التحرش بيـن الواقع الخفي وأخطاء سلطات جمع الاستدلالات

التحرش بيـن الواقع الخفي وأخطاء سلطات جمع الاستدلالات والتحقيق في الحفاظ علي السرية

بقلم الاستاذ – محمد عبدالسميع  المحامي

كان أول ظهور لمصطلح التحرش الجنسي في منتصف عام ١٩٧٠)١(، وكان يستعمل للتعبير عن أحد أشكال العنف ضد المرأة) وهو العنف الجنسي، ومنذ ذلك الوقت بدأ الاهتمام به كمصطلح يرتبط غالباً بالمعنى اللغوي له ذلك أنه يفيد الإغواء والأثارة والاحتكاك والمراودة عن النفس والعاطفة والغريزة الجنسية )٣(فمن يقوم به يحاول إثارة عواطف الطرف الآخر وتهييج مشاعره وغرائزه الجنسية، وذلك عبر آليات ووسائل تواصلية لفظية وغير لفظية باستعمال القاموس الإباحي أو اطلاع المجني عليه على مشاهد جنسية لتهيج غرائزه، وقد يستعمل في ذلك وسائل الاتصال الحديثة، فهو سلوك يتضمن إيحاءات جنسية مباشرة أو ضمنية تستهدف الايقاع بالطرف الآخر.

– تُعد ظاهرة التحرش الجنسي من أكثر الظواهر المنتشرة في وقتنا الحالي، خاصة ونحن أمام تزايد الاعتداءات الجنسية ضد مختلف الفئات من نساء، أطفال وحتى رجال في معظم الدول عامة مع اختلاف صورها.

لذا علينا أن لا نتغاضى عنها أو نتجاهلها كجريمة أخلاقية ماسة بالمجتمع
جدير بالذكر : أن لفظ التحرش في قاموس المنهل مرادف لضايق ،أزعج ،نكد، ناوش ،أنهك
– وعرفه قانون العقوبات الفرنسي الجديد في المادة 222/33 بأنه: “الفعل الذي يقع من خلال التعسف في استعمال السلطة باستخدام الأوامر والتهديدات أو الاكراه بغرض الحصول على منفعة الامتيازات ذات طبيعة جنسية”.

– وعرفه قانون العقوبات الأمريكي التحرش الجنسي بأنه: “شكل من أشكال السلوك الجنسي الغير مرغوب فيه.
– والتحرش في مفهوم الشريعة الاسلامية هو :يمثل اعتداء على الاعراض والاغواء وهو من المنكر والفحشاء المنهي عنهم في القرآن الكريم.

– ويقول احد فقهاء القانون أنه ((بدون شك لا أحد يستطيع تعريف التحرش الجنسي فهو سلوك إنساني يتملص من كل محاولة لحصرة لأن تصور المعاناة اليومية للضحية فيه ليس بمقدار ثابت)).

  • مفهوم التحرش الجنسي قانوناً

نص المشرع المصري في المادة 306 عقوبات مكرر (أ) يعاقب بالحبس……كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروف بإتيان أمور أو ايحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسبلة بما في ذلك وسائل الاتصال السلكية أو اللاسلكية..

  • وكذلك نص المادة 306 مكرر (ب) يُعد تحرشاً جنسياً إذا ارتكبت الجريمة المنصوص عليها في المادة 306 مكرر (أ) من هذا القانون بقصد حصول الجاني من المجني عليه علي منفعة ذات طبيعة جنسية….‘‘
  • كما عرفته التوصية العامة للأمم المتحدة رقم 13 لاتفاقية القضاء علي جميع اشكال التمييز ضد المرأة ‘ التحرش الجنسي بأنهُ ‘‘سلوك جنسي غير مرغوب فيه سواء عن طريق الاتصال الجنسي أة عرض المواد الإباحية ومطالبة الممارسة الجنسية سواء بالفعل أو بالقول وهذا السلوك يكون مُهين ويمثل مشكلة بصحة وسلامة المرأة.

وحسب الاعلان العالمي لوقف العنف ضد النساء يعتبر التحرش ‘‘شكل من أشكال العنف التي ينتج عنها اعتداء علي النساء من خلال سلوكيات واضحة أو ضمنية تحمل صبغة جنسية وتصدر من شخص له نفوذ علي أخر يرفض الاستجابة للرغبة ، ومصدر العُنف نابع من الألم الذي يحد من حرية النساء.

كما ان التحرش الجنسي من الالفاظ المستحدثة غير المعهودة عند سلفنا وقد ورد هذا المعني في القران الكريم مرادف  (للمراودة) قال تعالي : (وراودتهُ التي هُو في بيتها عَن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيتَ لكَ)) ومفهوم المراودة يعني الإرادة والطلب برفق ولين

صور التحرش الجنسي : ويكون التحرش في معرفة صورة وأشكاله الخطوة الاولي في منع حدوثه

أولا: التحرش اللفظي: وهو عبارة عن الفاظ أو عبارات تشير الي دلالات جنسية سواء أكانت صريحة أو كتابية بأي طريق من طرق الاتصال.

ثانيا : التحرش غير اللفظي: وهو عبارة عن مضايقة الأخرين لشكل مباشر عن طريق بعض الإشارات والإيماءات والحركات يتمثل في إتيان الجاني تلميحات غير لفظية تنم عن قصده وما يحمله من نوايا تجاه الضحية كالنظرات الفاحصة للجسد ‘ الابتسامات وتقديم حركات ذات إيماءات جنسية كتحريك الرأس لبيان الاعجاب بمحل النظر من الضحية أو الغمز بالعين ‘ والبصبصة للأعجاب عن طريق العينين‘ أو الحركات الجنسية باستعمال اليد كتحريك الجاني أصابعه بإشارات معينه يباغت بها الضحية أوو الجسد كلحس الشفتين””

عرض صور أو ملصقات جنسية علي الضحية لتحريك غريزتهُ الجنسية وتعمد الجاني أن يوصل له استعداده للفاحشة.

مطاردة الضحية في الطريق وتقديم له ورقة تحمل أسمة او رقم هاتفه او عنوانه أو القاء وردة عليها أثناء السير للتعبير عن إرادته في تواصل الضحية معهُ أو ارسال رسائل عن طريق التليفون بها عبارات الإغواء والأثارة أو ايقاف الجاني لسيارته بجانب الضحية اتركب معه بحجة إيصالها الي منزلها وبغرض مناف للحياء.

ثالثا: التحرش الجسدي: هو تعمد إيذاء الغير ومضايقتهم بواسطة العنف أو بالاتصال البدني ويكون بصدوره فعل يقوم به المتحرش يحمل دلالات جنسية سواء كانت صريحة أو كناية ويستوي أن يكون هذا الفعل بجسد المتحرش أو المتحرش به أو بواسطة أشياء أخري.

  • الملامسة الجسدية المتعمدة من الجاني : احيانا قد يصل الأمر الي ان تدفعه شهواته الي تتبع الضحية لتحقيق هدف في نفسه كالإمساك ببعض أجزاء جسده كتطويق ثدي الضحية أو احتضانها أو تقبيلها أو الامساك بيدها أو وضع يده علي العضو التناسلي لها أو قرصها في عجزها أو فخذها أو نزع حزر من ملابسها.
  • الاستعراض الجنسي: هي الصورة التي يحاول فيها الجاني إثارة الضحية بتعمد استعراض الاعضاء الجنسية علي جسده بالكشف عن أعضاءه التناسلية أو الاشارة اليها أو اكراه الضحية علي التعري.

رابعا : (بالمساومة) ويعرف ايضا بالمقايضة أو اعطاء شيء مقابل شيء أخر ويعد هذا المبدأ تمثيلا لاستغلال السلطة من اجل فرض هيمنه جنسية علي شخص أضعف أو أقل قوة ‘ ويكون مرتكباً من طرف الرئيس في العمل بترغيب أو اغراء للاستسلام الجنسي مقابل امتيازات كالترقية أو الحصول علي علاوة او الحفاظ علي منصب العمل وهو يعني انعدام سلوك جانبها لغير رغبتها فيه.

خامسا : التحرش بالتخويف :ويكون بالنفس الطلبات الجنسية السابقة ولكن ينعدم فيه الرضي المتبادل بين الجاني والمجني عليه فيلجأ إلي تخويفه بزوال مصلحة أو بتفويت فرصة علية أذا لم ينته عن امتناعه.

واخيرا تجدر الاشارة علي اخطاء جهات جمع الاستدلالات وتلقي بلاغات تلك الجرائم وعدم الحفاظ علي سريتها:

وافقت الحكومة علي مشروع قانون حماية سرية أقوال المجني عليها في تلك القضايا وتم أضافة مادة جديدة الي قانون الإجراءات الجنائية برقم 113مكرر وتنص “لقاضي التحقيق لظرف يقدره عدم أثبات بينات المجني عليه في من الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من قانون العقوبات أو في المادتين “306” مكرر (أ)و”306″مكرر (ب) أو في المادة “96” من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996.

فعلي كل من تتعرض لهذا النوع من التعدي أن لا تترد في الابلاغ دون الخوف او التغاضي حتي لا تتفاقم تلك الجريمة الا أخلاقية الي المساس بجمع كبير بسبب التفاوت والتهاون في التصدي والابلاغ حماية للقيم الاجتماعية والاسلامية للمجمع المصري والتصدي لكل انواع التحرش الواردة شرحا وصورا بهذا المقال.

زر الذهاب إلى الأعلى