العشر سنوات تمنع الدفع بعدم دستورية الاحكام التي تصدر من امام محكمة الجنايات
كتبه: أحمد محمد عبد القادر المحامي بالاستئناف
– دستور الدولة هو اللبنة الاولي في بناء دولة القانون فيعد الدستور هو أساس القوانين التي تبني بعد ذلك . فلا يجب أن يخالف أي قانون مواد الدستور وإذا ما صادفنا مادة من مواد أي قانون لا تتمشي مع مواد الدستور فانا نصيبها هو عدم الدستورية .
– كثيرا ماسمعنا أن المحكمة الدستورية قد قضت بعدم دستورية مادة في القانون لمخالفتها لنص من النصوص الدستورية وحديثي اليوم لا أخفيكم سرا أن كنت قد ترددت كثيرا في طرحة .
– حديثي اليوم حديثا يطرح علامات الاستفهام وحتي وأن جاءت متاخره فهي جديرة بالنظر والدراسة حديثي اليوم حول وقف الاثر التنفيذي للمادة 96 من الدستور والتي نص فيها علي جواز أستئناف الاحكام التي تصدرها محكمة الجنايات حيث جاءت المادة 240 من الدستور لتعطل العمل بالمادة 96 لمدة عشر سنوات مما اوقف الاثر التنفيذي لانشاء دوائر استئنافية لمحكمة الجنايات بالمخالفة للنداء الدائم بشأن العدالة الناجزة .
– سبق لي وأن تناولت في مقال نشر في جريدة صوت الامة عن اهمية أستئناف الاحكام التي تصدر من أمام محكمة الجنايات وكان ذلك تحت عنوان ( رغم خطورة القضايا لماذا لا يسمح القانون بالاستئناف علي أحكام الجنايات ) بتاريخ 27/10/2018 واليوم عادت إليا الفكرة من جديد هل الاحكام التي تصدر كل يوم من أمام محكمة الجنايات به شبه عدم دستورية في ضوء المادة 240 من الدستور .
*- نظرة في الدستور :-
مرة مصر بدساتير عدة ولكن يعد دستور 2012 هو أول دستور قد تعرض لمسألة أستئناف أحكام محكمة الجنايات حيث نص في الباب الثاني بالفصل الرابع المادة 77 علي أن :- ( فيما عدا الاحوال التي يحددها القانون لا تقام الدعوي الجنائية الا بأمر من جهة قضائية مختصة . والمتهم برئ حتي تثبت ادانته في محاكمة قانونية عادلة تكفل له فيها ضمانات الدفاع وكل متهم بجناية يجب أن يكون له محام وينظم القانون إستئناف الاحكام الصادرة في جنحة أو جناية وتوفر الدولة الحماية للمجني عليهم والشهود والمتهمين والمبلغين عند الاقتضاء ) تعرض دستور 2012 لمسألة أستئناف أحكام محكمة الجنايات وبموجب هذا النص يجب أن يعدل التشريع الجنائي ليتوافق مع الدستور بشأن أنشاء دوائر أستئنافية لمحكمة الجنايات . ثم الغي هذا الدستور بموجب الدستور الصادر في 2014 وقد أستني هذا الدستور سنة دستور 2012 بخصوص أستئناف أحكام محكمة الجنايات حيث نص الباب الرابع والمعنون بعنوان سيادة القانون بالمادة 96 علي أن :. ( المتهم بري حتي تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه . وينظم القانون إستئناف الاحكام الصادرة في الجنايات ……… الخ ) من هذان النصان في مرحلة تعاقب الدساتير نجد أن الدستور المعمول به حاليا قد نص علي جوازية أستئناف أحكام محكمة الجنايات.
*- الاثر الواقف لتفعيل أنشاء الدوائر الاستئنافية لمحكمة الجنايات :-
بالنظر إلي دستور 2012 وتحديد بالمادة 234 نجد انها قد نصت علي أن :- ( يسري الحكم الخاص باستئناف الاحكام الصادرة في الجنايات المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة 77 من الدستور بعد سنة من تاريخ العمل به ) بموجب هذة المادة أوقف الاثر النافذ للمادة 77 من دستور 2012 وتعد المدة مقبولة شكلا لان المرحلة الانتقالية لانشاء دوائر أستئنافية لمحكمة الجنايات تحتاج وقت لتاليف الدوائر وأختيار قضاتها وأختيار أماكن انعقاد الدوائر والمحاكم التي سينظر فيها الطعون بالاستئناف . ولكن بالنظر لدستور 2014 والذي جاءت مادته رقم 240 لتنص علي أن :- ( تكفل الدولة توفير الامكانيات المادية والبشرية المتعلقة باستئناف الاحكام الصادرة في الجنايات وذلك خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بهذا الدستور وينظم القانون ذلك ) عطلت تلك المادة أستئناف احكام محكمة الجنايات لمدة عشر سنوات من تاريخ العمل بالدستور وها قد أقتربت المدة من الانتهاء ولكن لماذا كل هذة المادة اليس طول المدة فيه مخالفة لمبدأ العدالة الناجزة التي نص عليها الدستور ذاته . اليس تطبيق المادة 96 من الدستور يتواكب مع مبدأ التقاضي علي درجاتين لماذا كل هذة المدة . سبق وأن وضحنا أنه من الضروري أن تكون هناك مرحلة أنتقالية بين أنشاء الدوائر الاستئنافيه لمحكمة الجنايات والعمل بها ولكن هل تصل تلك المرحلة لعشر سنوات . كم من الاشخاص كانوا ستبرائهم المحكمةالاستئنافية الجنائية اذا ما كانت قد أنعقدت . عشر سنوات تعني الاف الطعون بالنقض التي يجب علي محكمة النقض أن تفصل فيها وهي في حل عن هذا إذا ما أنعقدت المحكمة الاستئنافية . بالرغم من أن الحجة قائمة في عدم الدفع بعدم دستورية احكام محكمة الجنايات نفاذ للمادة 240 من الدستور الا أننا نري أي شبهة عدم الدستورية قائمة لمخالفة مبدأ التقاضي علي درجتين ولمخالفة ما يسعي إليه المجمتع من شأن تحقيق العدالة الناجزة
*- موقف قانون الاجراءات الجنائية :-
وبالنظر لقانون الاجراءات الجنائية وهو القانون المنظم للعملية الاجرائية للمحاكمات الجنائية نجد أن المادة 381 من قاون الاجراءات قد أنطوت علي مخالفة دستورية بشأن أستئناف احكام محكمة الجنايات حيث نصت علي أن ( تتبع أمام محاكم الجنايات جميع الاحكام المقررة في الجنح والمخالفات ما لم ينص القانون علي خلاف ذلك . ولا يجوز لمحكمة الجنايات أن تصدر حكما بالاعدام إلا بإجماع أراء أعضائها ، ويجب عليها قبل أن تصدر هذا الحكم أن تأخذ رأي مفتي الجمهورية ويجب إرسال أوراق القضية إليه . فاذا لم يصل رأيه إلي المحكمة خلال العشرة الايام التالية لارسال الاوراق إليه حكمت المحكمة في الدعوي . وفي حالة خلو وظيفة المفتي أو غيابة أو قيام مانع لدية يندب وزير العدل بقرار من يقوم مقامه ولا يجوز الطعن في أحكام محاكم الجنايات إلا بطريق النقض وإعادة النظر ) بالاطلاع علي الفقرة الاخيرة من المادة 381 من قانون الاجراءات الجنائية نجد إنها قد أصدمت بنص المادة 96 من الدستور مما يجعلها محل للدفع بعدم الدستورية وهذا رأي شخصيا وليس أتجاه لاحد ولكن تحصن هذا القانون بالمادة 240 من الدستور . في رايك ما هي المادة التي نحتاجها لتعديل تلك المادة ؟؟
– تحدثت كثيرا واطالت الامد حتي يظل الود موصول بيني وبينكم مقالي اليوم الهدف منه التماشي مع مبدأ العدالة الناجزة التي أري أن الدولة تعمل علي تأصيل وتثبيت ذلك المبدأ وخيرا ما تقوم به النيابة العامة وعلي راسها سيادة النائب العام في تحقيق هذا المبدأ حيث أصدر الكتاب الدوري رقم 1 لسنة 2020 والذي أجاز الطعن علي الاحكام الجنائية في دائرة القبض مع عدم الالزامية في الطعن علي الحكم في النيابة التي صدر الحكم بدائرتها وذلك في حالة القبض علي أحد الاشخاص خارج دائرة الاختصاص . وليست هي المرة الاولي التي يصدر فيها سيادة النائب العام كتابا دوريا متماشيا مع العدالة الناجزة فقد سبقت تلك الخطوة خطوات أخري منها أستمرار العمل بادارة تنفيذ الاحكام في النيابات الي العاشرة مساء حتي لا يضطر المقبوض عليه في المبيت والانتظار لليوم التالي للتقرير بالطعن علي الحكم . لذا نرجوا أن يتم توضيح الخطوات التي أتخذت بشأن أستئناف أحكام محكمة الجنايات وما هي الخطة التي اعتمدت في هذا الشأن أو أتاحة الفرصة لبعض القامات القانونية في وضع تصورات حول هذا الامر وهو ما يعرف بالحوار المجتمعي .
– نتمني أن أكون قد وفقت في الامر وفي العرض والايضاح فهو موضوع هام طالت مدته أم قصرت فقد أقترب الاوان وحان الوقت والاستعداد لهذة المرحلة .