أنا تافه.. إذًا أنا مشهور!
بقلم: محي النواوي
علي غرار مقولة الفيلسوف الفرنسي “ديكارت”: “أنا أفكر، إذًا أنا موجود”، أستعرض مقالي اليوم “أنا تافه، إذًا أنا مشهور”!.
بل وإذا كنت أكثر تفاهة ستكون أكثر شُهرة، وإذا كان المحتوى المعروض على شاشات التلفاز وموقع اليوتيوب تافه وسخيف ستكون نسب المشاهدة بالملايين، وكلما كانت المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي بلا هدف، ستتهاطل عليك الإعجابات من جميع الجهات وستحظى بتعليقات مديح لا نهاية لها.
للأسف باتت تلك معالم مشهد مؤسف يتكرر كل يوم “لا هدف ولا رؤية” والنتيجة انهيار الحاضر وتدمير المستقبل.
إن تسابق مجموعة كبيرة من الشباب في مارثون التفاهة أمر يدعو للقلق، بل وصل الأمر بهم إلى من ستتأهل تفاهته إلى القمة وكأننا في كأس العالم للتفاهة.
وعلي الجانب الآخر إذا وجدنا محتوي ثقافي أو توعوي سواء كان مسموعًا أو مرئيًا أو مقروءًا فستكون نسبة المستمعين والمشاهدين والقارئين له محدودة!.
إن مؤشر قياس عدد التافهين مقارنة بعدد العاقلين مؤسف للغاية فالتفاهة اتخذت منحى الصعود والعقلانية اتخذت منحى الهبوط.
يا لبؤس التاريخ الذي أتى اليوم الذي نرى فيه استثمار التفاهة، وإفلاس العقل، وازدهار الجهل، واختفاء المعرفة!.
إنني واحدًا من مؤيدي الترفيه، وأخذ قسط من الوقت بعيدًا عن المعرفة وهموم البحث والاطلاع، لكن قد أختلت الموازين وأصبحنا نأخذ قسطًا من الوقت بعيدًا عن هموم السفه والتفاهة، وكثيرًا من الوقت بعيدًا عن المعرفة.
يا لها من مفارقة مذهلة.. عندما يكون ما له قيمة “أسفل” ومن ليس له قيمة “أعلي”!
أصبحنا في زمن “التيك توك” بعد أن كنا في زمن أحمد شوقي، وحافظ إبراهيم، وإبراهيم ناجي، وطه حسين، ونجيب محفوظ، والعقاد وكثيرون.
وبات الوضع بكل أسف “أنا تافه.. إذًا أنا مشهور” وإذا كنت غير ذلك ستكون بمثابة كائن فضائي هبط علي كوكب الأرض.
إننا بحاجة إلى إعادة العقلانية حان الوقت لكي نقول: حتي هنا وكفى.
إن بناء المستقبل الفكري لن يكون بالسفاء بل سيكون بالعقلاء.
إن التأثير في الآخرين لن يكون بأبليكيشن التيك توك، بل سيكون بأبليكيشن الثقافة، إننا بحاجة لأن تعود مرة أخري مقولة “ديكارت”: “أنا أفكر .. إذًا أنا موجود”.