الثقافة المنشودة لصناعة مُحامٍ مُتميز (6)

بقلم: د. حمدي أبو سعيد
(1)
كان ممَّا ذكرته في (المقال السابق) أنّ الوصول إلى الثقافة الموسوعية الشاملة للمحامي يمر من خلال مسارين:
المسار الأول: القراءة الموسوعيَّة المثمرة.
والمسار الثاني: ماذا نقرأ؟ ، حتى نُحقق الثقافة الموسوعية المنشودة؟
وقد تناولتُ في المسار الأول ما جاء في فضل وفضيلة “القراءة” و “التعلم” و “الكتابة” من خلال القُرآن الكريم، وكيف أنَّ أول كلمة نزلت على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كانت ” اقرأ”، وأن “القراءة” باعتبارها مفتاح العلم والثقافة كانت أهم ما ميّز الحضارة الإسلامية التي تمثَّلت مُعجزتها الخالدة في “القُرآن الكريم” وهو كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيلٌ من حكيم حميد؛ فالمعجزة الخالدة الباقية لأمة الإسلام كانت “كتاباً”، وفي هذا دلالة واضحة على أهمية العلم والثقافة والقراءة والكتابة، والتي أصبحت من أعظم المنجزات الحضارية لأمة الإسلام؛ ولأهمية موضوع القراءة المثمرة، فقد حاولت أن أعرض تلخيصاً مُركّزاً لبعض فرائد وفوائد انتفعت بها عندما قرأتها قبل خمسة عشر عاماً من كُتيب صغير بحجم كف اليد؛ بعنوان: (القراءة المثمرة ..مفاهيم وآليات) للمفكر الدكتور عبد الكريم بكار؛ وقد عرضت في (المقال السابق) بعضاً من هذه الفوائد والآليات التي تُساعد على أن نجعل من قراءتنا للكتب والموسوعات العلمية قراءة مُثمرة تُؤتي أكلها علماً وفهماً وثقافةً وارتقاءً بالوعي ونُضجاً في الفكر، وسأواصل المسيرة معها –بمشيئة الله تعالى- في هذا المقال أيضاً ..

فقد تحدثت عن أن الشغف بالعلم والمعرفة لا ينغي أن يكون له حد أو يقف عند زمن في حياة الإنسان؛ فالعلم واكتساب المعرفة والثقافة من المهد إلى اللحد، وكُلَّما ازداد الإنسان علماً وثقافة اتسعت مساحة جهله بعلوم ومعارف وأخبار كثيرة لا يعرفها، وأنّه على الرغم من الدور الذي تقوم به وسائل الإعلام في الاستنارة العامة، ورفع درجة الوعي لدى الناس .. إلاَّ أن الكتاب ما زال هو الوسيلة الأساسية للتثقيف الجيد، حيث نستطيع أن نُمارس حُريتنا كاملة في اختيار ما نحتاج إليه، وأنَّه من أجل توطين القراءة في حياتنا الشخصية، وفي حياة الأمة عامة، وإشاعة ثقافة “اقرأ” داخل مجتمعاتنا وبيوتنا ينبغي أن نحاول اكتساب المهارات التالية: الأولى، منها: التحفيز للقراءة والاطلاع، والثانية: تكوين عادة القراءة التي تتحول مع الممارسة إلى براعة، والثالثة: توفير الكتاب المناسب، والرابعة: تنظيم الوقت، وتوفير مساحة مُناسبة منه للقراءة والاطلاع، والخامسة: تهيئة الجو الملائم للقراءة بعيداً عن الصخب والضوضاء؛ ذلك أنَّ القراءة المثمرة تستحق منا التخطيط والتفكير والمثابرة والعناء ..

[1]
لماذا نقرأ؟
الإنسان بالفطرة، توَّاق إلى اكتشاف المجهول، وحين يرتقي في معارج الحضارة؛ يتحول لديه كثيرٌ من المعارف العلمية من مُعطيات مُمتعة إلى ضرورات حياة، يتوقف عليها نُموُّه الرُّوحي والعقلي والمَهاري ..
من هُنا فإنَّ أهداف الناس من وراء القراءة مُتنوعة، بحسب وضعية القارئ، وما يُريده من وراء ذلك، فظروف الحياة تجعل أهداف القراءة تتفاوت تفاوتاً بعيداً، وكثير من الناس لا يعرف لماذا يقرأ؟ ..
ويُمكن أن نقول: إنَّ الأهداف العامة لقراءة مُعظم الناس ثلاثة، هي:
1 – القراءة من أجل التسلية، وهذه القراءة الأكثر شُيوعًا بين الناس، وتُثبت الإحصاءات أن نحوًا من 70% من القُرّاء يتجهون إلى القراءة من أجل التسلية .. ومع ذلك فإنَّ القراءة من أجل التسلية لا تخلو من فائدة، وقد يُشغل بها عن ملء فراغه بأشياء ضارة ..
2 – القراءة من أجل الاطلاع على معلومات؛ وهو أسلوبٌ يُمارسه كثير من الناس، والجهد الذي يتطلبه هذا النوع من القراءة محدود أيضًا، حيث أنَّ هُناك حُمَّى تجتاح كثيراً من الناس، وهي البحث عن الأسهل ..
3 – القراءة من أجل توسيع قاعدة الفهم، وهي أشق أنواع القراءة وأكثرها فائدة، والذين يقرؤون من أجل هذا الغرض قلة من الناس؛ وذلك لأنّ أكثر الناس يعتقدون أنَّ ما يملكون من قُدرات ذهنية كاف وجيد ..
– إنَّ القراءة من أجل الفهم، هي تلك القراءة التي تستهدف امتلاك منهج قويم في التعامل مع المعرفة، وتُكسبنا عادات فكرية جديدة، وتلك التي تزيد في مرونتنا الذهنية ..

[2]
أنواع القراءة:
و للقراءة أنواع من أهمها:
أولًا- النوع الأول من أنواع القراءة؛ وهو: القراءة الاكتشافية:
لا بد للمرء من أن يفرح ويسعد لكثرة ما يرى من الكُتب الجديدة في المكتبات، لكن هذا لا يدعو مُطلقاً إلى أن نندفع إلى الشراء دون تأمُّل في مدى مُناسبة ما نشتريه لنا، فقد يكون الكتاب في حد ذاته جيداً، لكنَّك لست من الشريحة الموجه إليها هذا الكتاب ..
ونستطيع خلال نصف ساعة أن نصل إلى حُكم جيد على الكتاب إذا قمنا بما يلي:
1 – قراءة مُقدمة الكتاب، حيث يكشف كثيرٌ من الكُتَّاب في مُقدماتِ كُتبِهم عن دوافع التأليف، وأهدافه، والفئة التي يخدمها الكتاب ..
2 – قراءة فهرس الموضوعات من أجل الاطلاع على موضوعات الكتاب، وأهم من ذلك اكتشاف المنظور المنطقي للكتاب ..
3 – الاطلاع على فهرس المصادر والمراجع التي اعتمد عليها المؤلف في بناء كتابه، حيث إنها تُمثل المورد الأساسي لمعلوماته وصياغته ..
4 – بعض المؤلفين يضع مُلَخَّصاً مُكثّفاً في آخر كُل فصل لما أورده فيه، ومن المفيد قراءة بعض الملخصات لتحسُّس جوهر المادة المعروضة ..
5 – قراءة بعض صفحات أو فقرات من الكتاب لمعرفة مُستوى المعالجة في الكتاب، وهذا مهم جدًّا ..

ثانيًا: النوع الثاني من أنواع القراءة؛ وهو: القراءة السريعة:
طبيعة التطور الحاصل في المجتمعات والأمم تقتضي أن المعرفة تتضاعف كل خَمس عشرة سنة على أبعد تقدير؛ وهذا يعني أنَّ الكتب المنشورة تتحدى القُراء، وتتطلب منهم المزيد من الاستعداد ..
وأنَّه بعد تصفح الكتاب، والتعرُّف على مُحتوياته، واكتشاف مُستواه، يُقرر القارئ أيَّ نوع من القراءة يستحق، فهناك كتب تُقرأ قراءة سريعة، وفي الغالب فإنَّ هذه الطريقة تُناسب الكُتب المرتبطة بالثقافة العامة، وهناك كُتب يجب أن تُقرأ بدقة مُتناهية، وهي الكُتب والموسوعات العلمية المرتبطة بالتخصص الدّراسي أو المهني؛ ككُتب (الدراسات القانونية والشرعية) بالنسبة للمحامين .. وتقوم فكرة القراءة السريعة على ما هو معلوم من أنَّ النظر يقفز من مساحة إلى أخرى، وعندما يستقر على مساحة مُعينة فإنَّه يلتقط عددًا من الرموز والإشارات، ثم يقفز ليستقر ثانية وهكذا ..
وقد اهتمت المنظومات العلمية والثقافية في الدُّول المتقدمة بالقراءة السريعة وأهمّيتها وقيمتها الكبيرة في تنمية الوعي الثقافي والفكري لدى النَّاس؛ فأقامت الدَّورات للقراءة السريعة منذ أكثر من نصف قرن، و التي تهدف في المقام الأول إلى تدريب القارئ على أن يلتقط أكبر عدد مُمكن من الكلمات في أثناء اللحظة التي تقف فيها العين أثناء القراءة ..

ثالثًا: النوع الثالث من أنواع القراءة؛ وهو: القراءة الانتقائية:
حين يتجه المرء إلى التعمق في موضوع بعينه، فإنَّه يكون بحاجة إلى تتبع الكثير من المراجع والكُتب المتنوعة للعثور على مادة مُتجانسة، والكتب التي يُمكن أن يعود إليها أيُّ باحثٍ نوعان:
النوع الأول: كُتب تنتمي إلى الحقل المعرفي الذي ينتمي إليه الموضوع الذي يَبحث فيه، ويُمثل هذا النوع المصدر الأساسي للباحث، فعن طريقه يُمكن تكوين رؤية جيدة للبنية الأساسية للموضوع ..
ومع التسليم بالأهمية القُصوى لهذا النوع من المراجع، إلاَّ أنَّ الاقتصار عليه يجعل معرفةَ القارئ بموضوعه حالة شبه معزولةٍ عن فُروع المعرفة الأُخرى. ومُعظم القُرَّاء يُؤثر الاعتمادَ على هذا النوع؛ لسهولة معرفته وحصره ..
النوع الثاني: كُتب لا تنتمي إلى الحقل المعرفي الذي ينتمي إليه الموضوعُ الذي نود سبرَ أغواره، وفائدة هذا النوع من المطالعة أنَّه يُعطينا لونًا من ألوان توحيد المعرفة، وإعادة الربط بين فُروعها وأجزائها ..

رابعًا: النوع الرابع من أنواع القراءة؛ وهو: القراءة التحليلية:
إنَّ القراءة التحليلية هي أفضل أسلوب يُمكن للمرء أن يتبعه في استِكْناه مضمونِ كتاب ما في وقت غير مُحدد، فهي مُحاولة للارتقاء بالقارئ إلى أُفق الكاتب الذي يَقرأ له، ومُحاولة النفاذ إلى معرفة شيء من مصادره وخلفيته الثقافية ..
[3]
سمات القارئ الجيد:
والقارئ الجيِّد المُجتهد الحريص على القراءة والاطلاع واكتساب الثقافة الموسوعية له سمات مُميَّزة يُعرفُ بها؛ من أبرزها:
1 – المثابرة على القراءة، والحماسة في مُتابعتها، والصبر عليها ..
2 – القارئ الجيد يتمتع بقابلية جيدة لاستيعاب الجديد، وبنية عقلية مُتفتحة، تقبل التحوير، وتستفيد من المراجعة ..
3 – القُدرة على الاستجابة لنبض العصر الثقافي ضرورةٌ لمن يُريد أن يقرأ قراءة مُثمرة ينتفع بها ..
4 – من المهم للقارئ الجيد أن يعرف كيف يتعامل مع الكُتب التي عزم على قراءتها، بالإضافة إلى الاهتداء إلى الطريقة التي سيتعامل بها مع كل كتاب منها على حِدة، من حيث السُّرعة في القراءة، والفهم والاستيعاب الجيد لما قرأ، والتلخيص والتعليق النافع الذي يُثبِّت المعلومات ويُرسخها ..

[4]
أنواع الكتب:
هُناك نوع من الكتب لا يُقرأ دفعة واحدة، مثل: المراجع والمعاجم والموسوعات مُتعددة الأجزاء، وإنما يعود إليها طالبُ العلم أو الباحث عند الحاجة، فهي تحتفظ بقيمتها قُرونًا عدة. ونوع ثان لا يتطلب فهمُه مهاراتٍ قِرائيةً عالية؛ فهو يُقرأ للتسلية، وهذا النوع من الكُتب لا يُقرأ في العادة سوى مرة واحدة ..
وثمَّة نُوع ثالث من الكتب يَشعُر المرء بأنَّه بحاجة إلى قراءة بطيئة وتركيز جيد، لكن بعد قراءته يشعر أنَّه أخذ كل ما فيه. وهذا النوع لا يُمثل أكثر من 5% مما هو مطروح في الأسواق من كُتب ..
وهناك نوع رابع من الكتب يشعر قارئه أنَّه لم يستفد كل ما فيه مهما استخدم من مهارات القراءة، وأنه يستحق عودة ثانية، لكن إذا عاد إليه المرءُ مرةً ثانية لم يخرج كل ما كان يُؤمله منه، وهذا النوع يحتاج إلى مهارات عالية في قراءته والرجوع إلى بعض الشروح والمراجع التي تُساعده على فهمه واستيعابه وهضم مادَّته العلمية المتعمقة ..

و النوع الأخير من الكتب نادر جدّاً، وهو نوع لا ينضُب محتواه، وكُلَّما عُدت إليه شعرت أنه يُنَمِّيك، ويزيدك ثراءً ومعرفة، ويرتقي بك لساناً وأدباً، ويُعطيك من أسراره لُغة وفصاحة وبلاغة، ويمنحك من بركاته كُلَّ خير وسعادة واطمئنان؛ وكأنه ينمو معك، يجد الفاقهون العالِمون من الكبار الأنقياء مثل هذا في القرآن الكريم ..
إنه القُرآن الكريم .. ذلك الكتاب
لا ريب فيه هُدى للمُتَّقين ..
إنَّهُ الكتاب العظيم الذي حفظه، وفهم معانيه، واستفاد من حلاوة أسلوبه، وعُمق فكره، وجمال لُغته، وإبداع بيانه، واتقان بلاغته وفصاحته جيل العصر الذهبي للمُحاماة من أساطين المحاماة وشيوخ القضاء؛ حتى أن العَلَم الوطني القبطي البارز الأستاذ مكرم عبيد باشا، الذي كان أحد أعلام المحامين الكبار وشيوخهم، وكان رمزاً من كبار رموز الوطنية المصرية، وكان خطيباً مُفوَّهاً مشهوراً، اشتهر ببلاغته وفصاحته وحُسن بيانه وقُوَّة حُجَّته؛ فقد كان يحفظ القُرآن الكريم حفظاً جيّداً، وكان يُحسن الاستدلال بآياته الكريمة على ما يُريده وما يتعرَّض له من قضايا ومواقف، وهكذا كان شأن عُظماء المحاماة وشيوخ القُضاء الكبار مع القُرآن الكريم ..
تقرأ هذا التنزيل الإلهي الحكيم فيرتاح قلبك، وتطمئنُّ نفسك، وينتعش فؤادك وعقلك، وتعيش أجواء إيمانية رائعة من الحُب والرَّحمة والهداية والنُّور والسَّعادة والطُمأنينة والخير والبركة والأمن والأمان والسلامة والسلام:
* – (قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (16)[سورة المائدة] ..
* – (إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا). [سورة الإسراء: 9] ..
* – (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) [سورة الزُّمَر: 23] ..

[5]
مبادئ وقواعد:
هُناك ثمَّة مبادئ وقواعد تُساعد على إرساء القراءة المثمرة؛ من أهمها ما يلي:
1 – إنَّ مُهمة الكاتب أن يُوصل إلينا بعض المعاني والأفكار مما ابتدعه، أو اقتبسه من غيره، ومُهمة القارئ تَلقِّي ذلك والاستفادة منه ..
2 – إنَّ بين الفكرة التي يُعبر عنها الكاتب وبين الكلمة التي يستخدمها مسافةً ما، وعلى القارئ أن يقطع تلك المسافة من خلال الملاحظة الحادَّة والخيال الخصب، والذهن المتمرس ..
3 – إنَّ اللُّغة هي أداة التواصل الأساسية بين بني البشر؛ فاللُّغة كائن مُبدع، والإبداع هو سر عظمتها؛ لذا فإنَّ على القارئ أن يكون على وعي تامٍّ بالمعنى اللُّغوي للمفردات التي يقرأُها ..
4 – إنَّ مما يُسهل قراءةَ أي كتاب في أي علم، معرفةُ المصادر والمراجع التي رجع إليها المؤلف؛ مما يُساعد القارئ على فهم الكتاب الذي بين يديه ..
5 – إنَّ القراءة التحليلية الجيِّدة تعني نوعًا من (التَّفْلية) للكتاب، ومحاولة إضفاء نُوع من التنظيم على مُحتواه الداخلي من أجل تسهيل استيعابه ..

تساؤلات مُهمة:
من واجب كل قارئ حريصٍ أن يعمِد إلى توجيه عدد من الأسئلة قبل قيامه بشراء الكتاب، وفي أثناء قراءته، وبعد الفراغ منه، ولعلَّ أهم تلك التساؤلات ما يلي:
1 – هل أنا من الشريحة التي يستهدفها المؤلف، ويُوجه إليها خطابَه، وهذا مُهم؛ لأنَّ قراءة كتاب ليس مُوجَّهاً إليك قد لا تنفعك بأي شيء ..
2 – من المهم أن يعرف القارئُ هُوية الكتاب والجنس المعرفي الذي ينتمي إليه، وكُّلَّما استطاع القارئ أن يُعبِّر عن ذلك على نحو دقيق ومُوجز كانت فائدته مما يقرأ أعظم ..
3 – من الأسئلة الحيويَّة أن يُوجه القارئ لنفسه أسئلة تتعلق بمدى استيعابه لما قرأه، وأدوات اختبار الفهم كثيرة لعلَّ من أهمها أداتين:
الأُولى: أن يُحاول القارئ أن يأتي بأمثلة ومُلاحظات على القواعد والأفكار والملاحظات التي يُثيرها الكاتب ..
الثانية: مُحاولة القارئ تلخيص ما قرأه في عبارات وفِقَر مُحددة، بأسلوبه الخاص ..
4 – من المهم أن يسأل القارئ نفسه: ما المسائل التي حاول الكاتبُ حلَّها، وتقديم رؤى فيها، وما الأسئلة التي طرحها الكاتب في القضايا التي يُعالجها، ومدى جدية تلك الأسئلة وموضوعيتها ..
وهكذا فإننا إذا أردنا أن تكون قراءتنا لما نقرأه ونتداوله ويقع في أيدينا من الكتب والموسوعات العلمية وغيرها مُثمراً ومُفيداً، فإنَّه ينبغي علينا أن نعي هذه المفاهيم والقواعد ونُحسن توظيف هذه الآليات توظيفاً جيِّداً؛ حتى نُحقق الغاية التي نُريد، ونصل إلى مُرادنا في بناء ثقافة موسوعيَّة شاملة بإذن الله تعالى من أيسر طريق .. والله من وراء القصد ..
* – للموضوع – صلة وتكملة – في مقال آخر ..

زر الذهاب إلى الأعلى