التنظيم القانونى لفكرة التوقيع الإلكتروني في القانون المصري
بقلم: محمد صلاح الدين الشرقاوى المحامى
تقديم :
فى الأونة الراهنة ، ووفقاً للتطورات الحاصلة فى مجال تكنولوجيا المعلومات ، ظهرت بعض الإصطلاحات التكنولوجية ذات الصبغة القانونية ، مثل إصطلاح العقد الإلكترونى وكذلك التوقيع الإلكترونى … إلخ .
ولما كان لزاماً على أرباب العلم أن يقوموا بمناقشة أية مستجدات فى كافة العلوم لاسيما المجال القانونى ، وعلى صعيد أخر لا يخلوا الأمر من أن يلق على عاتق المشرعين مهمة معالجة تلك المستجدات إبان سهرهم على سن تشريعاتهم .
لذا فقد قام المشرع المصرى بدوره ، بسن القانون رقم رقم 15 لسنة 2004 بشأن تنظيم التوقيع الإلكترونى وبإنشاء هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات .
وحيث أن التقنين سالف الذكر قد نص فى المادة الخامسة عشر منه على إنه :
” للكتابة الإلكترونية وللمحررات الإلكترونية ، فى نطاق المعاملات المدنية والتجارية والإدارية، ذات الحجية المقررة للكتابة والمحررات الرسمية والعرفية فى أحكام قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية ، متى إستوفت الشروط المنصوص عليها فى هذا القانون ………” .
الأمر الذى يثور معه التسائل حول مدى حجية المحررات الإلكترونية فى الإثبات ؟ وتدق الحاجة إلى ذلك التسائل حالما تأتى تلك المحررات دونما أن تذيل بتوقيع أحداً من أطرافها ، غاية الأمر إنها ثمة مكاتبات ومراسلات قد حدثت عبر أحد وسائل التواصل الإلكترونية .
بناء على ما تقدم سنقتصر فى ذلك المقال على مناقشة المحاور الآتية :
(1) ماهية المحرر الإلكترونى والتوقيع الإلكترونى :
(2) الغاية من التنظيم القانونى لفكرة التوقيع الإلكترونى :
(3) مدى حجية التوقيع الإلكترونى فى الإثبات :
(4) الشروط اللازمة لإعتبار المحررات الإلكترونية والتوقيع الإلكترونى ذات حجية فى الإثبات
(5) عقوبات مخالفة قانون تنظيم التوقيع الإلكترونى
(1) ماهية المحرر الإلكترونى والتوقيع الإلكترونى
أولا : المقصود بالكتابة الإلكترونية :
هى كل حروف أو أرقام أو رموز أو أى علامات أخرى تُثبت على دعامة إلكترونية أو رقمية أو ضوئية أو أية وسيلة أخرى مشابهة وتعطى دلالة قابلة للإدراك .
ثانياً : المحرر الإلكترونى :
هو رسالة بيانات تتضمن معلومات تنشأ أو تدرج أو تخزن أو ترسل أو تستقبل كلياً أو جزئياً بوسيلة إلكترونية ، أو رقمية أو ضوئية ، أو بأية وسيلة أخرى مشابهة .
ثالثاً : التوقيع الإلكترونى :
هو ما يوضع على محرر إلكترونى ويتخذ شكل حروف أو أرقام أو رموز أو إشارات أو غيرها ويكون له طابع متفرد يسمح بتحديد شخص الموقع ويميزه عن غيره .
(2) الغاية من التنظيم القانونى لفكرة التوقيع الإلكترونى
1) تشجيع وتنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات والإتصالات .
2) نقل التكنولوجيا المتقدمة للمعلومات وتحقيق الإستفادة منها .
3) زيادة فرص تصدير خدمات الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات ومنتجاتها.
4) الإسهام فى تطوير وتنمية الجهات العاملة فى مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
5) توجيه وتشجيع وتنمية الإستثمار فى مجال صناعة تكنولوجيا المعلومات والإتصالات .
6) رعاية المصالح المشتركة لأنشطة تكنولوجيا المعلومات .
7) دعم البحوث والدراسات فى مجال تكنولوجيا المعلومات والإتصالات وتشجيع الإستفادة بنتائجها .
8 ) تشجيع ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى مجال إستخدام وتوظيف آليات المعاملات الإلكترونية.
9) تنظيم نشاط خدمات التوقيع الإلكترونى وغيرها من الأنشطة فى مجال المعاملات الإلكترونية وصناعة تكنولوجيا المعلومات .
(3) مدى حجية التوقيع الإلكترونى فى الإثبات
نص المشرع فى المادة 14 من قانون تنظيم التوقيع الإلكترونى سالف الذكر على إنه :
” للتوقيع الإلكترونى ، فى نطاق المعاملات المدنية والتجارية والإدارية ، ذات الحجية المقررة للتوقيعات فى أحكام قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية ، إذا رٌوعِى فى إنشائه وإتمامه الشروط المنصوص عليها فى هذا القانون والضوابط الفنية والتقنية التى تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون” .
كما نصت المادة 15 من ذات القانون على إنه :
“للكتابة الالكترونية وللمحررات الإلكترونية ، فى نطاق المعاملات المدنية والتجارية والإدارية ، ذات الحجية المقررة للكتابة والمحررات الرسمية والعرفية فى أحكام قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية ، متى إستوفت الشروط المنصوص عليها فى هذا القانون وفقًا للضوابط الفنية والتقنية التى تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون” .
(4) الشروط اللازمة لإعتبار المحررات الإلكترونية والتوقيع الإلكترونى ذات حجية فى الإثبات
1) إرتباط التوقيع الإلكترونى بالموقع وحده دون غيره
2) سيطرة الموقع وحده دون غيره على الوسيط الإلكترونى .
3) إمكانية كشف أى تعديل أو تبديل فى بيانات المحرر الإلكترونى أو التوقيع الإلكترونى .
(5) عقوبات مخالفة قانون تنظيم التوقيع الإلكترونى
يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من :
1) أتلف أو عيَّب توقيعاً أو وسيطاً أو محرراً إلكترونياً، أو زور شيئاً من ذلك بطريق الإصطناع أو التعديل أو التحوير أو بأى طريق آخر.
2) إستعمل توقيعاً أو وسيطاً أو محرراً إلكترونياً معيباً أو مزوراً مع علمه بذلك.
3) توصل بأية وسيلة إلى الحصول بغير حق على توقيع أو وسيط أو محرر الكترونى ، أو إخترق هذا الوسيط أو إعترضه أو عطله عن أداء وظيفته .
وذلك مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد منصوص عليها فى قانون العقوبات أو فى أى قانون آخر .
ويلاحظ إنه فى حالة العود تزداد العقوبة بمقدار مثل المقررة لهذه الجرائم فى حديها الأدنى والأقصىى ، وفى جميع الأحوال يحكم بنشر حكم الإدانة فى جريدتين يوميتين واسعتى الإنتشار، وعلى شبكات المعلومات الإلكترونية المفتوحة على نفقة المحكوم عليه.
خاتمة
إتسم العرض السابق بالبساطة ، حيث إقتصر فى الغالبية منه على سرد نصوص القانون المعنى ، وقد يحلو للبعض نقد فكرة تبنى مناقشة قانون قلما تدق الحاجة إلى أحكامة ، لذا فوجب التوضيح أنه ثمة حكم حديث صادر من محكمة النقض ، خلال شهر مارس الجارى ، قد إطلع عليه الكاتب ، الأمر الذى أثار ملكة الفكر القانونى لديه ، لمناقشة ذلك الموضوع ، وأتت الفرصة للمشاركة فى ذلك العرض من قبل السادة الزملاء حتى تأتى تلك المناقشة ثمارها ، لذا فكان هذا العرض السابق ، ولكن دونما الخوض أو التعمق فى سائر جوانب الموضوع أو بحث تفصيلاته .