إن الأصول عليها ينبت الشجر
أحمد بسيوني
حينما بدأت كتابة هذا المقال، وجدته قد طال منى لعدة صفحات. ولعلمى أن الوقت عند الناس لم يعد يتحمل تلك المتابعات الطويلة، فقد ارتأيت احتراما لهم تقسيمه إلى مقالات ثلاث ولنبدأ بالأولى : –
حينما كنت نقيباً للمحامين بالبحيرة من عام 2001 حتى منتصف 2011 ، كنت حريصا على ألا يقتصر عملي النقابي على الخدمه النقابية فقط، بل يجب أن تصل رسالتي أيضا إلى المواطنين، قبل المحامين. فالعمل النقابى هو ذاته عمل سياسى، وليس بلازم أن تكون صاحب مقعد فى حزب أو تيار، لأن نقابة المحامين تحتوي كل الأحزاب والتيارات، ولا يحتويها أبداً حزب أو تيار .
ولا أزعم أنني كنت ضد النظام، بل العكس كانت علاقتى جيدة بكل الأجهزة، حتى أتمكن من أداء دوري مع زملائي في كل المحافل، ولكوني أعلم أن لدى شريحة من الزملاء على غير وفاق مع النظام، فكانوا يحاولون اختبار قوتي، ويطلبون منى دعوة بعض رموز المعارضة، فقلت لهم: من لم يجد منهم مكانا يحميه، فإن منصة النقابة تؤويه، وإلا فلا قيمة لها، بشرط ألا يمسوا حدود وأركان الوطن.
فدعوت الأستاذ الدكتور المرحوم عبد الوهاب المسيرى، رئيس حركة كفاية، حينها، فى عز معارضتها للنظام، وهو من أكبر عائلات دمنهور، ويومها طلب منى المحافظ المحنك السياسى، أحمد الليثى – الذى لم يحدثني بشأن دعوته مرة واحدة – أن يلقاه، وذهب إليه باستراحته، ثم عاد على موعده، ووقف على منصة النقابة، وأفرغ كل ما لديه بحكمة ولغة سياسى محنك، بعد أن قدمته بما يليق به، واكتظت القاعة والشوارع المحيطة بمبنى النقابة بالآلاف من المواطنين الذين يخافون أن يتنفسوا، بالرغم من أن الأمن بكامله كان موجودا حارساً للقاء و لم يعتد على أحد. وكانت تلك هى الرسالة الواضحة للمواطنين، وهى التى تهمنى أن هنا نقابة المحامين.
وهكذا، حدث مع الدكتور محمد سليم العوا، وكان أيامها يزعم أنه معارض فقط، ثم استبان فيما بعد أنه إخواني، ودعوت أيضا دكتور عمرو الشوبكي، وكان فى بداياته لا يزال مستأنساً يرغب فى الخروج، ثم دعوت حمدين صباحى، بناء على مطلب زملائي. وبعد أن قدمته، فوجئت ببعض من فى القاعة من الإخوان بهتافهم المعتاد: الله أكبر ولله الحمد، وإذا بالإخوانى جمال حشمت، وكان زميلاً لحمدين فى مجلس الشعب، يدخل وسط هذا التهليل، ولم أكن قد دعوته، ويعلم أننى لا أحبه، وإذا بحمدين يتوقف عن الحوار، ويناديه بصوته وبيده مرحباً مستدعياً إياه للصعود إلى المنصة، فتأكدت أنه اتفاق مرتب بينهما، مما اضطرنى لمنع حشمت من الصعود، وأمرته بالخروج من القاعة، وانتزعت الميكروفون من حمدين الذى اعترض مهددا بالانسحاب، فقلت له: أنت الخاسر، وأنا صاحب الدار، وخرجا معا، وسط تهليل المحامين والمواطنين انتصاراً لموقفي.
ودعوت أيضا الصحفى مصطفى بكرى، وكان يومها فقط صاحب جريدة الأسبوع، وكان إبَّان ذلك تارة هنا وتارة هناك، محاولا إيجاد مكان له بالساحة السياسية، وقد كان، وهو الآن ملء السمع والبصر .
وللحديث بقية، ودمتم محترمين.