إعلان القاهرة وتسريح المسلحين الليبيين في القانون الدولي

 

بقلم الدكتور/ وليد محمد وهبه المحامي

بعد المبادرة الهامة التي أعلن من خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية والقائد الأعلى للقوات المسلحة، بشأن حل الأزمة الليبية والتي تضمنت إعلان القاهرة لوضع حل للأزمة، وتضمنت أهم بنوده تفكيك المليشيات العسكرية وتسريحها وتسليم سلاحها.

كما أكد سيادته على رفض التدخل الاجنبي في ليبيا، وهذا يعنى أن اتفاق العناصر الليبية لن تشرف عليه أي جهة دولية أو قوات تحالف أممية مما يلقى بحمل تنفيذ هذا الالتزام على عاتق الأطراف الليبية، خاصة وأن تنفيذ هذه العملية من الأمور المتعلقة باستقرار الأوضاع الداخلية وإعادة الحياة الديمقراطية ووقف احتمال الحروب الأهلية أو ما يسمى النزاعات المسلحة غير الدولية.

قد سبق وأن حدثت مثل هذه الاتفاقات في نزاعات دارفور وحرب الكونغو الأهلية ونجحت وحققت نتائج في استقرار الأوضاع الداخلية، وإن العناصر المسلحة أو ما تسمى بالميلشيات العسكرية نظرا لانتمائها الأيديولوجي لا يكون من السهل حملها على تسليم سلاحها إلا بالإجبار، فهناك أنواع من المليشيات المسلحة منها ما يكون من مدنين انضموا إلى هذه المليشيات نظرا لحاله الحرب وتفشي البطالة وكان هدفهم هو حماية منشآت الدولة الرئيسية، وهؤلاء لا يشكلون خطر نظرا لعدم خبرتهم العسكرية واقتصار تسليحهم على الأسلحة الشخصية فقط.

أما النوع الثاني وهو الأهم، ويتكون من ميلشيات حربية من الذين خدموا في الجيش وانخرطوا في هذه المليشيات ولديهم خبره بالحرب وحمل الأسلحة الثقيلة وهؤلاء يجب اقناعهم برجوعهم إلى الخدمة العسكرية في جيش وطني واحد وتسليمهم لأسلحتهم وإعادة توزيعهم على أسلحة وأماكن متفرقة لضمان عدم تجمعهم مرة أخرى.

أما النوع الثالث والأخير، هو الميلشيات العقائدية، وهذا أخطر أنواع المليشيات لأنه ينتمي لتفكير سياسي وديني متشدد وهذا ليس من السهل أن يقوم بتسليم سلاحه لكن من الممكن تقليل أعدادهم بحسب الاتفاق مع شيوخ القبائل التابعين لها، مما يضمن لهم فيما بعد تمثيل سياسي من مختلف الطوائف، كما أشار سيادة الرئيس السيسي في كلمته.

إن تحقيق هذا الأمر يتطلب وضع برنامج أمني خاص بإعادة هيكله القطاع الأمني نظرا لسقوطه طيلة سنين ليتولى الحفاظ على الأوضاع الداخلية وتطبيق الاتفاق ووضع عقوبات على المخالفين ومواجهتهم لو لزم الأمر.

كما أنه يجب وضع برنامج لنزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج، وهذا ما هو إلا واحد من العديد من عمليات التدخل لتثبيت الاستقرار بعد النزاعات، وعليه فإنّه لا بد من التخطيط والتنسيق له بدقة كجزء من جهود سياسية وإنشائية أكبر تحدث بذات الوقت.

– يجب أن تتعامل عمليات نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج بشكل كامل مع جميع أوجه نزع السلاح وضبط وإدارة الأسلحة، فبينما يركز برنامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج على الاستقرار الفوري للأمن في دولة ما من خلال عملية نزع السلاح، فإن الاستقرار على المدى البعيد لا يمكن أن يتحقّق إلا من خلال برامج مسؤولة ومدروسة بعناية لإدارة الأسلحة.

– يجب أن تدعم برامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج عملية تحويل المقاتلين إلى مواطنين منتجين، هذه العملية تبدأ في مرحلة التسريح حيث يتم خلالها تفكيك بنية القوات أو المجموعات المسلحة ومن ثم ينال المقاتلون الوضع المدني بشكل رسمي.

– برامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج مصمّمة لتحقيق إدماج مستمر، ولكنها لا تتمكن من ذلك بمفردها، وعليه فإن برامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج يجب أن تكون ترتبط بعملية أكبر من التنمية وإعادة البناء الوطني.

أخيرا أن يتم تحديد مناطق منزوعة السلاح لضمان عدم العودة مره أخرى لأي اشتباكات مع أطراف مسلحة، وأن أي فئة أو جماعة تحاول اختراق هذا الحظر يتم التعامل معها أمنيا كفئة خارجة عن القانون وليس نزاع مسلح داخلي، وإن هذا البرنامج هو الذي وضع باتفاقيات جنيف الأربع لعام ١٩٤٩وبروتوكول جنيف الثاني لعام ١٩٧٩والخاص بالنزاعات المسلحة غير الدولية.

كما أن إعلان القاهرة وتوقيع الأطراف عليه وتصديقهم على ما جاء به يعتبر اتفاقية دولية ملزمة للأطراف للعمل بها حتى لا يحال أمر إخلال الأطراف باتفاقهم وحينها تتدخل منظمة الأمم المتحدة للحفاظ على السلم والأمن الدولي داخل البلاد، وهذا ما  كان يهدف استبعاده بإعلان القاهرة.

زر الذهاب إلى الأعلى