الجريمة إحراز وحيازة سلاح ناري.. طالع حيثيات حكم النقض في إدانتها متهمين بـ«عنف الجيزة»
كتب: علي عبدالجواد
أودعت محكمة النقض، برئاسة المستشار عمر عبدالله شوضة، الثلاثاء، حيثيات حكمها بإدانة متهمين بالسجن المؤبد، لارتكابهما جرائم حيازة وإحراز أسلحة نارية دون ترخيص خلال أحداث عنف بالجيزة.
ورفضت المحكمة طعون المتهمين، إذ لم يكشف المتهم الأول بأسباب طعنه عن ماهية المستندات التي عاب على حكم (الجنايات) عدم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة، بل ساق قولاً مرسلاً مجهلاً، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً .
وقالت الحيثياث: إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم حيازة وإحراز بالذات وبالواسطة أسلحة نارية غير مششخنة ( فرد خرطوش) بغير ترخيص وبقصد استعمالها في نشاط يُخل بالأمن والنظام العام وحيازة وإحراز أسلحة بيضاء بغير مسوغ قانوني، ودان الأول بجرائم وضع النار عمدًا في مكان غير مُعّد للسكنى والسرقة بالإكراه والإتلاف العمدي والقبض والاحتجاز بدون أمر أحد الحكام المختصين ودان الثاني بالاشتراك في هذه الجرائم وإحراز ذخيرة «طلقة واحدة» بغير ترخيص، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه حُرر في صورة عامة معماه لا يبين منها الواقعة بياناً تتحقق به أركان الجرائم التي دانهما بها ومؤدى أدلتها مكتفياً بسرد أقوال الشهود، كما وردت بقائمة أدلة الثبوت، ولم يدلل على توافر أركان الجرائم التي دانهما بها ملتفتًا عن دفاعه بانتفاء القصد الجنائي بها، ولم يستظهر دور الأول فيها والأفعال التي قارفها تحديداً واعتبره فاعلاً أصلياً رغم خلو مدوناته مما يوفر الاتفاق بينه وبين باقي المتهمين لانحسار دوره في كتابة بعض العبارات على جدران مسرح الجريمة، وأحال في بيان شهادة الشاهدين الثاني والثالث إلى ما شهد به الأول دون بيان مضمونها، معولاً على أقوال المجنى عليهم رغم عدم معقوليتها وتناقضها وأنها ظنية لأنهم لم يستطيعوا تمييز الجناة ولعدم تواجد حارس العقار على مسرح الواقعة، كما تساند إلى إقرارات المتهمين بتحقيقات النيابة العامة رغم عدم مطابقتها للحقيقة والواقع ولتناقضها بعضها مع بعض وتضاربها مع أقوال الشهود متخذاً من تحريات الشرطة دليلاً أساسياً للإدانة رغم عدم صلاحيتها لذلك لانعدامها، وتناقضها مع أقوال الشهود ونسب للطاعن الأول إقراراً بتوافق إرادته مع باقي المتهمين مؤازراً لهم في ارتكاب الجريمة خلافاً للثابت بأقواله بتحقيقات النيابة العامة، ولم ينزل بالعقوبة وفقاً لما تسمح به المادة ١٧ من قانون العقوبات التي طبقها عليهم ودون أن يُبين الجريمة الأشد ودفع الطاعنان ببطلان استجواب الأول لمخالفته نص المادة ١٢٤ من قانون الإجراءات الجنائية وبطلان أمر الإحالة لسرد مواد اتهام لم ترد بقرار رئيس النيابة، وابتنائه على تحريات منعدمة وقصور التحقيقات لخلوها من سؤال الشاهدة وقعود النيابة العامة عن مواجهة المتهم بشهود الإثبات واستبعاد أخرى من الاتهام رغم تواجدها في الواقعة وانتفاء صلتها بالجريمة وعدم ضبط ثمة أسلحة أو مسروقات بحوزة الطاعن الأول لأن تواجده كان عرضاً على مسرح الجريمة وعدم معقولية تصوير الواقعة وتلفيق الاتهام وكيديته بيد أن المحكمة اطرحت البعض منها بما لا يصلح رداً وأغفلت الرد عن البعض الآخر دون أن تعن بتحقيق دفاعهما، وأخيراً التفتت المحكمة عن المستندات المقدمة من الطاعن الأول تأييداً لدفاعه، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وأضافت: حيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات وإقرار الطاعن الأول وآخر بتحقيقات النيابة العامة وما ثبت من تقريري الأدلة الجنائية وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراضه لأدلة الدعوى على نحو يدل على أن المحكمة محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يُفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ويضحى النعي على الحكم في هذا الصدد ولا محل له .
وتابعت قائلةً: لما كان ذلك، وكان لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أقوال شهود الإثبات المقدمة من النيابة العامة ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة فإن النعي على الحكم في هذا الصدد- بفرض صحته يكون بلا سند .
واستطردت: وكان يبين من استقراء أحكام القانون رقم ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ في شأن الأسلحة والذخائر والتعديلات التي طرأت عليه أن المشرع قد راعى فيما قرره من عقوبات القصد من الحيازة أو الإحراز وتدرج في المادة ٢٦ حتى وصل بالعقوبة إلى الإعدام، إذا كانت حيازة أو إحراز تلك الأسلحة أو الذخائر أو المفرقعات بقصد استعمالها في أي نشاط يُخل بالأمن العام أو النظام العام أو بقصد المساس بنظام الحكم، أو مبادئ الدستور، أو النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية أو بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي، وكانت حيازة أو إحراز الأسلحة النارية أو الذخائر بقصد استعمالها في أي نشاط يُخل بالأمن العام أو النظام العام أو بقصد المساس بمبادئ الدستور، والوحدة الوطنية، والسلام الاجتماعي مسألة نفسية لا تستفاد فقط من أقوال الشهود، بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها، ولا يشترط أن يتحدث عنه الحكم صراحة وعلى استقلال، ما دامت الوقائع كما أثبتها تُفيد بذاتها توفره، فإن النعي على الحكم بالقصور في التدليل على توافر هذا الغرض يكون في غير محله .
وأشارت الحيثيات إلى أنه وكان مناط المسئولية في حيازة أو إحراز سلاح ناري بغير ترخيص هو ثبوت اتصال الجاني به اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وإرادة إما بحيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية، إذ لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً للسلاح الناري أن يكون محرزاً له بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليه ولو لم يكن في حيازته المادية أو كان المحرز له شخصاً غيره، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف- كما هو الحال في الدعوى المطروحة- ما يكفي للتدليل على قيامه، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون سديداً .
ولفتت إلى أنه كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعنين جريمة واحدة وعاقبهما بالعقوبة المقررة لأشدهم وهي جريمة احراز وحيازة بالذات وبالواسطة سلاح ناري غير مششخن «فرد خرطوش» بغير ترخيص بقصد استعماله في نشاط يُخل بالأمن العام وبالنظام العام وأوقعت عليهما المحكمة عقوبتها عملاً بنص المادة ۳۲ من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد، فإنه لا مصلحة للطاعن الأول فيما يثيره بشأن الجرائم الأخرى من حيث عدم التدليل على أركانها وعدم استظهار القصد الجنائي فيها- على النحو الوارد بأسباب الطعن، ويضحى النعي على الحكم في هذا الصدد غير قويم.