إن الأصول عليها ينبت الشجر {٢}
أحمد بسيوني
أردتُ فيما قلتهُ بالأمس أننا إن أردنا لنقابتنا مجداً بقوتنا بنيناه، وإن أردنا لها هدماً بفُرقَتِنا فَعَلناه، ولم أكن أبداً أستعرض تاريخى، فما زلتُ على الساحة موجودا، وإنما أستعرض قوتكم حال وحدتكم، ووقفتكم خلف نقابتكم، ابتغيت منه بعثاً جديداً لنقابتنا وتاريخها ودورها، وهذا أبداً لن يكون إلا بوحدةٍ صادقة، فلقد عدنا فريقين إن لم نكن ثلاثة متخاصمين غير متحابين، هُنَّا على أنفُسِنا، فَهُنَّا على الآخرين. إننى لا أناديكم لأن نَتَجَبه ضد أحد، فقط أناديكم لأن تقرءوا التاريخ من سعد زغلول، أول من اصطنع وكالة المواطنين للمحامين لتتذكروا دوماً أنكم وكلاء الناس، وتتذكروا أنكم أكبر حزبٍ بالبلاد.. كان هناك النقيب المسلم، والنقيب المسيحى، وكان هناك البرادعى والخواجة، كل منهما من اختيار المحامين.. وهناك الآن سامح عاشور، وهو أيضا من اختيار المحامين، فما الذى جرى؟ يحدثكم الجيل الذى لَحِقَ بالنقيبين، البرادعى والخواجة، وأنا منهم، عن شموخ المحاماة، وعظمة النقابة، وهذا لا يُنكَر، ذلك كونهم كان خلفهم محامون مؤمنون بالمحاماة وبالنقابة، ليس لديهم تشكيك ولا تخوين.
لقد بدأت المحاماة فى عام ١٩٧٤ وعدد أساتذتى بالمحافظة لا يتجاوز ١٥٠ محامياً، كل منهم مدرسة. فالقيم نقابة بذاتها. أما نحن، فقد أغلقنا قلوبنا وأبوابنا فى وجه شبابنا، فلم يجدوا من يأخذ بأيديهم، أو يوجههم، أو يعلمهم تاريخ نقابتهم، فهل نظل على هذا الدرب سائرين، أم وجب علينا أن نفيق ونستعيد الذكريات، ونكتب لأبنائنا تاريخنا المجيد ونحيي معهم الأصول التى كادت تغيب تخليداً للمحاماة وهذا أبداً لن يكون إلا بإخلاصٍ ويقين؟ دعكم من الفُرقه، انبُذوا الخلاف، لا تسيروا خلف أعداء النجاح، انظُروا لموقع نقابتنا بين النقابات.. نحن كَتَبة الدساتير، نحن شركاء الوطن فى كل المقادير، نريد أن نستعيد قوتنا لنتمكن من أن نقوم بدورِنا مع الوطن الذى كان مخطوفاً ولا يزال الإرهابيون يحاولون. إنكم يا سادة رداء الوطن، ولسان حاله، لا تجعلوا العِقدَ منا ينفرط. أما مِصرُ، فإنها آمنة بقول رب العزة (ادخُلوا مِصرَ إن شاء الله آمنين).. علينا دورنا نؤديه، ولدينا تاريخنا نستدعيه، ولدينا أصول عليها تنبت أشجار العزة والفخار.
استقيموا يرحمكم الله.