الحياة والرضا بقدر الله
بقلم/ أشرف الزهوي المحامي
النظرة الإيجابية على أحداث حياتنا هي ذاتها باحداثها وتفاصيلها قد يحولها شخص آخر من وجة نظره إلى أحداث سلبية. إذا اضطررت إلى الخضوع لعملية جراحية باهظة التكاليف، فقد ترى نجاح العملية واستعادة صحتك شيئا طيبا محمودا، بينما يرى اخر أن هذا قد استنفذ من وقتك الثمين ومن اموالك، قد ترى أن بلوغك سن الستين من عمرك، قد منحك الفرصة لحياة جديدة هادئة تتناسب مع مرحلتك العمرية وتمنحك وقت أكبر للتدبر والتأمل والعبادة، بينما يرى بعض أصدقائك وأهلك أن هذا قد نال من دخلك الشهري وفيه إهدار لطاقتك ونشاطك الذي تتمتع به.
قد تضطرنا الأحداث إلى ترك مسكننا والانتقال إلى مسكن اخر فيكون ذلك بمثابة تغييرا طيبا لتجديد الروح والقضاء على رتابة الإقامة في مكان واحد طوال العمر وأن الانتقال إلى محل الإقامة الجديد قد منحنا هدوء أكثر وجيران الطف، بينما ينظر أبناءك إلى المسألة بعدم الارتياح والشعور بالغربة، وهكذا تختلف النظرة إلى الحياة وتقلباتها واحداثها من شخص لآخر. ومن الطرائف التي تحدث يوميا، مانراه من اختلاف الرؤية للأشخاص الذين يصطفون في طوابير قضاء مصالحهم أمام الجهات المختصة، فقد يخرج شخص متبرما وناقما من الزحام وعناء الوقوف وزيادة الرسوم وبطء التعامل بينما يخرج اخر بعدد من المعارف ويثني على النظام وعدم المجاملة والمساواة في المعاملة.
أن نظرتنا إلى الحياة أشبه بمن يرتوي من الأصحاء بالماء فتزيد نضارته وتحفظ صحته واخر مريض بالفشل الكلوي ويخضع لعملية الغسيل الكلوي فيزيد الماء من معاناته مع المرض. في إطار الحياة الزوجية، قد ينظر الزوجين إلى الجانب السلبي في الشريك الآخر، ولا يبالي بالجانب الإيجابي الذي الفه وأعتاده.
في إحدى المرات التي تدخلت فيها لإصلاح ذات البين بين زوجين أوشكت الخلافات بينهما لايصالهما إلى إيقاع الطلاق، سألت كل واحد منهم منفردا، سؤالا واحدا وطلبت منه التفكير اولا قبل الإجابة، وكان سؤالي، عدد لي المواقف الطيبة الإيجابية التي فعلها شريكك طوال الفترة الماضية سواء معك أو مع اهلك واقربائك؟.
كان عد وحصر الإيجابيات كافيا لنزع فتيل الأزمة وفتح باب التفكير الإيجابي تجاة شريك العمر. حتى في مجال عملي كمحام، فإن النتائج لم تكن جميعها لصالح موكلي تماما، لأنه احيانا ما تصدر الأحكام مخففة أو منصفة لبعض الحقوق فقط، وهنا اذكر دائما موكلي أن القدر الذي تحقق يجب أن نحمد الله عليه وان نسعي في مراحل التقاضي التالية لاستعادة باقي الحقوق، الغريب ان هناك أنواع من البشر لاترضي بما قسمه الله وتسعى لاضعاف قيمة وجهد الآخرين ممن حولها، ومن الأمثلة التي عشتها، مع احد معارفي، انه ذهب لإحضار سيارته من ورشة لإصلاح السيارات، وعندما قام بتجربة السيارة قبل دفع المقابل المالي، وجدها على أحسن الأحوال، وبدا سعيدا وراضيا تماما عن النتيجة، إلا انه عند التعامل مع القائم بعملية الإصلاح عن سؤاله عن رأيه بعد تجربة السيارة ، بدأ ممتعضا ومستاء من مستوى الخدمة، وبعد الانصراف سألته عن سبب هذا التحول في الاحساس بخصوص مستوى الخدمة والكفاءة التي تمت بها عملية إصلاح السيارة، قال لي بالحرف الواحد، لو أظهرت رضاك عن الخدمة سيضاعف الأجر الذي سيطلبه.
إن نظرتنا إلى الحياة يجب أن نعبر عنها وننقلها إلى الآخرين ممن حولنا وأن ننظر إلى الجانب الملآن من الكوب فنبعث روح الأمل والتفاءل في الآخرين فيصبح المجتمع مستعدا بالطاقة الإيجابية إلى الإبداع بجانب الإصرار والارادة نحو البناء والتنمية