أنواع العقود وأسباب بطلانها

 

بقلم: أ. أحمد حامد

أولا: تعريف العقود وأنواعها

العقد هو توافق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني، سواء كان هذا الأثر هو إنشاء التزام أو نقله أو تعديله أو إنهاءه.

وتنقسم العقود إلى عقود مسماة وعقود غير مسماة نستعرض تعريف كل منها فيما يلي:

أ- العقود المسماة

هي تلك العقود التي خصها القانون باسم معين، ونظمها لشيوعها بين الناس، وهي إما أن تقع على الملكية، كالبيع، والمقايضة، والهبة، والشركة، والقرض، والصلح، وإما أن تقع على المنفعة، كالإيجار وعارية الاستعمال، وإما أن تقع على العمل، وهي المقاولة، والتزامات المرافق العامة، وعقد العمل، والوكالة والوديعة والحراسة.

ويضاف إلى ذلك عقود الغرر، وهي المقامرة، والرهان، والمرتب مدى الحياة، وعقد التأمين، ثم عقود التأمينات الشخصية والعينية، وهي الكفالة ورهن الحيازي والرهن الرسمي.

ب – العقود غير المسماة

هي التي لم يوضع لها اسم خاص في القانون ولم يرتب لها التشريع أحكاما خاصة بها، وإنما استحدثها الناس تبعا لحاجة ما، وهي كثيرة لا حصر لها، لأنها تنشأ بحسب تعدد حاجات الناس وتطور المجتمعات وتشابك المصالح، أو بعبارة أخرى هي تلك العقود، التي لم يخصها المشرع باسم معين، ولم يقم بتنظيمها، وذلك لقِلة شيوعها.

وطائفة العقود المسماة في تطور مستمر، فقد يصبح عقداً من الشيوع بأهمية إلى درجة توجب تنظيمه، فيتدخل المشرع، منظماً له، وينتقل بذلك من العقود غير المسماة إلى العقود المسماة، وهذا ما فعله المشرع حين نظم عقد التأمين.

وإذا كان من المستحيل تعداد العقود المختلفة، فإنه من الممكن على الأقل وضع تقسيمات مختلفة لها، وذلك بقصد بيان ما تتخصص به كل طائفة منها.

ومن أمثلة العقود غير المسماة العقد الذي تتعهد بموجبه دار النشر بطبع كتاب لمؤلف معين، وعقد المباريات الرياضية، وعقد الإعلان وغيرها.

ثانيا: بطلان العقد

البطلان هو الجزاء الذي قرره القانون عند تخلف ركن من أركان العقد (التراضي – الشكل في العقود الشكلية – المحل – السبب) أو شرط من شروط الصحة (الأهلية – سلامة الإرادة)، والعقد الباطل هو العقد الذي لا تتوافر فيه مقومات وشروط العقد الصحيح فلا يقوم العقد صحيحا إلا إذا استجمع أركان انعقاده من رضى ومحل وسبب والشكل في حالة اشتراط القانون أو الاتفاق شكل محدد للانعقاد.

الفرق بين البطلان وعدم النفاذ:

العقد غير النافذ هو عقد صحيح فيما بين أطرافه وينتج كافة إثارة القانونية بينهما ولكنة لا ينفذ في مواجهة الغير، والمقصود بالغير في أحكام القانون هو كل أجنبي على العقد.

الفرق بين البطلان والفسخ:

الفسخ جزاء يرتبه القانون على عدم تنفيذ أحد طرفي العقد لالتزامه، فالعقد ينشأ صحيحا وينتج إثارة بين طرفيه إلا أن أحد أطرافه لا يقوم بتنفيذ التزامه فيكون للمتعاقد الآخر طلب فسخ العقد لكي يتحلل مما علية من التزامات.

والبطلان نوعان فهناك البطلان المطلق والبطلان النسبي:

فاذا تخلف أحد أركان العقد كان العقد باطل بطلان مطلق، وذلك لخطورة العيب الذي شاب العقد، وأما في حالة تخلف شرط من شروط الصحة كان البطلان نسبيا وذلك لأن العيب الذي شاب العقد أقل خطورة، ويكون العقد قابل للإصلاح والإجازة من قبل المتعاقدين.

والعقد الباطل بطلان مطلق يعتبر غير موجود قانونا فهو والعدم سواء، لتخلف ركن أو اكثر من أركان انعقاده، كمثال على ذلك إذا انعدم الرضا أو تخلف المحل أو السبب أو كانا غير مشروعين أو إذا لم يتخذ العقد الشكل الذي اشترطه القانون أو الاتفاق لانعقاده، والعقد الباطل بطلا نسبي يعتبر صحيحا وتترتب علية إثارة إلا أنه معيب ويمكن أن يقضى ببطلانه.

ويمكن تحديد البطلان ما إذا كان مطلق أو نسبي من وجهة أخرى وه طبيعة المصلحة محل الحماية:

أ- فالبطلان المطلق يتقرر إذا انطوى إبرام العقد على مخالفة قاعدة تستهدف حماية مصلحة عامة.

ب- يتقرر البطلان النسبي إذا انطوى العقد على مخالفة قاعدة تستهدف حماية مصلحة خاصة.

حكم العقد الباطل والعقد القابل للإبطال:

1- يقع العقد باطلا إذا تخلف ركن من أركانه فهو لا يقوم أصلا لأنه لم ينعقد أصلا ولا وجود له شرعا ولهذا لا يرتب أثارا في الحال والاستقبال ويجوز لأي من طرفيه أو ذي مصلحة أن يتمسك ببطلانه والامتناع عن تنفيذه وللمحكمة أن تقضي ببطلانه من تلقاء نفسها ولا يجوز إجازته.

2-العقد القابل للإبطال أو الباطل بطلانا نسبيا هو عقد توافر له كل أركانه ولكن تخلف فيه شرط من شروط الصحة، فمثل هذا العقد ينشأ ويلزم أطرافه ويرتب إثارة ولكن يجوز للمتعاقد الذي تقرر البطلان لمصلحته بسبب نقص أهليته أو تعيب إرادته أن يطلب إبطاله.

حالات البطلان المطلق:

1- إذا انعدم الرضا، كما لو تم إبرام العقد عن طريق شخص عديم الأهلية غير مميز أو مجنون.

2- إذا كان المحل غير موجود أو مستحيل أو غير مشروع أو غير معين أو غير قابل للتعين.

3- إذا تخلف السبب أو اتسم بعدم المشروعية.

4- إذا تخلف الشكل الذي تطلبه القانون كركن في العقد، كما هو الحال في اشتراط الرسمية لإبرام الرهن الرسمي وهبة العقار.

5- إذا ورد في القانون نص خاص يقضى بالبطلان المطلق.

حالات البطلان النسبي:

1- إذا كان أحد المتعاقدين ناقص الأهلية كالصبي المميز والسفيه وذي الغفلة.

2- إذا شاب رضاء أحد الطرفين عيب من عيوب الإرادة كالغلط والاكراه والتدليس.

3- إذا ورد في القانون نص خاص يقضى بالبطلان النسبي لقاعدة كما في حالة بيع ملك الغير حيث يكون للمشترى طلب إبطال العقد.

بطلان عقد البيع لا يعني بطلان الاتفاق، الحكم برد وبطلان عقد البيع لا يعني بطلان الاتفاق ذاته جواز إثباته بالطرق الأخرى المقبولة قانوناً.

فقضت محكمة النقض في ذلك بأن:

“من المقرر – و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن الحكم برد و بطلان عقد البيع إنما يعنى بطلان الورقة المثبتة له، و لا يعني بطلان الاتفاق ذاته، ومن ثم لا يحول دون إثبات حصوله بأي دليل آخر مقبول قانوناً، كما أنه متى قدم الخصم ورقة في الدعوى فإنه يكون متمسكاً بما لهذه الورقة من قوة في الإثبات، فإذا استبان لمحكمة الموضوع من الورقة وجود مبدأ ثبوت بالكتابة، فلها – إعمالاً للرخصة المخولة لها بالمادة 70 من قانون الإثبات – أن تأمر من تلقاء نفسها بالإثبات بشهادة الشهود.

وإذ لا يتطلب القانون بيانات معينة في الورقة لاعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة، ويكفي أن تكون صادرة من الخصم الذي يحتج عليه بها وأن تجعل التصرف المدعى به قريب الاحتمال.

لما كان ذلك، و كان الثابت بالأوراق أن الطاعن تمسك بدفاعه أمام محكمة الموضوع بصحة واقعة البيع ، و دلل على ذلك بمحافظة المستندات المقدمة منه بالجلسة الختامية و أثناء حجز الاستئناف للحكم والتي طويت على إقرار المطعون ضدها بحصول البيع و المؤرخ 20/1/1990 وتنازل زوجها عن رخصة المخبز و قيد المحل باسمه في السجل التجاري و تحرير عقود العمل باسمه، مما يعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة تجعل الواقعة المدعى بها قريبة الاحتمال ، و إذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه برفض الدعوى على سند من ثبوت بطلان عقد البيع المؤرخ 16/9/1989 – المقدم من الطاعن –والمنسوب صدوره من المطعون ضدها و خلو الأوراق من سند آخر لواقعة البيع دون أن يعرض للمستندات سالفة البيان وقوتها التدليلية وهو ما حجبه عن استعمال الرخصة المخولة له بالمادة 70 من قانون الإثبات، و أدى به إلى عدم مواجهة دفاع الطاعن المشار إليه بوجه النعي ، كما أنه لا يتضمن ما يسوغ رفضه و الالتفات عنه على الرغم من أنه دفاع جوهري من شأنه –لو ثبت–أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى ، فإنه يكون مشوباً بالقصور والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه”.

(الطعن رقم 3941 لسنة 67 ق – جلسة 10/3/2010)

زر الذهاب إلى الأعلى