التدخل العسكري المصري فى ليبيا من حقوق الدفاع الشرعي في القانون الدولي

بقلم الدكتور/ وليد محمد وهبه المحامى

إن المتابع للمشهد الليبي يرى ان ما يحدث فى ليبيا بمثابة نزاع داخلي بين أطراف ليبين طرف تمثله الحكومة الليبية الداعمة للتدخل التركي الغير مباشر، ودعم مجموعه من العناصر المسلحة، التي تضم أفراد منشقين من الجيش الليبي، بالإضافة إلى عناصر مرتزقة وتتبعهم دخول مجموعات مدربه تابعه لشركات امن دوليه تمثل شكل ميلشيات عسكريه منظمه مدعومة بتسليح وأموال تركية، ومعلنه وبموافقة الحكومة الليبية على وجودها.

والطرف الثاني هو الجيش الليبي الوطني الذي يسيطر على حدود واغلبيه أراضى الدولة وقد لا يجد تمثيل دولي مناسب لكي يحظى باعتراف دولي ليكون متحدثا عن الشعب الليبي مما يجعل المشهد فى حقيقته نزاع داخلى وانقسام بين طرفي الدولة ويمثل نزاع مسلح داخلي.

وانه من المعتاد فى مثل هذه الحالات أن مجلس الأمن الدولي باعتبار انه المكلف بحفظ السلم والأمن الدولي كان له الصلاحية بناء على الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة فى التدخل فى ليبيا لوقف هذا النزاع وإنهاء الحرب الداخلية وانتخاب حكومة ممثله لطوائف الشعب ووضع أساس لجيش وطني ليبيا.

لكن هذا بالطبع من المستحيل ان يحدث لان من افتعل المشكله من الأساس لن يتدخل لانهائها فإن الحالة الحاليه للوضع الليبي نشئت عقب التدخل الدولى منذ اندلاع الثوره الليبيه والتى ساهم التدخل العسكرى الدولى فى تفاقم هذه الازمه وتفتيت عناصر قوه هذه الدوله مما حدى بظهور الجيش الليبي الوطنى لحمايه اراضى الدولة.

ولكى تستطيع حكومه الوفاق ان تحافظ على تواجدها لجأت الى دوله تركيا لتساهم فى انزال عناصر مسلحه لتواجه الجيش الليبي وان التوسع فى انزال هذه العناصر منذ مرور السنوات السابقه ادى الى تزايد عددها وتسليحها وتفاقم المواجهات مما تتردى معه الحاله الانسانيه و المأساويه للشعب الليبي.

وان المبادره المصرية هى بطبيعه الحال فى هذا الوقت وفى كل وقت بتمثل الشخصية المصرية الطبيعية التى بتتدخل لمواجه ازمات البلاد العربيه وهذا منذ قدم التاريخ لكن الرد عليها بالتهديدات والتدخلات العسكريه من دوله اعلنت عدائها لمصر و محاوله اثاره التهديد والقيام مناوشات او التهديد بها قرب الحدود المصرية.

مما قد ينبىء عن مرور عناصر مسلحه داخل الاراضى المصريه هو بيمثل حاله تهديد واضحه للسلم والامن الدولى الذى بيشكل خطوره على مصر مما يتيح لمصر طبقا للماده 51 من ميثاق الامم المتحده استخدام حق الدفاع الشرعى وهذا لمطابقه الوضع كل شروط الدفاع الشرعى المتمثل فى فعل العدوان والتهديد بإستخدام العنف والاعتداء والاحتجاز الذى وقع على مصريين داخل الاراضى الليبية.

وانه جدير بالذكر ان العدوان لا يشترط ان يكون حال وقائم وانما يمكن ان يكون رد الفعل للدفاع الشرعى استباقى حفاظا على الاجيال القادمه وهذا ما عكسه مفهوم نص الماده 51 من الميثاق خاصه وانه تحدد ان الدفاع الشرعى يقتصر على الرد وعلى توجيه الرد لمن يحاول الاعتداء فقط فى حدود وامكانات لردعه عن مخططاته العدائيه مع احترام احكام القانون الدولى الانسانى .

وضمن هذا السياق أيضاً ينبغي فهم العلاقة بين الدفاع الشرعي وأعمال المقاومة المسلحة باعتبار أن كليهما يشتركان في اكتساب الصفة المشروعة المستمدة من قواعد القانون الدولي وهنا لا ُيمكن القبول بالرأي القائل إن حق الدفاع الشرعي بموجب المادة 51 تقتصر ممارسته على الدول فحسب دون الشعوب وحركات المقاومة باعتبار أن نص تلك المادة لم ُيشر إلا إلى «الحق الطبيعي للدول …».

ذلك أن دراسة نصوص هذه المادة وتحليلها ربطاً مع بقية مواد الميثاق ومجمل قواعد القانون الدولي تؤدي إلى نتيجة واحدة هي اكتساب حركات المقاومة شرعية نضالها من نص المادة 51 ذاتها باعتبار أن العلّة المنشئة لهذا الحق، في هذه الحالة، وهي العدوان أو الهجوم المسلّح، تكون متحققة في واقعة الاحتلال أو الاستعمار باعتبارهما يشكّلان عدواناً مستمراً على حق الشعوب في الحرية والاستقلال وتقرير المصير مما يقتضي شمولها بأسباب الإباحة لاستخدام القوّة بوصفها تندرج ضمن حالات الدفاع المشروع.

وهو ما كان قد أكده وتبناه العديد من فقهاء القانون الدولي الذين أكّدوا أن الاحتلال الحربي نتيجة العدوان، يُعدّ عملاً غير مشروع بموجب القانون الدولي، يُعطي الشعب في الإقليم المحتل الحق في الدفاع الشرعي عن تراب الوطن بجميع الوسائل الُمتاحة لديه. ذلك أن حرب العدوان التي يتعرض لها الشعب تخوله قانوناً مباشرة الحق في الدفاع الشرعي الجماعي ضد المعتدي الذي يجب النظر إليه على أنه عصابة مسلّحة مجرمة تمكنت من دخول البيت – الوطن بنية سرقته ونهبه.

ولذلك فإن مقاومة هذه العصابة تكتسب وصفاً قانونياً مشروعاً بأنها ممارسة لحق الدفاع الشرعي عن النفس. ولو كانت مسبقة على حدوث العدوان ونشبات لمجرد التهديد به.

زر الذهاب إلى الأعلى