية بجلسة 16/5/2012 من أن “ثبوت توكيل المطعون ضده الأول المطعون ضده الثاني في بيع حصته الشائعة في العقار محل النزاع. وكالة غير قبالة للإلغاء إلا بحضور الطرفين وتوقيع الأخير على عقد البيع بصفته وكيلاً عن الأول وتوقيع الطاعن على العقد. مؤداه. عدم اجتماع صفة البائع والمشترى في شخص المطعون ضده الثاني وكيل المطعون ضده الأول. استقلال المطعون ضده الأول بإلغاء الوكالة بإرادته المنفردة لا أثر له”.

أما بخصوص التوكيل العام الرسمي العام الشامل لكافة أنواع التصرفات فإنه يتعين أن تكون عباراته صريحة في عدم جواز إلغاء التوكيل إلا بحضور الطرفين، أما لو تضمن التوكيل جواز بيع الوكيل لنفسه والغير فإنه لا يجوز اعتبار ذلك النص يرتب حقا لصالح الوكيل إذ لم ينصب علي عقار أو منقول محدد بالنوع أو بالذات، والقول بغير ذلك يخالف نص المادة 108 من القانون المدني سالفة البيان، فيما نصت عليه من أنه “لا يجوز لشخص أن يتعاقد مع نفسه باسم من ينوب عنه سواء كان التعاقد لحسابه هو أو لحساب شخص آخر دون ترخيص من الأصيل” والترخيص في تفسير هذا النص يجب أن يكون محددا وواضحا وصريحا علي النحو السالف بيانه.

ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم ولما كان الثابت من الأوراق أنه بتاريخ ….. حرر المدعي توكيلا رسميا شاملا (عام + بنوك)، لزوجته قبل إقامتها دعوي خلع ـ المدعي عليها الأولي ـ وفي غضون عام…. تقدم بطلب لإلغاء التوكيل المشار إليه فرفضت الجهة الإدارية إلغاءه لأنه يتضمن مصلحة للوكيل استنادا إلى ما ورد بسند الوكالة المشار إليه أنه تضمن في البند ثالثا منه تحت عنوان “أعمال التصرف” بأنه “أي الموكل” وكله “أي الوكيل” في البيع لنفسه وللغير، وإذ لم يحدد التوكيل عقارا أو منقولا علي النحو السالف بيانه يقع عليه التصرف، فإنه من ثم لا يمكن اعتبار المشار إليها مقررة لصالح الوكيل أو الغير، وبالتالي يجوز طلب إلغاؤها بالإرادة المنفردة للموكل، الأمر الذي يكون معه امتناع مصلحة الشهر العقاري والتوثيق الاستجابة لطلب المدعي بإلغاء التوكيل المشار إليه بإرادته المنفردة غير قائم علي سبب صحيح من القانون، ويغدو تصرفها قرارا سلبيا واجب الإلغاء.

زر الذهاب إلى الأعلى