إختلاف أثر عيب عدم الإختصاص فى القرار الإداري

المستشار الدكتور / إسلام إحسان  – نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية

 

يلزم لصحة القرار الإداري أن يستجمع أركاناً خمسة كالتالي : الاختصاص ، والشكل ، والسبب ، والمحل ، والغاية ؛ وبناء على ذلك يتعيب القرار الإداري ويكتسي بعدم المشروعية حال انتفاء أحد هذه الأركان.

عيب عدم الاختصاص هو عيب يلحق  بركن الاختصاص في القرار الإداري ، و معناه عدم الأهلية القانونية لسلطة فى إتخاذ قرار لا يدخل ضمن صلاحيتها لأن القانون أناط بسلطة أخرى الإختصاص بهذا القرار ، و عيب عدم الإختصاص هو الوجه الوحيد من عيوب عدم المشروعية المتعلق بالنظام العام ، و لذلك لا يجوز تصحيحه أو إجازته لاحقاً من السلطة الإدارية المختصة قانوناً بإصداره ، بل يجب صدور قرار جديد بإجراءات جديدة تتوافر فيه شروط القرار الإدارى الصحيح ، بحسبان أن العبرة فى صحة القرار الإدارى بالوقت الذى صدر فيه القرار لا فى أى وقت لاحق  .

و قد درج الفقه على تقسيم عيب عدم الاختصاص إلى عيب عدم اختصاص جسيم ، وعيب عدم اختصاص بسيط ، و الفارق بينهما جوهرى فالأول يؤدى إلى إنعدام القرار ، و الثانى يؤدى إلى بطلان القرار ،  وينصرف عيب عدم الاختصاص الجسيم  إلى أحوال المخالفة الصارخة للقواعد القانونية التي تحدد أصحاب الصلاحية القانونية لإصدار القرار الإدارى ، بحيث يغدو القرار منعدماً من الناحية  القانونية؛ فلا تلحقه أية حصانة بفوات مواعيد الاعتراض عليه، ولا يُشترط التظلم منه قبل الطعن عليه ، و القاضي الإدارى في فحصة لمشروعية القرار الإداري من حيث الاختصاص لا ينتظر دفعاً من الخصوم ؛ فقواعد الاختصاص تتعلق بالنظام العام؛ حيث تتعرض لها المحكمة من تلقاء نفسها، ولا يجوز الاتفاق على مخالفتها، ويجوز إثارة الدفع بها في أي مرحلة من مراحل الدعوى الأمر الذي يتعين معه على المحكمة أن تكشف عن بطلانه وتحكم بإلغائه دون النظر في استيفاء الدعوى لشروطها الشكلية الإجرائية.

و من المستقر عليه أن من حالات عيب عدم الاختصاص الجسيم صدور القرار الإداري عن شخص لا يحمل صفة الموظف العام – مع مراعاة نظرية الموظف الفعلي – فيعد حينئذ عمل مادى معدوم لا يكسب صاحبه حقاً و لا تلحقه حصانة ،  واعتداء السلطة الإدارية على اختصاصات السلطة التشريعية ، أو على إختصاصات هيئة قضائية ( النيابة الإدارية ) أو المحاكم ، وكذلك اعتداء سلطة إدارية على سلطة إدارية أخرى منبتة الصلة بها موازية لها مثل اعتداء وزير على اختصاصات وزير أخر ، و اعتداء الهيئة القضائية على إختصاص السلطة الإدارية ، يبقي لقاضي المظالم تقدير ذلك في ضوء المنازعة المطروحة.

ومن تطبيقات القضاء الإداري المصري ولما كان من البين أن القرار محل الطعن بتعديه على اختصاص النيابة الإدارية و هى هيئة قضائية مستقلة تختص وحدها بالتحقيق فى المخالفات المالية ؛ يكون معيباً بعيب عدم الاختصاص الجسيم . ومن ثَمَّ يكون إجراءً معدوماً لا يرتب أثراً                ( المحكمة الإدارية العليا – الطعن رقم 763 لسنة 45 ق عليا – جلسة 19/1/2003 ) ، و أن مخالفة قرار الجزاء للقانون هي مخالفة جسيمة تنحدر به إلى العدم بعد أن غصبت جهة الإدارة سلطة هيئة قضائية هي النيابة الإدارية ، و يتعين على المحكمة التأديبية أن تستظهر ذلك باعتباره مسألة أولية من المسائل المتعلقة بالنظام العام الذي يقوم على حماية الشرعية وسيادة القانون والتي تنطوي عليها ولاية المحاكم أيا كان نوعها أو درجتها. ( الطعن رقم 5273 لسنة 42 ق جلسة 17 ديسمبر 2000 صـ 325 ، الطعن رقم 4495 لسنة 39 بتاريخ 13/11/1999 الدائرة الرابعة ) ، و كذلك الإفتاء رقم 1296 الصادر بتاريخ 30/9/2018 ، و رقم 830 الصادر بتاريخ 5/6/2018 بإنعدام قرارات الجزاء الصادرة عن لجان التأديب بالنيابة الإدارية لإختصاص الجهة الإدارية بإصدار تلك القرارات .

وعيب عدم الإختصاص البسيط فهو الأكثر شيوعاً فى مجال العمل الإدارى ، و يقوم على أساس مخالفة قواعد توزيع الإختصاصات بين السلطات الإدارية المختلفة داخل الجهة الإدارية ، مثل إعتداء سلطة إدارية دنيا على إختصاص سلطة إدارية أعلى منها دون تفويض ، أو العكس إعتداء سلطة إدارية أعلى على سلطة أدنى منها ، فإذا حجز القانون الأختصاص للمرؤوس فلا يجوز للرئيس أن يتعدى على ذلك الإختصاص ، أو صدور القرار من موظف زالت صفته الوظيفية ، أو صدور القرار بعد إنتهاء الأجال المقررة قانوناً لإصدار القرار ، و عيب عدم الإختصاص البسيط يؤدى إلى بطلان القرار و ليس إنعدامه ، و هو ما يتحصن بمضى المدة المقررة قانوناً لسحب القرار أو إلغائه .

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى