«الإدارية العليا» تنصف طبيباً أقيل لاعتراض أعضاء في إحدى منظمات المجتمع المدني والحركات السياسية عليه.. وتؤكد: محظور عليهم التدخل في شئون الوظيفة العامة | تفاصيل
كتب: أشرف زهران
قضت المحكمة الإدارية العليا 2021، بإجماع الاَراء، برفض الطعن المقام من محافظ كفر الشيخ ووكيل وزارة الصحة بكفر الشيخ، ضد الطبيب «أ.ض.م»، وتأييد الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة، بعد قيام ثورة 30 يونيه 2013 بخمسة أشهر، والذى انتصف للطبيب بوقف تنفيذ قرار السيدة الدكتورة وكيل وزارة الصحة بكفر الشيخ، فيما تضمنه من تكليف الطبيب «ا.ق.م»، مديراً عاماً للإدارة الصحية بسيدي سالم.
وشمل حكم المحكمة ما يترتب على ذلك من أثار أخصها تعيين المدعي الطبيب «أ.ض.م»، مديراً لتلك الإدارة، إعمالاً لما انتهت إليه اللجنة المشكلة لاختيار القيادات بالمديرية في الإعلان الذي تم فى منتصف أغسطس 2013، ودون الاعتداد باعتراض بعض منظمات المجتمع المدني وبعض الحركات السياسية ونقابة الفلاحين ودون الاعتداد بإقالته الحاصلة بعد 4 ساعات فقط من توليه منصبه مديرا للإدارة الصحية استجابة للمنظمات والحركات السياسية، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وقالت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة إن تضارب المصالح بين الأفراد خاصة مع زيادة الحاجيات وقلة الموارد قد أحدث نوعاً من الخصام بين الناس وهو ما يؤدى إلى خلل فى السلام والأمن الاجتماعى مما لا يستطيع معه بعض الأفراد ممارسة حقوقهم ومن هنا يأتى دور منظمات المجتمع المدنى والحركات السياسية لتوعية المجتمع بحقوقه لتمكين المواطنين من المشاركة والانخراط فى تحسين مستوى المواطنين من النواحى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية باعتبارهم شركاء فى عملية التنمية على نحو أضحى معه الحق فى التنمية من حقوق الإنسان منذ إعلان الأمم المتحدة الصادر بقرار الجمعية العامة 128/41 فى 1 ديسمبر 1986 باعتبار أن التنمية عملية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية شاملة تستهدف التحسين المستمر لرفاهية السكان بأسرهم والأفراد جميعهم على أساس مشاركتهم، النشطة والحرة والهادفة، في التنمية وفى التوزيع العادل للفوائد الناجمة عنها.
وأضافت المحكمة أن الإنسان هو الموضع الرئيسى للتنمية وهذا الدور لمنظمات المجتمع المدنى والحركات السياسية يؤدى إلى وعى رأى عام مستنير ليكون الضمان الفعال لحقوق الإنسان لحمل الحكومات على احترام الحريات وهو مايؤدى إلى التلاحم بين الشعب والقيادة فى المشاركة الإيجابية فى تحقيق التقدم والرخاء ، إلا أنه إذا كان الأمر كذلك فإن دور منظمات المجتمع المدنى والحركات السياسية يقف فى كل الأحوال على أعتاب مراعاة حدود القانون وعدم التغول عليه أو الانتقاص منه , مما لا يجوز معه على منظمات المجتمع المدنى أو الحركات السياسية التدخل فى شئون الدولة أو الوظيفة العامة أو التأثير على سير المرافق العامة على وجه معين أو النيل من انتظامها باضطراد أو الوساطة فى تعيين البعض دون الأخر فحينئذ تكون قد خرجت على نطاقها المرسوم لها وافتأتت على حقوق الآخرين وتغولت على ممارسة سلطات الدولة لاختصاصاتها الدستورية والقانونية وهو غير معقول أو مقبول ولا يجوز .
وذكرت المحكمة أن الدولة القانونية هى تلك التى تخضع فيها نشاط الإدارة إلى أحكام القانون بحيث لا تتصرف فيها الإدارة بطريقة استبدادية باعتبار أن المرافق العامة ترمى إلى سد احتياجات تتصل بنفع عام مثل مرفق الصحة مما يتوجب فيه على المسئولين خاصة القيادات العليا اتباع القواعد والنظم التى يقررها لشغل الوظائف بما يؤدى الى سير المرافق العامة بانتظام واضطراد ، كما يلزم توافر مبدأ خضوع الإدارة للقانون بحيث تكون له الغلبة والسيادة ، وفيه تخضع أعمال الإدارة لنصوص القانون وهذا الخضوع يعد ضماناً للمواطنين ضد تعسف السلطة الإدارية ، وأن وجود مثل هذا الضمان فى كل دولة أمر تحتمه الأوضاع السليمة فى النظم الديمقراطية الحديثة .
وأشارت المحكمة إلى أن الدكتورة وكيل وزارة الصحة بمحافظة كفر الشيخ قد أجرت إعلانا لشغل وظيفة مدير الإدارة الصحية بسيدى سالم بعد قيام ثورة 30 يونيه 2013 بناء على كتاب وزارة الصحة الإدارة العامة للرعاية الأولية وعلى أثره تقدم المدعى والعديد من المتقدمين، وأسفرت عملية التقييم التى أجرتها اللجنة المشكلة لاختيار القيادات بمديرية الشئون الصحية بالمحافظة عن اختيار المدعى كأفضل العناصر المرشحة وتوج ذلك بقرار وكيل وزارة الصحة رقم (44) لسنة 2013 فى 13 أغسطس 2013 بعد قيام ثورة 30 يونيه 2013 بتكليفه بتلك الوظيفة وبعد ساعات قليلة وقبل انقضاء يوم واحد على صدور ذلك القرار الذى تم طبقا للمراحل القانونية السليمة أصدرت الدكتورة وكيل وزارة الصحة القرار المطعون فيه رقم (45) لسنة 2013 فى 14 أغسطس 2013 وأوردت فى ديباجته وأفصحت عن سبب إصداره بأنه استنادا إلى الفاكس الوارد اليها من مجلس مدينة سيدى سالم وقوامه اعتراض أعضاء فى إحدى منظمات المجتمع المدنى وإحدى الحركات السياسية حركة تمرد على تعيين المدعى ، على الرغم من أن تعيينه قد تم بترشيح من اللجنة المشكلة لاختيار القيادات وهى التى أناط بها القانون إجراء معايير المفاضلة بين المتقدم وانتقاء أفضلهم للوظيفة القيادية .
وأوضحت المحكمة أنه كان يتعين على وكيلة وزارة الصحة وهى على قمة مرفق الصحة بالمحافظة ولها من الخبرة والدراية ألا تنصاع لتدخل أعضاء منظمات المجتمع المدنى وبعض الحركات السياسية على نحو ما جاء بالقرار الطعين فى شئون الوظيفة العامة وإنما كان عليها أن تصدع لأحكام القانون ، بحسبان أنه لا يجوز لمنظمات المجتمع المدنى أو الحركات السياسية التدخل فى تسيير المرافق العامة أو شئون الوظيفة العامة فى مصر فهى ليست علاقة تعاقدية حتى يمكن التدخل فيها بل هى علاقة تنظيمية تخضع للقوانين واللوائح ، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه لم يراع المصلحة العامة التى توجبها أحكام القانون وجاء ماساً بالمركز القانونى الذى نشأ للمدعى صحيحاً بناءً على التقييم الذى أجرته المشكلة لاختيار القيادات وهى صاحبة الاختصاص فى التقييم والذى توج بالقرار رقم 44 لسنة 2013 والذى لم يمض عليه يوماً واحداً حتى أصدرت وكيل الوزارة قرارها الطعين بإهدار التقييم استجابة لإعتراض أعضاء فى منظمات المجتمع المدنى والحركات السياسية وذلك ليس من القانون فى شىء مما يؤكد أن القرار المطعون فيه لم يستهدف المصلحة العامة بل جاء مشوباً بعيب الانحرف بالسلطة.