اكتساب أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة صفة التاجر من عدمه طبقًا للقانون
بقلم د . وليد محمد وهبه أستاذ القانون التجاري بكلية الحقوق الجامعة العربية المفتوحة
استكمالًا لما سبق وأن نشرناه من مقالة عن شرط الاحتراف لاكتساب صفة التاجر، وعن النظام القانوني للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، يتبقى لنا تحديد صفة القائمة بهذه المشروعات، حتى يتحدد النظام القانوني المتبع بشأن معاملاته التجارية، فإننا في هذا المقال سوف نعرض لنوع خاص من الحرف التي يزاولها أصحابها بصورة محترفة ومستمرة ولكنهم لا يكتسبو صفة التاجر وهم أصحاب الحرف الصغيرة.
فلقد استبعد المشرع في قانون التجارة الجديد أرباب الحرف الصغيرة من اكتساب صفة التاجر، حيث قام بتعريف أصحاب الحرف الصغيرة بأنهم : كل من يزاول حرفة ذات نفقات زهيدة للحصول على مقدار من الدخل يؤمن معاشه اليومي.
وستبعد القانون التجاري رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ أرباب الحرف الصغيرة من نظام القانون التجاري، وبالتالي لا يكتسب صفة التاجر، ونصت المادة ١٦/١ من القانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ على أنه لا تسري أحكام القانون التجاري على أرباب الحرف الصغيرة؛ والسبب في ذلك أن أصحاب هذه الحرف يعتمدون على مهاراتهم الخاصة وقدراتهم الذاتية في ممارسة هذه الأعمال، وهي مشروعات صغيرة ذات نفقات زهيدة مثل النجار والحداد والنقاش وأصحاب الورش الصغيرة مثل الميكانيكا والبرادة فهؤلاء يمارسون الحرفة من خلال العمل اليدوي أو آلات بسيطة بدائية غالبًا.
أما إذا تمت هذه الأعمال على نطاق واسع من خلال مشروع كبير يحتوى على آلات وعمال فإنه يخضع للقانون التجاري لأنه يضارب على العمال وهذه الآلات.
شكل الاحتراف:
يكتسب الشخص صفة التاجر إذا احترف من الناحية الفعلية ممارسة الأعمال التجارية وهذا هو الاحتراف الفعلي، وقد يكتسب الشخص صفة التاجر إذا أدعى هذا الاحتراف من خلال الإعلان عن ذلك في الصحف أو المنشورات أو الإذاعة أو التلفزيون أو غير ذلك من الوسائل ، وهذا هو الاحتراف الظاهري، فالاحتراف الظاهري يكسب الشخص صفة التاجر إذا لم يقم بنفي هذا الوضع الظاهر، ويستطيع الشخص نفى هذه القرينة وبالتالي نفى صفة التاجر إذا أثبت أنه لم يمارس الأعمال التجارية من الناحية الفعلية وهذا هو ما نص عليه قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ في المادة ١٩ حيث نصت على أن تفترض صفة التاجر فيمن ينتحلها بالإعلان عنها في الصحف أو في منشورات أو في الإذاعة أو في التليفزيون أو بأية وسيلة أخرى، ويجوز نفى هذه القرينة بإثبات أن من انتحل الصفة المذكورة لم يزاول التجارة فعلاً .
إثبات احتراف القيام بالأعمال الجارية:
احتراف الأعمال التجارية مسألة واقع يستقل قاض الموضوع بتقديرها لاكتساب الشخص صفة التاجر ويقع عبء إثبات احتراف هذه الأعمال على عاتق من يدعيها سواء كان التاجر أو الغير، لا يخضع لرقابة محكمة النقض لأنها مسألة تقديرية تترك له، أما تحديد الأعمال بأنها تجارية أو مدنية فإنها مسألة قانونية يخضع القاضي فيها لرقابة محكمة النقض . وتحديد بدء احتراف الأعمال التجارية وانتهائه تخضع أيضاً لتقدير قاض الموضوع فهو الذى يحدد المرحلة التي عندها يعتبر الشخص مزاولاً العمل التجاري بصورة متكررة وبالتالي تعتبر بداية الاحتراف، وهو أيضا الذي يقدر توقف الشخص عن ممارسة لأعمال التجارية وبالتالي فقدان صفة التاجر.
وقد استقر القضاء على اعتبار الشخص تاجراً حتى لحظة تسجيل اعتزال التجارة، كما أن ممارسة النشاط فى محل تجارى ليس كافياً لاكتسابه صفة التاجر.
حيث وإن كان التاجر يجب أن يتسم ببعض الصفات والمظاهر التى تكسبه صفة التاجر إلا أن هناك مجموعة من الصناعات والحرف حتى ولو اتخذت ذات المظاهر لا يكتسب أربابها صفة التاجر.
وأن كان من أهم مظاهره هو ممارسة التجارة على سبيل الاحتراف وأن يستخرج سجل تجارى وإن يتجاوز رأس مالة المستثمر عشرين ألف جنية وبالرغم من توافر هذه الصفات فى المهن الصغيرة لا يكتسب أربابها صفة التاجر.
ومن ذلك يتبين أهمية التفرقة فى وصف العمل التجارى من كون صاحبه يكتسب صفة التاجر من عدمه لتحديد نوع العلاقة القانونية التى تنشأ بين المتعاملين عليها من حيث القانون واجب التطبيق والمحكمة المختصة بنظر النزاع.
واستكمالًا لذلك فلقد ورد فى قانون التمويل الاستهلاكى رقم ١٨ لسنة ٢٠٢٠ النص على عدم سريان أحكام قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ بشأن ما ورد بنص المادة الخامسة منه ولقد سبق واستعد تطبيق الصفة التجارية على بعض أعمال البيوع التجارية الخاصة بشركات التمويل الاستهلاكى ومقدمى التمويل طبقا للقانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٥٧.
وأنه قياسًا على ذلك فيستدل من خلاله على عدم انطباق صفة التاجر على كل من يمارس نشاط تجارى خاص بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، حتى ولو كان متعلق بعمله إنشاء إحدى الشركات التى تمارس نشاط خاضع للقانون رقم ١٥٢ لسنة ٢٠٢٠.
وإذ اننا نتمسك بذلك الرأي لأن الصفة التجارية تتحدد بطبيعة العمل، ولا يشترط مضمونة، فطالما به اعتياد يكتسب صفة التاجر، وإن كنا نتحدث من ذلك المنطق فإن طبيعة العمل تتحقق فيها الاعتياد لكن لا يتحقق من خلالها الاحتراف كما أنها تهدف كسبيل لتحقيق هامش ربحي بسيط وليس في ضوء استثمارى أو تجاري وإن كان يمكن التسليم بالأمر كونها صفة متغيره يحدث التغير بشأنها مع تطور وازدهار حجم المشروع ليصبح عمل تجاري متكامل هنا يكتسب صاحبه صفة التاجر.