الأصل في الإنسان البراءة
بقلم / موسي محمد حمدي
ان افتراض براءة الشخص سواء كان موضع اشتباه أو اتهام هو إحدى الضمانات التي يستند إليها مفهوم المحاكمة العادلة وهو مبدأ الأصل في الإنسان البراءة الذي يقتضي أن براءة الشخص مفترضة وأصل ثابت فيه فهي تفرض معاملة الشخص على هذا الأساس عبر مختلف مراحل الدعوى وفي كل ما يتخذ من إجراءات ويستوي في ذلك أن يكون الشخص محل اشتباه أو اتهام إلى أن يصدر حكم نهائي يقضي بعكس ذلك.
ويعد هذا المبدا قاعدة أصولية في الشريعة السلامية حيث نجد أن هذا المبدأ مستمد من قوله تعالى:” يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين “سورة الحجرات الآية رقم 06، وقوله عز وجل:«يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم» سورة الحجرات الآية 12
و لحديث النبي صلي الله علية وسلم ” ادرؤو الحدود بالشبهات ما استطعتم فان وجدتم للمسلم مخرجا فاخلو سبيلو فإن الامام لأن يخطيء في العفو خير من أن يخطيء في العقوبة “.
وتعني قرينة البراءة الأصلية أن الأصل في المتهم أنه بريء حتى يقوم الدليل على إدانته ويترتب على هذه القرينة عدة نتائج أهمها فيما يتعلق بالإثبات الأولى وقوع عبء الإثبات على عاتق النيابة العامة، والثانية تفسير الشك لمصلحة المتهم وإن كان هذا التعريف قد جاء بأهم النتائج التي تترتب على إعمال مبدأ الأصل في الإنسان البراءة في مجال الإثبات الجنائي، إلا أنه علقها على شخص المتهم في حين أن هذا المبدأ ينصرف لجميع الأشخاص سواء كانوا متهمين أو مشتبها بهم، كما قال أنها تعني أن الأصل في المتهم أنه بريء حتى يقوم الدليل على إدانته، ولكن الحقيقة أن الأصل في الإنسان البراءة يبقى قائما، ولا يسقط بمجرد قيام الدليل على الإدانة وإنما بصدورحكم نهائي حائز لقوة الشيء المقضي فيه يقضي بالإدانة صادر عن جهة قضائية مختصة، عندها فقط تسقط هذه البراءة
إلقاء عبء الإثبات على سلطة الاتهام
إن النتيجة الرئيسية التي لها أثر مباشر على مسألة عبء الإثبات الجنائي هي إعفاء الشخص المتهم جنائيا من تحمل عبء إثبات براءته التي هي مفترضة اصلاً بل يقع على عاتق سلطة الاتهام عبء إثبات عكسها على أساس أنها تدعي خلاف الأصل، فإذا لم تتمكن سلطة الاتهام من إثبات الإدانة فلا يطالب المتهم بإثبات براءته بل يحكم بالبراءة.
تفسير الشك لمصلحة المتهم.
حيث إنه في حال إذا كانت الأدلة المقدمة من قبل النيابة العامة غير كافية لإقناع القاضي للحكم بالإدانة أو تسرب إليها الشك كان من غير الممكن الحكم بإدانة المتهم بل لا بد من الحكم ببراءته، تطبيقا لمبدأ الأصل في الإنسان البراءة.
الأحكام تبني على الجزم و اليقين لا الظن و التخمين
إن مبدأ الأصل في الإنسان البراءة، يحظر على القاضي أن يبني حكمه على دليل غير مشروع، أو مستمد من إجراء باطل، لم تحترم فيه الضانات المقررة للفرد والقواعد القانونية التي تنظمه، وهذا لأن البراءة أصل ثابت يقينا واليقين لا يزول إلا بيقين مثله ومن ثم فالإدانة الصحيحة لا تبنى إلا على دليل صحيح تم الحصول عليه باتباع إجراءات مشروعة، استنادا إلى مبدأ مشروعية وسيلة الإثبات أو مشروعية الدليل الجنائي، إذ يجب على القاضي ألا يلجأ إلى طرق الإثبات التي تنطوي على إهدار لحقوق الأفراد وضمانات حرياتهم دون موجب من القانون، فعليه مثلا ألا يلجأ إلى تعذيب المتهم لإثبات الجريمة، أو إلى استجواب مطول لحمله على الاعتراف، أو إلى طرق احتيالية أخرى للحصول على أدلة الاتهام.