الطبيعة القانونية للإعلان الإلكتروني
كتب: محمود سعد عبد المجيد
يجد المستهلك نفسه محاطا بالإعلانات من كل حدب وصوب، سواء على مستوى البريد الإلكتروني أو أثناء التجول بين صفحات الويب التي تعرض عليهم منتوجات وخدمات، وأمام الكم الهائل الذي يصادفه من عروض ثثور لديه إشكالية تحديد طبيعتها، القانونية؟ هل تحتوي على إيجاب بالمعنى الصحيح؟ أم أنها تكاد لا تكون إلا مجرد دعوة للتعاقد والتفاوض؟.
لا يعد الإعلان الموجه إلى المستهلك عبر شبكة الإنترنت إيجابا وإنما دعوة للتفاوض أو التعاقد، وهذا ما ذهب إليه جانب من شراح القانون، ويشترط لذلك أن لا يتضمن الإعلان الشروط الجوهرية للتعاقد، فعرض السلع في واجهات المحلات التجارية دون بيان أسعارها لا يعتبر إيجابا.
فإعتبار الإعلان الإلكتروني الموجه إلى المستهلك دعوة للتفاوض أو التعاقد، يكون من خلال عدم إحتواء الإعلان على الشروط الأساسية للتعاقد، حيث أن بيان أسعار السلع عبر الإنترنت يعتبر إيجابا، لأن بيان الأسعار هو من المعلومات الجوهرية في التعاقد.
وعلى ذلك فإنه لكي يعتبر العرض الموجه إلى الجمهور إيجابا، يجب أن يكون محددا للسلعة تحديدا نافيا للجهالة، وأن يحدد الثمن والعناصر الأساسية للتعاقد، وإلا فإن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد دعوة للتعاقد، وفي هذا الصدد نرى أن الإيجاب عبر البريد الإلكتروني يشبه الإيجاب عن طريق البريد العادي، بحيث يلزم أن تكون الرسالة متضمنة الشروط اللازمة لتمام الإيجاب حيث يتم إرسالها إلى الشخص معين أو أشخاص معينين وليس إلى جمهور الناس لأنه متى اتسعت لغير هذه الفئة تغير الوصف القانوني لهذا العرض من الإيجاب إلى دعوة للتعاقد.
وعلى هذا الأساس، فإن الإعلان الإلكتروني الموجه للمستهلك، قد يتخد صورة إيجاب إذا ما تضمن الشروط والبيانات الأساسية المتعلقة بالسلعة أو الخدمة، وفي حالة ما لم يتم ذكرها فإنه يكاد لا يكون سوى مجرد دعوة للتعاقد أو التفاوض دون أن يرقى لدرجة الإيجاب الحقيقي.
ولعل هذا ما أشار إليه المشرع المصري في المادة 95 من القانون المدني بقوله : ”إذا اتفق الطرفان على جميع المسائل الجوهرية في العقد، واحتفظا بمسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد ولم يشترطا أن العقد لا يتم عند عدم الإتفاق عليها، اعتبر العقد قد تم وإذا قام خلاف على المسائل التي لم يتم الإتفاق عليها، فإن المحكمة تقضي فيها طبقا لطبيعة المعاملة ولأحكام القانون والعرف والعدالة”.