ازدراء الأديان بين حرية التعبير والقانون

بقلم / أحمد ضياء المحامي 

قد انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة ازدراء الأديان، والطعن في الذات الإلهية عبر مواقع التواصل الاجتماعي والكتابات الصحفية والمؤلفات وغيرها والتي يرفضها كافة أطياف المجتمع المصري ويجرمها القانون وذلك للخطر والكراهية وتٱجيج المشاعر بين أبناء الوطن والشعوب وهذا مادعت إلية المنظمات الدولية في الاتفاقات الدولية وقرارات مجلس الأمن بتجريم العنصرية، والتطرف، وتنادي هذه الاتفاقيات الدولية باحترام المعتقدات، وسائر الأديان السماوية، ولذلك نجد مفهوم ازدراء الأديان والتحذير منه في كافة الشرائع السماوية.

ولهذا وحرصا من المشرع علي حرية التعبير مع الحفاظ على عدم الإساءة في استخدام هذا الحق إلي أن يصل الي الازدراء أو الخروج على النظام العام والمساس بأمن وسلامة البلاد والمجتمع قد تضمن قانون العقوبات المصري رقم ٥٨ لسنة ١٩٣٧ اقرار بعض العقوبات عند مخالفة أحكام القانون أو ارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها لذا نجد ان النصوص الخاصة بحرية العقيدة في الدساتير المصرية المتعاقبة انها بدأت في أصلها بالمادتين الثانية عشر و الثالثة عشر من دستور سنة ١٩٢٣ وكانت أولاهما تنص علي أن حرية العقيدة مطلق وكانت الثانية تنص علي أن تحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان و العقائد طقبا للعادات المرعية في الديار المصرية علي أن لا يخل ذلك بالنظام العام ولا ينافي الآداب العامة وظل هذا القانون حتي الغي وحل محلة دستور سنة ١٩٥٦ وادمج النصين في نص واحد تضمنته المادة ( ٤٣) وهو أن حرية الاعتقاد مطلقة وتحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد طبقا للعادات المرعية علي أن لا يخل بالنظام العام أو ينافي الآداب ، الي أن استقر اخيرا في المادة ( ٤٦) من الدستور ونصها تتكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية.

أن المشرع قد وضع في جميع الدساتير المصرية طبقا لما سبق مبدأ حرية العقيدة وحرية إقامة الشعائر الدينية بأعتبارهما من الأصول الدستورية في كل بلد متحضر، في عام ١٩٨١ أثناء النزاع الديني في أحداث الفتنة الطائفية في الزاويه الحمراء تم تعديل قانون العقوبات المصري لحظر إهانة الأديان.

لذلك يجب ممارسة حرية التعبير عن الرأي داخل القواعد والنظم القانونية ذلك ماينص علية الدساتير والقوانين والأعراف، وأنه لا يجوز التضحية بمصلحة المجتمع أعمالا لحرية الفرد.

لذا نجد أن للقضاء كلمة في ذلك في حكم محكمة القضاء الإداري ما يتعلق بالطعن في قرار مدير عام الرقابة الصادر في ٢٢ يناير ١٩٥٩ بمصادرة ( كتاب الدين والضمير ) ذهبت المحكمة في حكمها الي أن مما تقدم أن كتاب الدين والضمير يخالف الدين وتعاليمة وأحكام الشرع حيث أورد فيه المؤلف ما يعتبر دعوي الي الإلحاد وعدم الاعتداد بالاديان السماوية ، وهنا يظهر دور الرقابة من الدولة علي المؤلفات ويظهر موقف القضاء من جرائم النشر .

كما أيضا يتضح موقف القضاء من جرائم النشر الالكتروني والقنوات الفضائيه وذلك يتضح في احكام محكمة القضاء الإداري الصادر بتاريخ ٢٧/١١/٢٠١٠ في القضية رقم ٤٨٦١ لسنة ٦٥ ق ، حيث قررت المحكمة أن قرار جهة الإدارة بوقف بث قناة فضائية لحين إزالة المخالفة ومن ثم يكون القرار المطعون فيه وفي شقة المتعلق بالقناة قد صدر قائما علي صحيح سببه وسنده من القانون مبراء من عيوب عدم المشروعية بما لا يكون معه تخلف بما لا جدوي معه لبحث ركن الاستعجال الأمر الذي يتعين معه الحكم برفض وقف التنفيذ ،ويتضح أن المحكمة قد أيدت طبقا للقواعد القانونية قرارا جهة الإدارة في وقغف البث حتي إزالة المخالفة والتي تتعلق بنشر اراء من شأنها الاسائة وازدراء الأديان.

ويتضح ذلك أيضا في احكام كثيرة للقضاء المصري ومنه حكم محكمة القضاء الإداري بتاريخ ٩ / ٢ / ٢٠١٣ في الدعوي رقم ٦٠٦٩٣ لسنة ٦٦ ق والذي تضمن حكم المحكمة بوقف جميع المواقع الإلكترونية التي شاركت في بث فيلم يسئ للإسلام والمسلمين ، لذلك أن القانون المصري والقضاء معا والجهات الرقابية تعمل علي احترام المعتقدات الدينية وعدم ازدراء الأديان والعمل علي حرية التعبير في الضوابط والشروط التي تتوافر معاها عدم الاخلال بالنظام العام

زر الذهاب إلى الأعلى