التأصيل القانوني لعدول المحكمة عن قرارها واغفالها لبعض الطلبات
بقلم الأستاذ/ أشرف الزهوي
من المبادئ القانونية التي أرستها محكمة النقض، أن قرارات المحكمة في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة هي تحضيرية، لا تتولد عنها حقوق للخصوم توجب تنفيذها، ومن الأمثلة في الواقع العملي، عدول محكمة الجنايات في إحدى قضايا القتل العمد عن قرارها السابق بشأن استدعاء كبير أطباء الطب الشرعي، والأخذ بتقرير الطب الشرعي المرفق بالأوراق بعد مناقشة محرره من الأطباء الشرعيين، كذلك عدول المحكمة عن انتداب خبير الأصوات لتفريغ التسجيلات الهاتفية لا يوصم حكمها بالقصور.
أما الطلبات التي تلتزم بها المحكمة هي الطلبات الجازمة التي يصر عليها مقدمها، ولا ينفك عنها في طلباته الختامية، أما قرار المحكمة في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة هي تحضيرية لا تتولد عنها حقوق للخصوم توجب حتمية العمل على تنفيذه، ومن الأمثلة في هذا الشأن، أن للمحكمة المدنية أن تعدل عن قرار الشطب، وتقوم بتأجيل الدعوى لجلسة تالية لإعلان طرفي الخصومة بالمضي في نظر الدعوى.
ويقودنا هذا الموضوع إلى الحديث عن إغفال المحكمة لبعض طلبات الخصوم المرتبطة بالحكم الذي أصدرته، ومن الأمثلة في الواقع العملي، قيام المحكمة في دعوى فسخ مع التسليم لعين التداعي، بإصدار حكمها بفسخ العقد، ولم تتطرق بحيثيات الحكم أو في المنطوق لأعمال الأثر المترتب على الفسخ، وهو إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانوا عليها قبل التعاقد.
اضطر الصادر لصالحه الحكم من التقدم بطلب لإغفال الحكم لبعض الطلبات الموضوعية عملا بالمادة (١٩٣) من قانون المرافعات التي تنص على أنه، إذا اغفلت المحكمة الفصل في بعض الطلبات الموضوعية، جاز لصاحب الشأن أن يعلن خصمه بصحيفة للحضور أمامها لنظر هذا الطلب والحكم فيه، وبذلك يكون علاج الاغفال بالرجوع إلى ذات المحكمة لتستدرك ما فاتها الفصل فيه عن سهو أو غلط، دون أن يتقيد الطالب في ذلك بأي ميعاد من المواعيد المحددة في القانون للطعن في الحكم، إلا أن الطاعن يجب أن يراعي نص المادة (١٣٤) من قانون المرافعات بسقوط الخصومة بانقضاء سنة من آخر إجراء صحيح من إجراءات التقاضي فيها.