اطلالة علي الركن المعنوي للجريمة الغير عمدية “الخطأ الغير العمدي “

الأستاذ /عبد الرحمن حسين فؤاد

المحامي وباحث الماجستير جامعة القاهرة

تتكون الجريمة من عدة اركان ولكن مناط حديثنا هنا هو الركن المعنوي الذي يعرف “بالقصد الجنائي ” ويعرف بالتوجيه او الامتناع عن الفعل الذي نتيجته مجرمه.

وينقسم القصد الجنائي الي قصد (عمدي وغير عمدي)

ويتكون القصد الجنائي العمدي من عنصران: –

  • انصراف إرادة الجاني الي ارتكاب الجريمة
  • علم الجاني بتوافر اركان الجريمة

اما عن القصد الجنائي الغير العمدي وهو محل حديثنا هنا حيث الأخير جوهره هو الخطأ الغير عمدي مع ان غير متصور ان يكون الخطأ عمدي فهنا يتحول الخطأ من مصاف الغير عمدي الي قصد جنائي وحتى ان كان الخطأ كان مع توقع فلازال غير عمدي لإحداث النتيجة الإجرامية وعلى ذلك اندرج فقها وعملا على الخطأ مسمي الخطأ الغير العمدي رغم عدم دقة التسمية ولكن جري العرف على ذلك

فالخطأ الغير عمدي هو السلوك الإيجابي او السلبي الذي لا يتفق مع قواعد الحيطة والحذر التي يتطلبها المركز القانوني للجاني.

ويقوم الخطأ الغير عمدي علي عنصران

  • الاخلال بواجب الحيطة والحذر
  • العلاقة النفسية بين الإرادة والنتيجة الاجرامية

ويحتوي الخطأ الغير عمدي على صورتين: –

  • صور عامة
  • صورة خاص

فالصور العامة هي (الإهمال – الرعونة – عدم الاحتراز) والصورة الخاصة (عدم مراعاة القوانين واللوائح والقرارات) ويقوم هذا المعيار على المصادر المستمد منها فكرة الاخلال بواجب الحيطة والحذر

فأولا: – الصور العامة

  • الإهمال

وهو عدم اتخاذ الجاني الاحتياطات اللازمة التي يتطلبها الواجب العام بالحيطة والحذر ولتفادي حدوث النتيجة الاجرامية

  • الرعونة (الخطأ بدون توقع)

هي سوء تقدير او نقص المهارات او الجهل بأمر يتعين العلم به وتنقسم الرعونة الي صورتين

  • الرعونة المادية / اليدوية

وتتحقق بممارسة نشاطا عموما مع الجهل بالتبعيات

  • الرعونة المعنوية / الفنية

وتتحقق بممارسة مهنه او نشاط له أصول وقواعد ولكن لم تتبع او تراعي

  • عدم الاحتراز (الخطأ الواعي /الخطأ مع التوقع)

يتمثل في إتيان الفاعل نشاطا -إيجابيا – خطرا مع العلم بطبيعته ويتوقع لما قد يحدث من اضرار ولكنه لم يتخذ أي من إجراءات الحيطة والحذر

ومن هنا يتبين لنا ان الصور العامة متدرجة من حيث الجسامة ابتدأ من اهمال الي عدم احتراز وبرغم ان قد يتراء بسهولة الامر والتميز بينهم ولكن عمليا يصعب التوضيح بينهم بسهوله لاختلاطهم في الوقائع بشكل يصعب تميز وتكيف الواقعة وتحديد أي من الصور المثار

وعليه قد وحد الفقه والقضاء والتشريع المصري بين كافة الصور للخطأ الغير العمدي وترك الامر في نهاية لتقدير القاضي كل واقعه او جريمة على حدا

ثانيا: – الصورة الخاصة للخطأ الغير العمدي

عدم مرعاه القانون بمعني الواسع الفضفاض وهو الدستور والتشريع العادي واللوائح والقرارات وعليه يخرج الجاني بصورة خاصة عن قاعدة قد نظمت امرا ما او حميت مصلحه مشروعه وعليه يخرج الامر لكونه خطا بالقواعد العامة الي خطا خاص يستوعب عقوبة محددة سلفا بمعيار معين

وعليه تتواجد الصور الخاصة والعامة من الخطأ الغير العمدي وتتساوي الصور في تشريعاتنا المختلفة -المصرية – ولكن تدرج الخطأ يستظل به الجاني لتصل أقصى نوع من العدالة الناجزة وذلك بالإضافة الي المادة 17 من قانون العقوبات حيث تنص على أنه: “يجوز في مواد الجنايات، إذا اقتضت أحوال الجريمة المقامة من أجلها الدعوى العمومية رأفة القضاة، تبديل العقوبة على الوجه الآتي: –

1-عقوبة الإعدام بعقوبة السجن المؤبد أو المشدد.

2-عقوبة السجن المؤبد بعقوبة السجن المشدد أو السجن.

3-عقوبة السجن المشدد بعقوبة السجن أو الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ستة شهور.

4-عقوبة السجن بعقوبة الحبس الذي لا يجوز ان ينقص عن ثلاثة شهور.

وعليه رغم وحدة الصور في نظر المشرع والتكيف الدعوي لكن يصبح الامر هنا بين القضاء الجالس وسلطته التقديرية وبين القضاء الواقف بأثبات ان جسامة الخطأ لم تكن فادحه.

 

زر الذهاب إلى الأعلى