العقوبة 3 شهور بدلًا من ثلاث سنوات.. طالع ما قالته محكمة «النقض» في تصحيحها حكم «جنايات القاهرة» بقضية «حيازة بذور نبات الحشيش المخدر»
كتب: علي عبدالجواد
في جريمة حيازة بذور نبات الحشيش المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي، قالت محكمة النقض إن الشارع أفصح في المادة الأولى من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل عن مقصوده بالجواهر المخدرة وهي التي أثم الاتصال بها في المادة ٣٨ والمبينة بالجدول رقم (٥) عند انعدام القصد في هذا الاتصال، ولم يرد بالجدول المذكور بذور النباتات المخدرة.
وتابعت المحكمة في حكمها بالطعن رقم ٥٤٢٧ لسنة ٨٩ قضائية الدوائر الجنائية – جلسة ٢٠٢١/٠٣/٠٢: «ومن ثم فإن هذه البذور تدخل في نطاق التأثيم الوارد في صريح نص المادة ٢٩ من ذات القانون وهي الواقعة المستوجبة للعقوبة في الدعوى ، وقد رصد لها المشرع بمقتضي المادة ٤٥ عقوبة الجنحة».
وأوضحت أنه إذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريم الطاعن خمسين ألف جنيه والمصادرة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضًا جزئيًا وتصحيحه بجعل العقوبة المقضي بها الحبس لمدة ثلاثة شهور وتغريمه مبلغ ألف جنيه ورفض الطعن فيما عدا ذلك.
تشير الوقائع إلى أن النيابة العامة اتهمت الطاعن في قضية الجناية رقم …… لسنة ٢٠١٧ جنايات قسم النزهة ( والمقيدة بالجدول الكلى برقم ….. لسنة ٢٠١٧) بأنه في يوم ٣ من مايو سنة ٢٠١٧ بدائرة قسم النزهة _ محافظة القاهرة: جلب نبات الحشيش المخدر ” القنب ” إلى داخل جمهورية مصر العربية دون ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالته النيابة إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، حيث قضت المحكمة حضوريًا بتوكيل في ٣ من أبريل لسنة ٢٠١٨ عملا بالمواد ١ ، ٢ ، ٣٨/١ ، ٤٢/١ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل بالقانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ والبند رقم ٥٦ من القسم الثاني من الجدول رقم ١ الملحق بالقانون الأول وقراري وزير الصحة رقمي ٤٦ لسنة ١٩٩٧ ، ٢٦٩ لسنة ٢٠٠٢ مع إعمال المادة ١٧ من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الإحراز كان بغير قصد من القصود المسماة في القانون.
فقرر المحكوم عليه بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض في ١٤ من مايو لسنة ٢٠١٨، وأودعت مذكرة بأسباب الطعن عن المحكوم عليه في ٢٣ من مايو لسنة ٢٠١٨ موقعاً عليها من الأستاذ المحامي، وأودعت مذكرة أخرى بأسباب الطعن عن المحكوم عليه في ٢ من يونيو لسنة ٢٠١٨ موقعاً عليها من ذات المحام المقرر ، وأودعت مذكرة أخرى عن المحكوم عليه في ذات التاريخ موقعاً عليها من الأستاذ/ المحامي.
محكمـة النقض
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانونًا :
حيث أن الطعن ينعي بمذكرات أسباب طعنه علي الحكم المطعون فيه أنه دانه بجريمة إحراز بذور نبات الحشيش المخدر بغير قصد من القصود الخاصة المسماة في القانون قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد والاخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه حرر في عبارات عامة معماه ولم يورد مؤدي الأدلة التي أستقي منها الإدانة ، بل سردها كما جاءت بقائمة أدلة الثبوت المقدمة من النيابة العامة ، ولم يستظهر القصد الجنائي لديه رغم دفعه بعدم توافره ، وأحال في شهادة الشاهدين الثاني والثالث إلى ما شهد به الشاهد الاول رغم اختلاف أقوالهم ، وعول علي إقرار الطاعن بمحضر الضبط رغم كونه لا يعد إقراراً قضائياً ، وأطرح بما لا يسوغ دفعيه ببطلان القبض والتفتيش لانتقاء حالة التلبس لكونه تم بناء على الاشتباه فضلاً عن خروجه من نطاق التفتيش الإداري إلى التفتيش القضائي المستلزم لإذن من سلطات التحقيق المخدر من عدمه ، وببطلان الإذن لابتنائه على تحريات غير جوية ، واعتنق الحكم صورة للواقعة استمدها من أقوال شهود الاثبات رغم عدم معقوليتها واختلافهم حالة التلبس وتجهيل محضر الضبط بشأن القائم على ضبط الطاعن بما ينبئ أن للواقعة صورة اخرى مطرحا برد قاصر بعدم معقولية تصويرها ، معدلا على الدليل المستمد من القبض الباطل وما تلاه من إجراءات باطلة ، كما أن التفتيش أجرى الحقائب الطاعن في غيبته مما يقطع صلته بالمضبوطات ، وعول الحكم في الإدانة علي أقوال شهود الإثبات التي تضمنت توافر قصوى الجلب والإتجار لدى الطاعن ثم عاد واستبعد قيام هذا القصد في حقه ، وعلي شهادة شاهد الإثبات الرابع بشأن قصد الطاعن من إحرازه للمضبوطات وهو الإتجار رغم أنه قرر بالتحقيقات أنه قام بتحرير محضر الضبط علي ضوء المحضر المحرر بمعرفة الدائرة الجمركية ، كما دفع بقصور تحقيقات النيابة العامة بشأن الاستعلام عن عدم الحقائب الموجودة مع الطاعن وعما اذا كان من ضمن ركاب الرحلة القادمة من أمستردام ، كما أثبت الحكم أن الشاهد الاول شاهد الطاعن تظهر عليه علامات الارتباك رغم أنه قرر تحقيقا بأن من شاهده مأمور الجمرك / ……. فقام بتكليفه والشاهد الثاني بتفتيشه وأن مأمور الجمرك سالف الذكر لم يقم بتفتيش بنفسه ودون أن يكون تحت إشرافه ، وإلتفت الحكم عن الدفع باختلاف ، تم ضبطه عما تم تحريره وتحليله ، ولم يعد الحكم بالرد علي كافة دفوع الطاعن الجوهرية ، وأخطأ الحكم حين عاقبه بالسجن عن إحرازه لبذور نبات الحشيش في حين أن العقوبة المقررة لهذه الجريمة هي الحبس لكون الواقعة جنحة ، وانتهى لطلب وقف تنفيذ الحكم مذقتا لحين الفصل في الطعن بالنقض ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد علي ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من اقوال شهود الاثبات وتقرير المعمل الكيماوي ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون وإن أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل علي بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأن يورد مؤدي الأدلة التي استخلص منها الإدانة حتي يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها ، إلا أنه لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة والظروف التي وقعت فيها ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى واورد مؤدي الأدلة التي استخلص منها الإدانة ، فإنه ينحسر عنه قالة القصور في التسبيب التي يرمي بها الطاعن في هذا الصدد . لما كان ذلك ، وكام من المقرر أنه لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أدلة الإثبات كما تضمنها قائمة أدلة الإثبات المقدمة من النيابة العامة ، ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة – وهو الحال في الدعوى المطروحة – فإن النعي علي حكمها في هذا الصدد – بفرض صحته – يكون علي غير سند . لما كان ذلك ، وكان مناط المسئولية في حالة إحراز الجواهر المنحدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالا مباشرا أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وإرادة ، إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية ، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز بأن ما يحرزه من المواد المخدرة ، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالا عن هذا الركن إذا كان ما اوردته في حكمها كافيا في الدلالة على علم المهتم بأن ما يحرزه مخدرا ، وكان ما اورده الحكم في مدوناته كافيا في الدلالة على الحيازة الطاعن للمخدر وعلى علمه بكنهه ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور في هذا الصدد غير سديد .وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بالتطبيق لنص المادة ٣٨ من قانون مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والإتجار فيها رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل ، والتي لا تستلزم قصدا خاصا من الإحراز بل تتوافر أركانها بتحقق الفعل المادي والقصد الجنائي العام وهو علم المحرز بحقيقة الجوهر المخدر دون تطلب استظهار وقصد الإتجار او التعاطي أو الاستعمال الشخصي ، وكان الحكم قد دلل علي ثبوت إحراز الطاعن للمخدر المضبوط معه بركنيه المادي والمعنوي ، وكان من المقرر أنه يتعين على المحكمة إن رأت من ظروف الدعوى توافر قصد من القصود الخاصة أن تدلل على قيامه وتورد الأدلة على ثبوته في حق المتهم ، أما إذا لم تر في الأوراق ما يدل علي توافر هذا القصد الخاص واكتفت بمعاقبة المتهم بمطلق الإحراز المحرد عن أب من القصدين المنصوص عليها في قانون مكافحة المخدرات فإنه لا يكون لزاماً عليها أن تقيم الدليل علي نفي توافر القصد الخاص أو التظليل على ما خلت الأوراق من دليل عليه ، ومن ثم فإن منعي الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول . فضلاً عن أن المحكمة قد عرضت لما يثيره الطاعن في هذا الشأن وأطرحته في منطق سائغ . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يميل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقه مع استند إليه الحكم منها ، وكان من المقرر كذلك ان محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات الشهود إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه وإذ كان الطاعن لا يجادل في أن ما نقله الحكم عن أقوال الشاهدين الثاني والثالث له أصله الثابت في الاوراق ولم يخرج الحكم عم مدلول شهادتها فلا شيء علي الحكم من بعد إحالته في بيان اقوالهما إلى ما حصله من أقوال الشاهد الاول فيما اتفقوا فيه أنه لم يستند فى قضائه إلي تلك الاقوال المغايرة وكلما أنه من حق محكمة الموضوع تجزئة اقوال الشاهد والاخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه دون أن يعد ذلك تناقضا في حكمها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يستند. في قضائه بالإدانة إلى دليل مستمد من إقرار الطاعن على نحو مستقل بل استند إلى ما أقر به للشاهد الرابع بشأن إحرازه للمخدر المضبوط فهو في هذه الحالة إنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة لها أن تأخذ به أو تطرحه ، ومن ثم ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا يكون سديدا . لما كان ذلك ، وكان الحكن المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه بقوله ” وحيث أنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتقاء حالة التلبس – فمردود عليه – بما هو مقرر أن التفتيش الذي يجري بداخل الدائرة الجمركية ليس هو التفتيش المعرف وفقا للمادة ٣٠ من قانون الإجراءات الجنائية وإنما هو نوع من التفتيش الإداري الذي يجريه مأمور الضبط القضائي بالنسبة لجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في الجهات الخاضعة لاختصاصهم فضلاً عن أن الراكب يعلم مسبقا قبل قدومه إلى المينا أنه سوف يتعرض للتفتيش وفقا للوائح المعمول بها في تلك الاماكن ومن ثم لا يحق له التمسك بأنه لم يكن في إحدى حالات التلبس حال ضبطه ولما كان ذلك وكان الشاهد الاول – مأمور الجمرك – وهو من المختصين بالدائرة الجمركية وهم من لهم صفة الضبطية القضائية في أماكن اختصاصهم قد قام بتفتيش المتهم لما ظهر عليه من علامات ارتباك وكان تفتيش المتهم قد وقع وفقا لهذه التعليمات واللوائح السارية داخل الميناء وقد اسفر عن جريمة وبالتالي يكون القبض والتفتيش صحيحين ويكون منعي الدفاع في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البين من استقراء نصوص المواد من ٢٦ إلى ٣٠ من قانون ٦٦ لسنة ١٩٦٣ بإصدار قانون الجمارك أن الشارع منح موظفي الجمارك الذين اسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الاماكن والاشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية او في حدود نطاق الرقابة الجمركية إذا قامت لديهم دواعي الشك في البضائع والامتعة ومنطقة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق وأن الشارع بالنظر إلى طبيعة التهريب الجمركي وحلته المباشرة بمصالح الخزانة العامة ومواردها وبمدى الاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير – لم يتطلب بالنسبة للأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في أحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور ، بل إنه يكفي أن يقوم الموظف المنوط بالمراقبة والتفتيش في تلك المناطق حالة تنم عن شبهة توافر التهريب الجمركي فيها – في الخدود المعرف بعا في القانون – حتي يثبت له حق الكشف عنها ، فإذا هو عثر أثناء التفتيش الذي يجريه علي دليل يكشف عن جريمة غير جمركية معاقب عليها في القانون العام ، فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه ايه مخالفة ، وكان من المقرر أن الشبهة في توافر التهريب الجمركي حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية يصح معها في العقل القول بقيام وظيفة التهريب من شخص موجود في دائرة المراقبة الجمركية ومتب اقرت محكمة الموضوع اولئك الاشخاص فيما قام لديهم من اعتبارات أدت إلى الاشتباه في الشخص محل التفتيش – في حدود دائرة المراقبة الجمركية – على توافر فعل التهريب فلا معقب عليها لما كان ذلك ، وكام البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن تفتيش الطاعن الذي أسفر عنه ضبط المخدر مخبأ داخل حقائبه تم داخل الدائرة الجمركية بمعرفة موظفي الجمارك _ وهم من مأموري الضبط القضائي وبعد أن قامت لديهم من الاعتبارات ما يؤدي إلى الاشتباه في توافر فعل التهريب في حق الطاعن خطوه من ارتباكه وإذ نتج عن التفتيش الذي أجرى دليل يكشف عن جلب مخدر فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على تلك الجريمة على اعتبار أنه نتيجة إجراء مشروع قانوناً ، ومن ثم يكون الحكم أصاب صحيح القانون في رفضه للدفع ببطلان القبض والتفتيش . لما كان ذلك ، وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر منازعة لدى محكمة الموضوع بشأن كيفية تعرف شهود الواقعة على كنهة المخدر المضبوط قبل إجراء التحليل ولم يطلب من المحكمة إجراء تحقيق بشأن ذلك ، فليس له من بعد أن ينعي علي المحكمة عدم الرد على دفاع لم يثره امامها او إجراء تحقيق لم يطلب منها . هذا فضلاً عن أن الكشف عن حقيقة المادة المضبوطة والقطع بحقيتها وإن كان لا يصلح فيه غير التحليل ولا يكفي فيه بالمشاهدة إلا أنه لا يصح اتخاذه كقرينة على علم حائزها يكفه ما يحوزه من ناحية الواقع . لما كان ذلك ، وكان إدراك شهود الواقعة لنوع المخدر هي من الامور التي لا تخفي عليه حاسته الطبيعية ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له وجه ولا يعتد به . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بشأن بطلان الإذن لعدم جديو التحريات وببطلانها ام لم يتصل بقضاء الحكم ، فإن منعاه في هذا الخصوص يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من اقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة علي بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وان تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكا لتقدير محكمة الموضوع ، ومتي أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى اقوال ضابط الواقعة وصحة تصويره للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بقاله عدم معقوليتها واختلاف الشهود لحالة التلبس وأن للواقعة صورة آخري مغايرة ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض فضلاً عن أن المحكمة قد عرضت لما يثيره الطاعن في هذا الشأن واطرحته في منطق سائغ .لما كان ذلك ، وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئا عن تجهيل محضر الضبط ، ومن ثم فإن النعي علي الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك ، وكان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ولا يكون ذلك إلا عند قيام البطلان وثبوته ومتي كان لا بطلان فيما قام به مأموري الجمارك من إجراءات فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي عولت على اقوالهم – ضمن ما عولت عليه – في إدانة الطاعن ، ويكون النعي علي الحكم في هذا الشأن غير قويم . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة ووجدان المحكمة من انبساط سلطان الطاعن على المخدر المضبوط تأسيساً على أدلة سائغة وتتفق والاقتضاء العقلي ، وكام من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الاصل رداً صريحاً من المحكمة بل يستفاد والرد عليا دلالة من قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي اوردها الحكم ، فإن منعي الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الجلب والإتجار دون أن يعد ذلك تناقضا في حكمها ، وكان الحكم المطعون فيه لم يحصل في مدوناته أن إحراز الطاعن للمخدر كان بقصد الإتجار – خلافا لما يذهب إليه بأسباب طعنه – فإن منعاه في هذا الخصوص يكون ولا محل له لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة عن الإستعلام عن عدم حقائب الطاعن وعما إذا كان من ضمن ركاب الرحلة القادمة من إمستردام لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم ، وكاف لا يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد طلب الي المحكمة تدارك هذا النقص فليس له من بعد أن ينعي عليها قعودها من إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي حاجه إلى إجرائه بعد أن أطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها ، وكان ما يثيره الطاعن من أن الشاهد الاول قرر تحقيقا بأن من شاهد الطاعن تظهر عليه علامات الإرتباك هو مأمور الجمارك المدعو / ……. والذي كلفه والشاهد الثاني بتفتيشه وأن مأمور الجمارك وسالف الذكر لم يقم بتفتيشه بنفسه ودون أن يكون تحت إشرافه – خلافا لما أثبته الحكم المطعون فيه – فإنه بغرض تردي الحكم في هذا الخطأ فإنه لا أثر له في منطقة او النتيجة التي خلص إليها ، ومان الطاعن لا يمارس في أن من قام بتفتيش حقائبه من مأموري الجمارك وله حق الضبطية القضائية في نطاق عمله بالدائرة الجمركية ، كما أن له أيضاً الاستعانة بمن يراه مساعداً له في التفتيش ما دام يعمل تحت إشرافه ، وهو ما التزمه الحكم المطعون فيه في معرض سرده لشهادة الشاهد الأول ، ومن ثن فإن النعي علي الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد . فضلاً على أن تفتيش حقائب الركاب بالموانئ بمعرفة مأموري الجمارك هو تفتيش إداري رضائي مقيد بالنظام الذي وضعته المواني صوتاً لها ولركابها من الحوادث ، فإذا كان من مقتض هذا النظام تفتيش الأمتعة ، فإن تفتيش حقيبة الطاعن يكون صحيحاً علي أساس الرضا به مقدما من صاحب الشأن رضاء صحيحاً يستوي في ذلك أن يكون قد أجراه أيا من مأموري الضبط القضائي دون تحديد شخص يعينه ، ويضحي منعي الطاعن في هذا الشأن علي غير اساس . لما كان ذلك ، وكان لا يبين من مطلعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن دفع بأن ما تم ضبطه من مواد مخدرة يغاير ما تم تحليله ، فلا يقبل منه أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض ، لما يتطلبه ذلك من تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة ، فضلاً عن أن جدل الطاعن والتشكيك في انقطاع الصلة بين المواد المخدرة المضبوطة المثبتة بمحضر الشرطة عن تلك المقدمة للنيابة والتي أحري عليها التحليل وإن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شاهد الاثبات وفي عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع ، ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في عقيدتها في ذلك وهو من إطلاقاتها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجي لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يكشف في أسباب طعنه عن ماهيه أوحه الدفاع التي أبداها أمام المحكمة وأمسكت محكمة الموضوع عن التعرض لها أو الرد عليها وذبك لمراقبة ما إذا كان الحكم قد تناولها بالرد من عدمه ، وهل كان دفاعاً جوهرياً ومما يجب على المحكمة أن تجيبه أو ترد عليه أو هو من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم في الأصل رداً بل الرد عليه يستفاد من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكانت المادة الأولى من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل قد نصت على أنه ” تعتبر جواهر مخدرة في تطبيق أحكام هذا القانون المواد المبينة بالجدول رقم١ الملحق به ويستثني منها المستحضرات المبينة بالجدول رقم ٣ ” ونصت المادة ٢٩ من ذات القانون على أنه يحظر على أن شخص أن يجلب أو يصدر أو ينقل أو يملك أو يحرز أو يشتري أو يبيع أو يتبادل أو يتسلم أو ينزل عن النباتات المبينة بالجدول رقم ٥ في جميع أطوار نموها وكذلك بذورها مع استثناء أجزاء النباتات المبينة بالجدول رقم (٦) ونصت الفقرة الأولى من المادة ٣٨ على أنه “مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها القانون يعاقب بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن خمسين الف جنيه ولا تتجاوز مائتي الف جنيه كل من حاز أو أحرز أو أشترى أو سلم أو نقل أو أوزع أو أنتج أو استخرج أو فصل أو صنع جوهرا مخدرا أو نباتا من النباتات الواردة في الجدول رقم (٥) وكان ذلك بغير قصد الإتجار او التعاطي أو الاستعمال الشخصي وفي غير الأحوال المصرح بها قانونا .” وجرى نص الفترة الأولى من المادة مع من ذات القانون على أنه .” لا يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تجاوز ألفين جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب أيه مخالفة أخرى لأحكام هذا القانون أو القرارات المنفذة له ” لما كان ذلك ، وكانت الجريمة التي دين الطاعن بها هي حيازته بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي بذور نبات الحشيش المخدر ، وكان البيان من استقراء النصوص سالفة البيان أن الشارع أفصح في المادة الأولى من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل عن مقصوده بالجواهر المخدرة وهي التي أتم الاتصال بها في المادة ٣٨ المار ذكرها والمبينة بالجدول رقم (٥) عند انعدام القصد في هذا الاتصال . ولم يرد بالجدول المذكور بذور النباتات المهدرة ومن ثم فإن هذه البذور تدخل في نطاق التأثيم الوارد في صريح نص المادة ٢٩ من ذلت القانون وهي الواقعة المستوجبة للعقوبة في الدعوى – وقد رصدها المشرع بمقتضي المادة ٤٥ آنفة البيان عقوبة الجنحة وإذا لم يلتزم الحكم المطعون فيع هذا النظر وقضى بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه والمصادرة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه يجعل العقوبة المقضي بها الحبس لمدة ثلاثة شهور و تغريمه مبلغ ألف جنيهاً ورفض الطعن فيما عدا ذلك . أما بالنسبة لطلب وقف التنفيذ الحكم المطعون فيه إلي أن يفصل في الطعن، فإنه أضحي غير ذي موضوع بالفصل في موضوعه .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتصحيح الحكم المطعون فيه بجعل العقوبة المقضي بها على الطاعن الحبس مدة ثلاثة شهور والغرامة ألف جنيه بالإضافة إلى عقوبة المصادرة ورفض الطعن فيما عدا ذلك .