الفرق بين الحق والباطل في وجدان المحامي
بقلم /أسامة ماهر الجوجري المحامي
قد يظن البعض أن وجدان المحامي تحكمه مصلحة موكله، أو ما يتحصل عليه من مقابل باهظ لما يقدمه من نصح وإرشاد ودفاع ومرافعة لصالح مصالح موكله أو دفعا عن حرية من اختاره ليدافع عنه في حمة الوغي إبان مثوله في قفص الإتهام وأنه يرهن جهده وتفكيره وأدائه وعطاؤه لمن أوكله وأجزل له العطاء ويتناسي الكافة أن المحاماة رسالة الحق والحرية، وأن يقين المحامي الحق هو يقين قاضي ووجدانه الراقي هو وجدان قاضي يفرق بين الحق والباطل ويميز بين الإنحدار خلف رغباته البشرية وبين السمو والرقي إلي حيث مساحات عالية من رضا رب العدل وما يقيم الميزان بالقسط.
إن الذين تختلط أمامهم كل معايير الحياة فيظنون أن المحامي يهدي موكله كل شئ لقاء ما يحصله من مقابل مادي أو ما يتقاضاه من أتعاب علي جهده المبذول أو دفاعه المسطور أو مرافعته، فإن الأمر يجب أن يتضح أمام كل ذي عقل وضمير وقيمة أن رسالة المحاماة أسمي بكثير من مهنة المحاماة، فالمهنة هي عمل يومي يقوم به شخص غايته إنجاز عمل ليحقق مال أما الرسالة فهي مناط حياة ورقي خواطروارتفاع قدر وزلفي لرب العباد بغية إرساء عدله وترييق جراح المظلومين الذين ران علي قلوبهم وفكرهم أن الظلم قد استشري فيهدي رب العباد ألسنة تلهم بذكره، وتقيم عدله وقلوب غير وجلة تؤمن أن رب العباد حرم الظلم، وأحال بين بلوغ الظالمين غايتهم فترتفع كلمة الحق بلسان الصدق وتضاء الطرق، وتذلل الصعوبات، وتنكشف الحجب فيجد القاضي وهو يسمع هذه الدر من الكلام وسط سمة من الرضي في الأداء، والاستقامة في العطاء ونور رباني تضئ به الألسنة غايابات ساحات التقاضي فتنقشع غيوم الضلال ويسطع ضوء الحق الذي يملئ القلوب بيقين العدل هنا يفرق القاضي بين الغث والثمين بين الحق والزور ويلامس وجدانه، وضميره نواصي العدل فيقضي لكل حق، ولكل صاحب حق.
وهنا تنتصر الرسالة وهنا تنتصر المحاماة
يأيها المرتابون ويأيها الجالسون أو المقعدون الذين لا يملكون إلا التشكيك أو المحاولة اقرأوا تاريخ المحاماة وكيف استعان نبي الله موسي بأخيه هارون ليكون له بمثابة محاميا رغم كونه نبي (وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي) صدق الله العظيم
طابت المحاماة وطابت رسالتها واستوت علي جودي الإستقامة فتهنئ قرائح المظلومين ويعلمون بأن رسالة المحاماة هي طوق النجاة وكفي.