الأحكام المتضاربة في وصفها «قايمة العفش» أجبرت «النقض» على التدخل للفصل فيها.. و«المشرع» فرق بين اعتبار قائمة المنقولات الزوجية عقد وديعة وعارية استعمال
كتب: عبدالعال فتحي
تعج ساحات القضاء المصري بمختلف درجاته بقضايا قائمة المنقولات الزوجية، إذ جرى العرف على قيام الزوج قبل الزفاف بالتوقيع على قائمة جهاز لصالح الزوجة بأن يقر باستلامه منقولات الزوجية ويتعهد بحفظها وردها عند الطلب، وبمجرد ما ينشأ نزاع بين الزوجين يقف الزوج أمام محكمة الجنح بتهمة أنه بدد منقولات الزوجية الواردة فى القائمة، الأمر الذى يقع معه العديد من المشكلات والأزمات بين الأسر.
الأزمة بين الزوجين
وفى تلك الأثناء – ينكر الزوج حصول التبديد ويدعي وجود المنقولات بل يقوم بعرضها على الزوجة عرضا قانونيا إلا أن الأخيرة ترفض الاستلام بحجة أن المنقولات المعروضة ليست هي ذاتها المنقولات محل القائمة، وتستشهد على ذلك بأن المنقولات المعروضة قديمة ومتهالكة أو منقوصة، وعندئذ تبدأ الأزمة وتقام الدعاوى القضائية في المحاكم بغرض فض ذلك النزاع القائم، وتحتار المحاكم في التصرف، وأغلب المحاكم تأخذ بالأحواط فتقضي بإيقاف تنفيذ العقوبة.
تكييف قائمة جهاز الزوجية
تُعد قائمة منقولات الزوجية بالنسبة لخبراء قانون الأحوال الشخصية إقرار صادر من الزوج إلي الزوجة في ورقة مذيلة بتوقيع الزوج بأنه استلم منقولات الزوجية – قائمة أعيان – الواردة في القائمة وأن استلامه لتلك المنقولات هى على سبيل عارية الاستعمال – بحسب أستاذ القانون الجنائي والمحامي بالنقض ياسر فاروق الأمير.
التشابه بين القائمة وإيصال الأمانة
في الحقيقة ، بالرغم من أن قانون العقوبات لم يتضمن نصا صريحا في نصوصه علي كتابة “قائمة المنقولات الزوجية” إلا أنها مجرمة وفقا لنص المادة 341 من قانون العقوبات والذي جاءت على سبيل الحصر وليس على سبيل المثال ومنها عارية الاستعمال، فقائمة المنقولات الزوجية تُعد بالنسبة للكثيرين من القيود التي ترد علي سبيل عارية الاستعمال فمثلها مثل إيصال الأمانة في تجريمه بمعني أنه فى حال تحرير قائمة منقولات الزوجية فإنها تتساوى مع إيصال الأمانة فى مادة التجريم، وأن الزوج يكون ملزما بردها كاملة عينًا بحالتها أو برد قيمتها نقدًا متى طٌلبت منه وتكون عقوبة تبديد الأمانة هي الحبس من 24 ساعة وحتى السجن لمدة 3 سنوات.
اعتبار القائمة وديعة
والواقع أن الفصل في مسألة تكييف قائمة جهاز الزوجية ما بين الوديعة وعارية الاستعمال وأثر ذلك على رد أعيان الجهاز، يتطلب بداءة تحديد طبيعة قائمة منقولات الزوجية وهل هي عقد وديعة أم عارية استعمال وهي مسألة بدورها اختلفت فيها أحكام القضاء، إذ لو اعتبرنا جهاز الزوجية وديعة كان على الزوج حفظه ورده بالحالة التي تسلمه عليها وكان امتناع الزوجة عن الاستلام لكون اعيان الجهاز متهالك له ما يبرره ولا يخلي مسؤولية الزوج إذ من صور التبديد الاستعمال الضار بالمالك.
اعتبار القائمة عارية استعمال
أما إذا تم تكييف قائمة جهاز الزوجية على أنه عارية استعمال فإن امتناع الزوجة يكون غير مبرر وتنتفى مسؤولية الزوج، وذلك لأن عقد عارية الاستعمال يفترض استعمال المستلم المال في الغرض المعار اليه وهو الحياة الزوجية المشتركة ومن ثم كان تلف بعض الأعيان وقدمها.
الفرق بين الوديعة والعارية كما يقرر فقهاء القانون المدني أن المودع لديه في عقد الوديعة يتسلم الشيء ليحفظه دون ما استعماله، فالغرض الأساسي في عقد الوديعة هو الحفاظ على الشيء المودع، أما في عقد العارية فالمستعير يتسلم الشيء المستعار لينتفع به، حيث يتمثل الغرض الأساسي هنا هو استعمال الشيء لا حفظه، ولقد ذهبت بعض أحكام القضاء إلي اعتبار قائمة جهاز الزوجية عقد وديعة، وذلك طبقا للطعن رقم 29179 لسنة 3 جلسة 2013/04/22.
تطبيقات محكمة النقض والتصدى للأزمة
بينما ذهبت أحكام أخرى إلى اعتبار قائمة جهاز الزوجية عقد عارية استعمال كما ورد فى الطعن رقم 24919 لسنة 64 جلسة 2001/01/31، والقضاء الأخير هو الصحيح إذ منقولات الزوجية لا يتسلمها الزوج لحفظها وإنما لاستعمالها في الحياة الزوجية فهي إذن عارية وليس وديعه، وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض بأنه لما كانت المادة 639 من القانون المدني قد نصت على أنه:«ليس للمستعير أن يستعمل الشيء المعار إلا على الوجه المعين وبالقدر المحدد، وذلك طبقا لما بينه العقد أو تقبله طبيعة الشيء أو يعينه العرف ولا يجوز له دون إذن المعير أن ينزل عن الاستعمال للغير ولو على سبيل التبرع ولا يكون مسئولا عما يلحق الشيء من تغيير أو تلف بسبب الاستعمال الذي تبيحه العارية ».
بما مفاده أن للمستعير استعمال الشيء المعار على الوجه المعين فى عقد العارية أو تقبله طبيعة الشيء أو يعينه العرف ولا يكون مسئولا عما يلحق الشيء من تغيير أو تلف بسبب الاستعمال الذي تبيحه العارية وإذ كان الحكم المطعون فيه في مقام الرد على دفاع الطاعن المار بيانه – بانتفاء القصد الجنائي لديه وفى شأن عرض المنقولات على المجني عليها – قد اشترط أن يرد المستعير «الطاعن» الشيء المعار بالحالة التي كان عليها وقت انعقاد العارية، فإنه يكون قد خالف القانون هذا إلى أنه لم يستظهر ما إذا كانت المنقولات المعروضة من الطاعن هي ذات المنقولات التي قد استلمها بموجب عقد العارية أم لا، كما لم يستظهر القصد الجنائي لدى الطاعن وهو ركن أساسي في الجريمة التي دانه بها، فإنه يكون مشوبا – فوق مخالفته للقانون – بالقصور في التسبيب، وذلك طبقا للطعن رقم 14961 لسنة 64 جلسة 1999/03/07.