الإعفاء من العقوبة

 

بقلم: أ. محمود أحمد راغب

ليست جريمة الرشوة وحدها التي يتم إعفاء الوسيط والراشي من عقوبة فيها، فقد حدد القانون عدة حالات يمكن للمتهمين استغلالهم في الحصول على البراءة من الجرائم التي يتورطوا بها كما وضع المشرع عدة شروط لتطبيق الإعفاء من العقوبة ونسرد في هذا القانون المعلومة القانونية عن هذه الحالات وأهم الجرائم التي يتم فيها إعفاء المتهمين.

بدءا من المادة رقم 60 الحالات التي لا توقع فيها عقوبة على متهمين ارتكبوا وقائع وأحداث مجرمة قانونا تضمنت 5 حالات يمنع تطبيق العقوبة إذا تحققت إحداها.

ونص القانون على أنه لا تسري أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملا بحق مقرر بمقتضى الشريعة ولا عقاب على من ارتكب جريمة ألجأته إلى ارتكابها ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم على النفس على وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله ولا في قدرته منعه بطريقة أخرى.

ونص القانون على أن “لا يسأل جنائياً الشخص الذي يعاني وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسي أو عقلي أفقده الإدراك أو الاختيار أو الذي يعاني من غيبوبة ناشئة عن عقاقير مخدرة أياً كان نوعها إذا أخذها قهراً عنه أو على غير علم منه بها ويظل مسؤولاً جنائياً الشخص الذي يعاني وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسي أو عقلي أدى إلى إنقاص إدراكه أو اختياره وتأخذ المحكمة في اعتبارها هذا الظرف عند تحديد مدة العقوبة”.

كما أنه لا جريمة إذا وقع الفعل من موظف عام إذا ارتكب الفعل تنفيذا لأمر صادر إليه من رئيس وجبت عليه إطاعته أو اعتقد أنها واجبة عليه وإذا حسنت نيته وارتكب فعلا تنفيذا لما أمرت به القوانين أو ما اعتقد أن إجراءه من اختصاصه ويجب على الموظف أن يثبت أنه لم يرتكب الفعل إلا بعد التثبت والتحري وأنه كان يعتقد مشروعيته وأن اعتقاده كان مبنيا على أسباب معقولة.

وتنص الفقرة الأخيرة من المادة 48 من قانون العقوبات المصري على أنه يعفي من العقوبات المقررة في هذه المادة كل من بادر من الجناة بإخبار الحكومة بوجود اتفاق جنائي وبمن اشتركوا فيه قبل وقوع أية جناية أو جنحة وقبل بحث وتفتيش الحكومة عن أولئك الجناة فإذا حصل الإخبار بعد البحث والتفتيش تعين أن يوصل الإخبار فعلاً إلى ضبط الجناة الآخرين.

المادة 18 مكرراً “ب” من قانون العقوبات والمضافة بالقانون رقم 63 لسنة 1975 نصت على أنه: ”يعفى من العقوبات المقررة للجرائم المنصوص عليها في هذا الباب كل من بادر من الشركاء في الجريمة من غير المحرضين على ارتكابها بإبلاغ السلطات القضائية أو الإدارية بالجريمة بعد تمامها وقبل اكتشافها. ويجوز الإعفاء من العقوبات المذكورة إذا حصل الإبلاغ بعد اكتشاف الجريمة وقبل صدور الحكم النهائي فيها .

ولا يجوز إعفاء المبلغ بالجريمة من العقوبة طبقا للفقرتين السابقتين في الجرائم المنصوص عليها في المواد 112 ، 113، 13 مكرراً إذا لم يؤدى الإبلاغ إلى رد المال موضوع الجريمة . ويجوز أن يعفى من العقاب كل من أخفى مالا متحصلا من أحدى الجرائم المنصوص عليها في هدا الباب إذ أبلغ عنها وأدى ذلك إلى اكتشافها ورد كل أو بعض المال المتحصل منها .

ومفاد هذا النص في صريح لفظة أن الشارع الإعفاء الوارد في الفقرة الأولى منه على الشركاء في الجريمة – باستثناء المحرضين منهم – ولم ينشأ أن يمده إلى الفاعلين وذلك لحكمة تبغاها هي تشجيع الكشف عن جرائم الموظفين العموميين ومن حكمهم في هذا الخصوص وهو ما أكدته المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون رقم 63 لسنة 75 المشار إليه بقولها : لما كانت جرائم الاختلاس والإضرار والعدوان على المال العام تقترف في العادة خفية ، وقد لا يفطن إليها أولو الأمر إلا بعد أن ينقضي على ارتكابها زمن يطول أو يقصر، فقد رأى لإماطة اللثام عنها وعن جناتها أن توضع المادة 18 مكرراً “ب” كي يعفى من العقوبة من يبادر منهم بإبلاغ السلطات الإدارية أو القضائية بالجريمة، إذا كان من غير فاعليها أو المحرضين على ارتكابها وجاء الإبلاغ بعد تمام الجريمة وإنما بشرط أن يسبق صدور الحكم النهائي فيها”.

” من المقرر أنه لا إعفاء من العقوبة بغير نص، وكانت النصوص المتعلقة بالإعفاء تفسير على سبيل الحصر فلا يصح التوسع في تفسيرها بطريق القياس ولا كذلك أسباب الإباحة التي ترتد كلها إلى مبدأ جامع هو ممارسة الحق أو القيام بالواجب، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إدانة الطاعن بوصفه مختلسا للمال محل الجريمة والمملوك للشركة التي يعمل بها وهى إحدى شركات القطاع العام ورد على ما أثاره من تمتعه بالإعفاء المنصوص عليه في المادة 18 مكرراً “ب” من قانون العقوبات بقوله :” أما بخصوص الإعفاء من العقوبة الذى يطالب به الدفاع عن هذا المتهم فهو في غير محله ذلك أن الإعفاء المنصوص عليه في المادة 118 مكرراً “ب” عقوبات لا يسرى في حقه إذ لا يتمتع به لا الفاعل الأصلي للجريمة ولا الشريك المحرض في جريمة المادة 112 عقوبات ولما كان الثابت من الأوراق والتحقيقات أن المتهم الأول هو الفاعل الأصلي لهذه الجريمة فمن ثم فإنه لا يجديه الاحتجاج بالمادة 118 مكرراً “ب” من قانون العقوبات ذلك أن الذى يستفيد قانوناً من الإعفاء المنصوص عليه فيها هو الشريك بالاتفاق أو المساعدة فقط “، وهو رد سائغ يتفق مع صريح نص المادة 118 مكرراً “ب” من قانون العقوبات التي تمسك الطاعن بحكمها “.

(الطعن رقم 16466 لسنة 60 جلسة 1992/01/15 س 43 ع 1 ص 130 ق 10)

تنص الفقرة الأولى من المادة 84 من قانون العقوبات على أنه يعفى (إعفاء وجوبي) من العقوبات المقررة للجرائم المشار إليها في هذا الباب كل من كان البادئ بإبلاغ السلطات الإدارية أو القضائية قبل البدء في تنفيذ الجريمة وقبل البدء في التحقيق ويجوز للمحكمة (إعفاء جوازي) الإعفاء من العقوبات المشار إليها إذا حصل البلاغ بعد تمام الجريمة وقبل البدء في التحقيق ويجوز لها ذلك إذا مكن الجاني في التحقيق السلطات من القبض على مرتكبي الجريمة الآخرين أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها في النوع والخطوة كما هو الحال في الجنايات والجنح المضرة بأمن الدولة من الخارج.

زر الذهاب إلى الأعلى