الطفل في الفقه المقارن
بقلم: مجدي محمد عباس
بادئ ذي بدء، إن مكانة القانون المقارن، لا يمكن لذي لب إنكارها، وذلك لأهميتها الظاهرة البينة، حيث أنها تساعد على تنمية وتطوير المناهج القانونية والوصول إلى أحكام عادلة ملائمة للواقع وطبيعة الحال، وأيضا تسمح لظهور بعض الأنظمة، خاصة السماوية وعرضها، وعلى رأسها نظام التشريع في الإسلام، وذلك لأن الدستور نص على مكانته العالية، وأن مبادئه هي المصدر الرئيسي للتشريع، وأنه يحمل خاصية ليس لسواه من الأنظمة، هذه الخاصية هي الخاتمة الجامعة، بمعنى أن الشريعة الإسلامية خاتمة للرسالات، جامعة للشرائع، فالمؤمنون بها هم مؤمنون بكل الشرائع السماوية السابقة، وكذلك فإن القانون المقارن يعمل على إظهار العوار التشريعي في القوانين الوطنية، وبالتالي يساعد على تطويرها.
ويمكن لنا أن نعرف القانون المقارن بأنه (هو ذلك المجال الدراسي المكرس للمقارنة المنظمة بين نظامين قانونيين أو أكثر،أو بين عناصر معينة من تلك النظم، من خلال تحليل مجموعة من الأفكار المشتركة و المختلفة بينها)
وملخص أهميته أنه يُمكّْنُنَا من إظهار القانون في أكمل ما يكون وأرقىٰ ما يُتصور وأعدل ما ينبغي.
وهناك نوعين من المقارنة :-
النوع الأول :- المقارنة الوصفية
النوع الثاني:- المقارنة التطبيقية
وفي هذا المقال المتواضع سأَجمع بين النوعين
وفي الآونة الأخيرة شغلت قضية قتل الرأي العام وأُطلق عليها قضية محمود البنا، وشاعت بين الناس بشعار إعدام راجح.
وثار تسأئل هل سيتم إعدام راجح القاتل، بعد أن تبين أن سنه أقل من الثامنة عشرة أم لا ؟ وماجت الناس وهاجت عندما حكمت المحكمة عليه بخمسة عشر عاماً ! وذلك نتيجة جهل الناس بالقانون لذلك أردتُ أن ألقي نظرة حول هذا الموضوع.
من حيث مقارنة القوانين والانظمة، ومدى إمكانية التعديل في سن الحدث، ومن الناحية الاجتماعية والأمنية.
أولاً الدستور المصري لسنة ٢٠١٤ في المادة رقم ٨٠ قال يعد طفلاً كل من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره.
وبالنظر في القانون المصري، نرى أن الذي لم يبلغ الثامنة عشرة يعد طفلاً ويطلق عليه قانون الطفل، رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008.
والذي عرَّف الطفل بأنه: يقصد بالطفل في مجال الرعاية المنصوص عليها في هذا القانون كل من لم يتجاوز سنه الثامنة عشرة سنة ميلادية كاملة .
ويثبت السن بموجب شهادة الميلاد أو …..
وينص هذا القانون في الباب الثامن ( المعاملة الجنائية للأطفال مادة (111)
لا يحكم بالإعدام ولا بالسجن المؤبد ولا بالسجن المشدد على المتهم الذي لم يجاوز سنه الثامنة عشرة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة .
و مع عدم الإخلال بحكم المادة (17) من قانون العقوبات ، إذا ارتكب الطفل الذي تجاوزت سنه خمس عشرة سنة جريمة عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد أو السجن المشدد يحكم عليه بالسجن ، و إذا كانت الجريمة عقوبتها السجن يحكم عليه بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر .
وكذلك الأمر في المملكة العربية السعودية الشقيقة حيث أنها اعتبرت الطفل هو الذي دون الثامنة عشرة سنة، وذلك لأنها انضمت إلى الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها المنعقدة في 20-11-1989م.
وأما في دولة الكويت الشقيقة فالأمر فيها كما هو في القانون المصري كذلك.
ولكن قبل أربع سنوات كان الأمر مختلفا بالنسبة للحدث وهو ما ورد في المادة الأولي من قانون رقم 111 لسنة 2015 بإصدار قانون الأحداث ( 111 / 2015 ) الحدث المنحرف:كل من أكمل السنة السابعة من عمره ولم يتجاوز السادسة عشرة وارتكب فعلاً يعاقب عليه القانون.
كما أوردت العقاب في المادة رقم 15
لا يحكم بالإعدام ولا بالحبس المؤبد على الحدث.
وإذا ارتكب الحدث الذي أكمل الخامسة عشرة ولم يجاوز السادسة عشرة من العمر جناية عقوبتها الإعدام أو الحبس المؤبد ، يحكم عليه بالحبس مدة لا تزيد على خمس عشرة سنة، ولكن تم تعديله كما ذكرنا.
وكذلك دولة الإمارات، ويمكننا القول بأن الأمر يجمع كل الدول التي وقعت على (اتفاقية حقوق الطفل) والتي تنص في موادها بأن كل من يقل عمره عن 18 عاما يعتبر طفلا ويعامل ضمن فئات الطفولة, وهي اتفاقية ملزمة للدول الموقعة عليها لأنه لم يعترض أحدها على بند (سن الطفولة)
ويبقى الحديث عن موقف الشرائع السماوية من هذا الموضوع ثم موقف علماء الإجتماع والسلوك، والجهات الأمنية.
ونستكمل بإذن الله الموضوع في المقال القادم حتى يتسق الكلام.