العملات المشفرة مسارات وتأملات قانونية
بقلم / الدكتور أحمد القرمانى
تعد العملة إحدى مظاهر السيادة للدول ؛ أي بدون سيطرة الدول على عملتها تضحى السيادة منقوصة .
ظهرت في الآونة الأخيرة عملات مشفرة لا تعرف من وراء إصدار تلك العملة وواكب ذلك تحفز الدول لتلك العملة ما بين المخاوف والتردد ، مما جعل الكثير من الدول تمنع وتجرم التعامل بتلك العملات المشفرة .
ونتيجة لطابع الخصوصية المعقدة والسرية المشددة لوضع تلك الأموال فمن الممكن أن تكون سلاحاً للفتك بسيطرة الدول على عملاتها المحلية ؛ فضلاً عن استخدام تلك الأموال في تمويل العمليات الإجرامية والإرهابية وغسل الأموال ؛بالإضافة إلى أن تلك الأموال من الممكن استخدامها في الأسواق العالمية والشركات متعددة الجنسيات لتكون اقتصادات بديلة عن اقتصادات الدول .
دعت تلك التطورات نتيجة التزايد على العملات المشفرة بعض الدول إلى التفكير لإصدار عملات مشفرة تكون تابعة وتحت سيطرة البنوك المركزية ؛علي سبيل المثال الصين وفى حالة قدوم باقي الدول على اصدار عملات مشفرة تحت اشراف البنوك المركزية سيخفف من حدة الأزمة وسيضاعف الأمان على تلك العملات؛ وبالتالي التعامل في تلك العملات نوع من المقامرة اللهم أن اصدرت البنوك المركزية للدول تلك العملات .
أما عن الواقع في التشريع المصري ، حيث إن القانون رقم 194 لسنة 2020 المنظم للبنك المركزي والجهاز المصرفي أعطى للبنك المركزي في نص المادة السابعة إصدار النقد وإدارته وتحديد فئاته ومواصفاته ، ووضع السياسة النقدية وتنفيذها وإصدار الأوراق والأدوات المالية .
وقد عرف القانون سالف البيان في نص المادة الأولى الخاصة بالتعريفات العملات المشفرة بأنها: ” عملات مخزنة إلكترونياً غير مقومة بأي من العملات الصادرة عن سلطة إصدار النقد “.
وفى سبيل حماية سلطة البنك المركزي في إصدار النقد قرر نص المادة 206 من القانون بأنه :” يحظر إصدار العملات المشفرة أو النقود الإلكترونية أو الاتجار فيها أو الترويج لها أو إنشاء أو تشغيل منصات لتداولها أو تنفيذ الأنشطة المتعلقة بها بدون الحصول على ترخيص من مجلس الإدارة طبقاً للقواعد والإجراءات التي يحدها” .
وقد رصد المشرع فى نص المادة 225 عقوبة الحبس والغرامة التى لا تقل عن مليون جنيه ولا تجاوز عشرة ملايين جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين لمن يخالف المادة 206 أى كل من أصدر أو تاجر أو روج أو قام بإنشاء أو تشغيل منصات لتداولها أو تنفيذ الأنشطة المتعلقة بها بدون الحصول على ترخيص.
ونضيف إلى ما سبق أن قانون غسل الأموال رقم 80 لسنة 2002المعدل بموجب القانون رقم 17 لسنة 2020 أورد في المادة 1 / أ في تعريف المال الأموال الرقمية والالكترونية والأصول الافتراضية التي لها قيمة رقمية يمكن تداولها أو نقلها أو تحويلها رقمياً ويمكن استخدامها كأداة للدفع أو الاستثمار ، وذات الأمر أخذ المشرع في قانون الإرهاب رقم 94 لسنة 2015 المعدل بموجب القانون رقم 15 لسنة 2020 .
يتضح من جماع ما سبق أن الترويج والدعاية والاتجار وإصدار العملات المشفرة مجرم قانوناً فضلاً عن أن تلك الأموال تصلح لأن تكون محلاً لغسل الأموال، وفى النهاية يمكن القول أن السيادة الوطنية للدول فى خطر نتيجة نظام عالمي جديد لا يعرف الحدود ولهذا على الدول أن تستعد لتلك المتغيرات بالكيفية التي تحافظ علي سيادتها واقتصادها .