الفترة البيضاء في حياة المجني عليه…! ورفض الدفع بانقطاع علاقة السببية

 

بقلم: د. محمد جفلان

الفترة البيضاء – حلاوة روح – بعد إصابة شديدة وفقد الوعي، يحدث للمجني عليه استعادة للوعي في الوقت بين حدوث الإصابة وبين آخر وقت الإصابة، أي هي فترة تعافي مؤقت.

عندما يتعرض شخص لإصابة شديدة في الرأس لأي سبب، عرضي، جنائي، سقوط من أعلى، أو استضام شخص بسيارة، أو سقوط شيء ما على شخص من مكان مرتفع…إلخ

فإن غالباً ما يحدث ارتجاج في المخ، وقد يصحبه نزيف داخلي… ارتجاج مع نزيف – وقف النزيف- إفاقة مؤقتة (الفترة البيضاء) زيادة ضغط الدم = عودة لفقد الوعي مرة أخرى.

وهذه الفترة يرتب حدوثها آمرين هامين:

أولهما: أن الشخص المصاب يتمكن من توضيح ظروف الحادث وما إذا كان هناك شبه جنائية من عدمه. ويتمكن من ذكر اسم الشخص، وتحديد مكان وزمان الواقعة.

وثانيهما: فإن هذه الإفاقة لا يمكن التمسك بها والدفع بقطع علاقة السببية بين وقوع الحادث والنتيجة النهائية التي وصلت إليها حالة المجني عليه.

فعلاقة السببية من الأمور الهامة عند التحقق من نسبة الإصابة وإثبات التهمة لشخص ما، فقد يحدث ويتعرض شخص لإصابة ويتم توثيق هذه الإصابة لإثباتها، إلا أن النتيجة النهاية التي وصلت لها حالة المصاب كانت نتيجة تدخل خارجي ترتب عليه تفاقم الإصابة، وهنا نكون أمام أما قطع علاقة السببية بشكل كامل ومن ثم قد تنتفي مسئولية المتهم وقد تتوقف مسئوليته عند حد معين، الأمر الذي يحتاج من المحكمة فحص رابطة السببية أو علاقة السببية فحص دقيق.

وعليه فإن الحديث عن الفترة البيضاء لا يمكن أن يكون سبباً في قطع علاقة السببية؛ فلا يصح الدفع بأن المجني عليه قبل أن يفارق الحياة قد استرد وعيه وتعافى من إصابته التي ترتب عليها ارتجاج في المخ، ودخوله في غيبوبة.

بحجة أن المجني عليه قبل مفارقته الحياة استرد وعيه بشكل كامل وتحدث في وعي وثبات يوحي أن الصدمة لم تكن سبب رئيسي في وفاته.

وهو أمر من الناحية الفنية لا يقبله العقل والمنطق، ويمكن للطب الشرعي اكتشاف ذلك، وخاصة أن الحالة المذكورة الفترة البيضاء متعارف عليها في وسط الطب الشرعي.

زر الذهاب إلى الأعلى