«النقض» توضح شرط الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة
أكدت محكمة النقض في أثناء نظره الطعن رقم 11454 لسنة 84 ق بجلسة 20 يناير 2016، أن قاعدة عدم جواز الإثبات بالبينة في الأحوال التي يجب فيها الإثبات بالكتابة – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – ليست من النظام العام، فعلى من يريد التمسك بالدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة أن يتقدم بذلك إلى محكمة الموضوع قبل البدء في سماع الشهود.
وأضافت:” إذا سكت عن ذلك عد سكوته تنازلا منه عن حقه في الإثبات بالطريق الذي رسمه القانون، وأن للخصم رغم سكوت الحكم عن الإذن له أن ينفي ما أذن لخصمه بإثباته أن يطلب إلى المحكمة سماع شهوده في هذا الخصوص، وأن الشهادة السماعية جائزة حيث تجوز الشهادة الأصلية وتخضع مثلها لتقدير قاضي الموضوع”.
وتابعت: “أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الواقعة المطلوب إثباتها بجميع تفاصيلها، بل يكفي أن يكون من شأنها أن تؤدي إلى الحقيقة فيها ولا يلتزم الخصم في سبيل إثبات دعواه بالبينة أن يلجأ إلى شهود العقد محل النزاع لإثبات صحة ما يدعيه”.
الوقائع
وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت على الشركة الطاعنة الدعوى رقم … لسنة 5ق اقتصادية القاهرة الدائرة الاستئنافية بطلب الحكم بمنع عرض وتوزيع مسلسل …… في القنوات الفضائية والأرضية وإلزام الطاعنة بتقديم أصل العقد المبرم بينهما وبأداء باقي مستحقاتها ومبلغ مائة ألف جنيه تعويضا عما لحقها من أضرار مادية وأدبية، وقالت بيانا لذلك إنه في غضون شهر يناير سنة 2012 تعاقدت الشركة الطاعنة معها على بطولة المسلسل سالف الذكر لقاء أجر مقداره مليون جنيه، وإذ امتنعت دون حق عن صرف باقي أجرها رغم تكليفها بالوفاء، فأقامت الدعوى.
بتاريخ 15 من أبريل سنة 2014 قضت المحكمة بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدها مبلغ أربعمائة ألف جنيه ومبلغ عشرين ألف جنيه تعويضا ماديا وعشرة آلاف جنيه تعويضا أدبيا، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي أصليا بنقض الحكم المطعون فيه لعدم اختصاص المحكمة الاقتصادية نوعيا بنظر الدعوى واحتياطيا رفض الطعن، وإذ عرض الطعن على دائرة فحص الطعون لهذه المحكمة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
—————
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر ورأي دائرة فحص الطعون الاقتصادية، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من النيابة العامة بعدم اختصاص المحكمة الاقتصادية نوعيا بنظر الدعوى تأسيسا على أن النزاع اقتصر على مطالبة المطعون ضدها بمستحقاتها المالية لدى الشركة الطاعنة فهو في غير محله، ذلك بأن من ضمن طلبات المطعون ضدها الموضوعية منع عرض وتوزيع وتداول المسلسل محل النزاع وهو طلب يستدعي الفصل فيه تطبيق قانون حماية حقوق الملكية الفكرية وينعقد الاختصاص بنظره للمحكمة الاقتصادية طبقا لنص المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 2008 بشأن إصدار قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية، ومن ثم يضحى الدفع غير مقبول.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، حاصل النعي بهما على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وشابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن العمل الفني موضوع النزاع غير تجاري وقيمته تجاوز النصاب القانوني للإثبات بالبينة ولا يجوز إثباته إلا بالكتابة، بيد أن محكمة الموضوع أحالت الدعوى إلى التحقيق للإثبات بشهادة الشهود.
وأناطت بالمطعون ضدها حق الإثبات ولم تعطها حق النفي ثم اتخذت من نتيجة التحقيق أساسا لقضائها حال أن أقوال شاهدي المطعون ضدها سماعية منقولة عنها فلم يطلع أي منهما على العقد وما تضمنه من التزامات وأن أحد شاهديها شهد بأنها لم تنجز كامل العمل الفني المتفق عليه، وإذ لم تعزز تلك الشهادة بثمة دليل آخر وجاءت متناقضة وخلت الأوراق من العقد سند الدعوى، فإن الحكم إذ قضى لها- رغم ذلك- بكامل مستحقاتها مع التعويض يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأن قاعدة عدم جواز الإثبات بالبينة في الأحوال التي يجب فيها الإثبات بالكتابة- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- ليست من النظام العام، فعلى من يريد التمسك بالدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة أن يتقدم بذلك إلى محكمة الموضوع قبل البدء في سماع الشهود.
فإذا سكت عن ذلك عد سكوته تنازلا منه عن حقه في الإثبات بالطريق الذي رسمه القانون، وأن للخصم رغم سكوت الحكم عن الإذن له أن ينفي ما أذن لخصمه بإثباته أن يطلب إلى المحكمة سماع شهوده في هذا الخصوص، وأن الشهادة السماعية جائزة حيث تجوز الشهادة الأصلية وتخضع مثلها لتقدير قاضي الموضوع، وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الواقعة المطلوب إثباتها بجميع تفاصيلها، بل يكفي أن يكون من شأنها أن تؤدي إلى الحقيقة فيها ولا يلتزم الخصم في سبيل إثبات دعواه بالبينة أن يلجأ إلى شهود العقد محل النزاع لإثبات صحة ما يدعيه.
ومن المقرر أيضا أن فهم الواقع في الدعوى وتقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها هو مما تستقل به محكمة الموضوع ولا سلطان لأحد عليها في ذلك إلا أن تخرج بتلك الأقوال إلى غير ما تؤدي إليه مدلولها. لما كان ذلك، وكان الواقع أن محكمة الموضوع حكمت بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون ضدها دعواها بشهادة الشهود، وكانت الطاعنة لم تبد اعتراضا على هذا الحكم لدى تنفيذه بل البين من محضر التحقيق- المودعة صورته الرسمية رفق صحيفة الطعن- أن الشركة الطاعنة حضرت في بدء جلسة التحقيق في شخص وكيلها وطلبت أجلا لإحضار الشهود وبعد سماع شاهدي المطعون ضدها طلبت الطاعنة إعادة الدعوى للمرافعة فإن ذلك يعد تنازلا منها عن الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة وعن حقها في نفي ما ثبت بشهادة شاهدي المطعون ضدها ولا على الحكم المطعون فيه إن اتخذ من التحقيق الذي أجرته المحكمة عمادا لقضائه بالمبالغ المقضي بها وما استخلصه منها من أن المطعون ضدها اتفقت مع الشركة الطاعنة على المشاركة في العمل الفني ……… على جزأين مقابل مبلغ مليون جنيه.
وأنها أنجزت الجزء الأول منه ولم تتقاض مقابله من الشركة الطاعنة سوى مبلغ مائة ألف جنيه وتبقى لها مبلغ أربعمائة ألف جنيه وأنها قد لحقت بها أضرار جراء إخلال الشركة الطاعنة بالتزامها بسداد باقي مستحقاتها في حينه وقد بين الحكم في مدوناته عناصر الضرر وقدر في حدود سلطته التقديرية التعويض الجابر له فإن النعي عليه يضحى غير مقبول.
ولما تقدم، يتعين رفض الطعن.