«النقض»: الدفع بعدم الاختصاص الولائي من النظام العام تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها

أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 6789 لسنة 63، أن الدفع بعدم الاختصاص الولائي من النظام العام تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها ويجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى.

وتابعت: «ومن أجل ذلك تعتبر مسألة الاختصاص الولائي قائمة في الخصومة ، ومطروحة دائما على محكمة الموضوع ، ويعتبر الحكم الصادر منها في الموضوع مشتملا على قضاء ضمني في مسألة الاختصاص الولائي، ولازم ذلك أن الطعن بالنقض في الحكم الذي تصدره يعتبر وارداً على قضائها الضمني في تلك المسألة».

الوقائع في هذه القضية تتحصل في أن المطعون ضده الأول – وهو محام – تقدم إلى مجلس نقابة المحامين الفرعية بالقاهرة بطلب لتقدير مبلغ خمسمائة ألف جنيه أتعاباً عن الدعاوى التي باشرها لصالح الطاعنة ، وبتاريخ 9/9/1992 قدرت نقابة المحامين مبلغ مائة ألف جنيه أتعاباً للمطعون ضده الأول . استأنفت الطاعنة ذلك القرار بالاستئناف رقم 8353 سنة ۱۰۹ ق القاهرة ، وبتاريخ 19/6/1993 قضت المحكمة بتعديل القرار المطعون فيه بتخفيض التقدير إلى مبلغ ثلاثون ألف جنيه . طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض , وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي عدم قبول الطعن لرفعه على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضده الثاني بصفته – وفيما عدا ذلك – قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقضه ، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة – في غرفة مشورة – حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

وحيث إنه عن الدفع المبدي من النيابة ، فإنه سديد ، ذلك إن مفاد نص المادة 253 من قانون المرافعات أنه يجوز لمحكمة النقض – كما هو الشأن بالنسبة للنيابة العامة والخصوم – إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن.

وكان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة– أنه يترتب على صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص غير ضريبي في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتباراً من اليوم التالى لنشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية ، وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ، ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاءً كاشفاً عن عيب لحق النص منذ نشأته مما ينفى صلاحيته لترتيب أى أثر من تاريخ نفاذ النص ولازم ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص فى القانون لا يجوز تطبيقه ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض، وهو دفع متعـــــــلق بالنظام العام تعمله المحكمة – من تلقاء نفسها .

لما كان ذلك ، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد أصدرت بتاريخ 5/6/1999 حكمها في القضية رقم 153 لسنة 19 ق – المنشور فى العدد رقم 24 من الجريدة الرسمية بتاريخ 17/6/1999 – بعدم دستورية الفقرتين الأولى والثانية عن المادة 84 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 فيما تضمنتاه من منح لجان تقدير أتعاب المحاماة بنقابات المحامين الفرعية سلطة الفصل فيما قد يقع من خلاف بين المحامي وموكله بشأن تحديد أتعابه في حالة عدم الاتفاق كتابة عليها وبسقوط فقرتها الثالثة والمادة 85 من القانون ذاته التي نظمت ميعاد وكيفية الطعن فيما تصدره تلك اللجان من قرارات ، مما مؤداه أن يصبح قرارها بتقدير الأتعاب صادراً من جهة لا ولاية لها .

ولما كان الدفع بعدم الاختصاص الولائي من النظام العام تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها ويجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى ، ومن أجل ذلك تعتبر مسألة الاختصاص الولائي قائمة في الخصومة ، ومطروحة دائماً على محكمة الموضوع ، ويعتبر الحكم الصادر منها في الموضوع مشتملاً على قضاء ضمني في مسألة الاختصاص الولائي ولازم ذلك أن الطعن بالنقض في الحكم الذى تصدره يعتبر وارداً على قضائها الضمني في تلك المسألة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بما قضى به ضمناً من اختصاص لجنة تقدير أتعاب المحامين بنقابة المحامين الفرعية بالقاهرة بالفصل في الخلاف بشأن أتعاب المحاماة بين طرفي النزاع ورتب على ذلك قضاءه بتأييد مقدار هذه الأتعاب ، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن ، ولما كان نقض الحكم لمخالفة قواعد الاختصاص يترتب عليه – طبقاً للمادة 271/1 مرافعات – إلغاء جميع الأحكام اللاحقة له باعتبار أن ذلك الحكم أساساً لها ، فإنه يتعين الحكم في موضوع الاستئناف رقم 8353 لسنة ۱۰۹ ق القاهرة بانعدام القرار المستأنف لصدوره من جهة لا ولاية لها.

وحيث إن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن خاسر الدعوى الذي يلزم بمصاريفها هو من رفعها أو دفعها بغير وجه حق وهو ما لا ينطبق على أي من طرفي النزاع ، ومن ثم فإن المحكمة ترى تقسيم مصروفات الطعن بالنقض والمصروفات الاستئنافية بين الطرفين وتأمر بالمقاصة في مقابل أتعاب المحاماة .

لـــــذلك

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه ، وحكمت في موضوع الاستئناف رقم 8353 لسنة 109 ق القاهرة بانعدام القرار المطعون فيه وبعدم اختصاص لجنة نقابة المحامين ولائياً بنظر الطلب ، وبتقسيم مصروفات الطعنين بالنقض والاستئناف بين طرفي النزاع ، وأمرت بالمقاصة في مقابل أتعاب المحاماة .

أمين السر نائب رئيس المحكمة

 

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى