القرائن

بقلم/ أشرف الزهوي المحامي

القرينة على وجه العموم هي استنباط أمر مجهول من واقعة ثابتة معلومة، اما اذا كانت الواقعة محتملة وغير ثابتة بيقين فإنها لاتصلح مصدرا للإستنباط.

أما القرينة القانونية فهي التي ينص عليها القانون، وهي ليست طريقا للإثبات بل هي طريقا للاعفاء من الاثبات. نصت المادة ٩٩ إثبات على أن القرينة القانونية تغني من تقررت لمصلحته عن أي طريقة أخرى من طرق الاثبات، على أنه يجوز نقض هذه القرينة بالدليل العكسي، مالم يوجد نص يقضي بغير ذلك. ويترك لتقدير القاضي استنباط كل قرينة لم يقررها القانون. ولايجوز الاثبات بهذه القرائن الا في الأحوال التي يجوز فيها الاثبات بشهادة الشهود.

في ضوء ذلك فإن لقاضي الموضوع بحسب الأصل السلطة المطلقة في استنباط القرائن التي تؤدي إلى تكوين عقيدته، فله أن يعتمد على القرينة المستفادة من تقرير باطل أو مخالف للإجراءات القانونية، الا انه يشترط أن تكون هذه القرينة قد تعززت بقرائن أو أدلة أخرى، وليست هي الأساس الوحيد الذي يبني عليه الحكم. للمحكمة أن تعتمد على القرينة المستفادة من تحقيقات أجريت في غيبة الخصوم، ومن محضر جمع استدلالات أجرته الشرطة، أو من شهادة شاهد لم يؤد اليمين، وذلك بما لها من سلطة فهم الواقع وتقدير مايقدم لها من أدلة متى كان استخلاصها سائغا، وله اصل ثابت في الأوراق. من الأمثلة على ذلك واقعة وضع اليد المكسب للملكية فهي واقعة مادية يجوز اثباتها بكافة طرق الاثبات، وللمحكمة أن تعتمد في ثبوت الحيازة بعنصريها على القرائن التي تستنبطها من وقائع الدعوى مادام استنباطها سائغا.

كذلك إذا كانت القرائن التي ساقها الحكم المطعون فيه على ثبوت صورية عقد البيع الثاني هي قرائن متساندة واستنبتطها المحكمة من الأوراق المقدمة في الدعوى وكان من شأنها أن تؤدي إلى ماانتهي إليه الحكم، وكان لايجوز مناقشة كل قرينة منها على حده لإثبات عدم كفايتها، فإن إثبات الصورية وفقا لهذه القرائن المتساندة يعد موافقا لصحيح القانون وان طعن الخصوم لايعدو أن يكون مجادلة في تقدير الدليل الذي تستقل به محكمة الموضوع وتنحصر عنه رقابة محكمة النقض.

إذن فإن تقدير القرائن مما يستقل به قاضي الموضوع ولاشأن لمحكمة النقض فيما يستنبطه من هذه القرائن، متى كان استنباطه سائغا، وإذ كان لمحكمة الموضوع وهي تباشر سلطتها في تقدير الأدلة أن تأخذ بنتيجة دون أخرى ولو كانت محتملة، متى أقامت قضائها على أسباب سائغة كافية لحملة.

فإن المجادلة في تقدير محكمة الموضوع للأدلة بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي أخذت بها تلك المحكمة لاتعدو أن تكون مجادلة موضوعية لاتجاوز أمام محكمة النقض.

زر الذهاب إلى الأعلى