القاعدة القانونية الأكثر جدلا في القانون
بقلم الأستاذ/ أشرف الزهوي
من القواعد القانونية التي أثارت تساؤلات عديدة بين المخاطبين بها، قاعدة عدم الإعتذار بالجهل بالقانون.
تلك القاعدة التي تعارف الناس عليها بالعبارة الشهيرة (القانون لا يحمي المغفلين)، تفترض القاعدة، علم أفراد المجتمع بالقانون الذي يخضعون له، والقاعدة ليس لها أي استثناءات بشأن الجرائم الواردة بقانون العقوبات، فلا يحق لأي شخص قام بارتكاب جريمة أو الشروع فيها أن يتمسك بجهله بالقانون. حتي لا يفلت المجرمين من العقاب.
وهذا أمر بديهي في مجال التجريم وتوقيع العقوبات، أما في مجال تطبيق أفرع القوانين الأخرى فإنه يجوز الاعتذار بالجهل بالقانون بشرط أن يقيم مدع هذا الجهل، الدليل على أنه تحرى تحريا كافيا، وأن اعتقاده بمشروعية عمله كانت له أسباب معقولة.
تصدت المحاكم المصرية وعلى رأسها محكمة النقض المصرية لتطبيق القاعدة في وقائع متعددة نعرض لصورة منها في السطور القادمة.
أثبت الزوجان أمام المأذون خلوهما من الموانع الشرعية عند عقد القران، رغم أن الزوج متزوج من شقيقة والدة العروس يعني خالتها، وكان الزوجان يجهلان عدم جواز الجمع بين البنت وخالتها أو البنت وعمتها، فتم تقديمهما للمحاكمة الجنائية بتهمة التزوير في وثيقة الزواج بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة، إلا أن المحكمة رأت أن الزوجين المتهمين يجهلان وجود المانع الشرعي، ومن ثم عدم توافر القصد الجنائي لجريمة التزوير.
وأن المتهمين لم يكن جهلهما بقاعدة في قانون العقوبات وإنما في قانون آخر هو قانون الأحوال الشخصية، ولذلك قضت المحكمة ببراءتهما لأن الجهل مختلط بين الواقع والقانون.
وفي شأن وقائع التزوير عدلت محكمة النقض لاحقا عن تشددها في اشتراط عدم وقوع التزوير إلا إذا كان المحرر قد أعد لإثبات البيان الواقع عليه التزوير، أي البيان الجوهري، ومن الحالات التي نود الإشارة إليها، أن إثبات بلوغ الزوجة ست عشرة سنة والزوج ثمان عشر سنة على خلاف الحقيقة في عقد الزواج، يعتبر تزويرا معنويا في ورقة رسمية معاقبا عليه، لأن عقد الزواج وإن لم يعد إلا لإثبات صيغته الشرعية التي ينعقد بها الزواج وليست السن شرطا لصحته شرعا.
إلا إن القانون رقم 56 لسنة 1923 قد جعل السن شرطا أساسيا لمباشرة عقد الزواج، وصار إثباتها فيه من البيانات الجوهرية اللازمة لاستكمال شكله القانوني، فعقد الزواج الذى يدون به المأذون على خلاف الحقيقه بلوغ هذه السن، أو تجاوزها يصلح بلا شك لإيجاد عقيدة مخالفة للحقيقة من شأنها أن تجعل القاضي الشرعي يجيز سماع الدعوى الناشئة عن هذا العقد، والتزوير المعافب عليه هو التزوير الذي يقع في محرر يمكن أن يوجد عند من يقدم له عقيدة مخالفة للحقيقة.
ما الفرق بين الغلط في القانون والاعتذار بالجهل بالقانون؟
الغلط في القانون، هو وهم يقوم في ذهن شخص يصور له أمرا على غير حقيقته، وهذا يعد عيبا من عيوب الرضا، فإذا حدث ذلك للمتعاقد عند ابرام العقد كان لهذا الشخص طلب إبطال العقد وهو ما يختلف عن التزوير الذي يعد تغييرا للحقيقة عن وعي وإرادة.
الصورية لا تعد تزويرا وسنخصص مقالا للحديث عن التزوير الصورية بإذن الله تعالى.